الكاتب انيس منصور لا يستطيع صائد اصطياده ... فهو مصنوع من مادة عالية اللزوجة ... لا يستطيع أحد الامساك بأفكاره أو اتجاهاته الكتابية أو (مواقفه) ... ولذلك فمن المؤكّد أنّ موعد زيارته المضروب للسودان قد انزلق على هذه اللزوجة! الاستاذ أنيس منصور فى كتابه (حول العالم فى 200 يوم) ذكر السودان بنكهة مميّزة ... فالرجل قال انّ (أضبط) فنجان قهوة شربه حتى لحظة كتابه هو ذلك الفنجان الذى احتساه فى مطار الخرطوم! سارت رحلة أنيس منصور فى الكتابة كما لم تسر رحلات الآخرين ... فقد بدا رحلته فيلسوفا او أقرب لذلك وانتهى صحافيا ... بينما لو أتيحت قراءات أنيس لآخرين لبدأ الواحد منهم صحفيا وانتهى فيلسوفا ... وعلى كل حال فأكثر ما يميّز مؤلفاته هو قدرته على المشاهدة ... فهو يشاهد ما لا يشاهده الآخرون ويستنتج من مشاهداته ما لا يستنتجه الآخرون ... وعليه فانّ الكلمة الواصفة لأدب أنيس منصور هو أدب المشاهدة ... وهو ما أهّله لموقع متميز ليس هو (شاهد على العصر) انّما (مشاهد فى العصر)! اشتهر عن أنيس منصور فى أوّل أيام شهرته أنّه ضد اسرائيل والاسرائيليين و(الاسرائيليات) ... فقدّم من كتبه (وجع فى قلب اسرائيل) و(الصابرا) وهو الكتاب الذى توقّّع أن تكون نهاية الصهيونية على يد الجيل الجديد فى اسرائيل ... وقد رافق أنيس الرئيس السادات فى رحلته المشهورة الى الكنيست الاسرائيلى وقد قال قبلها انّه زار كل العالم ما عدا اسرائيل ودمياط ... ونتمنى له أن يكون قد استطاع زيارة دمياط! دليل بائن على الاسلوب اللزج لأنيس منصور هو أنّه فى حوار تلفزيونى مع المحاور طارق حبيب طلب منه تعريف نفسه فقال طارق : أنيس منصور هو ... فأكمل أنيس : هو صحيح الهوى غلاب ... وهى أغنية لأم كلثوم ... فبثت الأغنية دون أن يبث أنيس من هو! يوم سمايتى وضع المجتمعون أربعة خيارات لاسمى أحدهم أنيس ... فاختاروا غيره ولو كانوا اختاروه وبما انّ اسمى الثالث منصور لكان كاتب هذا العمود انيس منصور!!