أمس الأول السبت قدم الأستاذ حامد محمد حامد شرحا وافيا في هذه الصحيفة بعنوان (حركة الانتخابات البرلمانية .. نصف قرن في السودان) استعرض فيه تاريخ وظروف الانتخابات التعددية التي جرت في السودان ابتداء من الإنتخابات التي سبقت الاستقلال عام 1953، وحتى الانتخابات التي أعقبت الانتفاضة العام 1986م. لم تخل الانتخابات السابقة من المشاكل: في أول انتخابات (1953) التي حصل الحزب الوطني الاتحادي على الأغلبية حصد (53) مقعدا من مجموع مقاعد البرلمان ال(97)، وحصل حزب الأمة على (22) مقعداً، كان التدخل المصري غير مخفي. وقيل إن تلاعبا حدث في توزيع الدوائر الانتخابية بالإضافة إلى حكايات كثيرة عن التزوير كان بطلها النجم الاتحادي المعروف يحيى الفضلي. وفي انتخابات العام 1965 (بعد ثورة أكتوبر) حدثت صدامات بالسلاح الأبيض بين جمهور حزب الشعب الديمقراطي وجمهور الحزب الوطني الاتحادي، وراح ضحيتها عدد من المواطنين، وكان الحزبان قد انفصلا حديثا إثر خلاف بين الاتحاديين والختمية، وقدم الشيخ علي عبد الرحمن رئيس حزب الشعب الديمقراطي للمحاكمة بتهمة التحريض، ولكن المحكمة برأته. وفي حزب الأمة كان الصدام قاسيا بين الإمام الهادي وابن أخيه السيد الصادق المهدي، شق جماعة الأنصار وحزب الأمة، وكان أقسى بكثير من الانشقاق الذي التأم قبل يومين بين الصادق المهدي وابن عمه مبارك الفاضل. إذن لم تكن الديمقراطية السابقة مبرأة من العيوب. ولكنها عيوب التعلم. فلا تعليم بلا أخطاء، وكل الانتخابات السابقة كانت عمليات تدريب على الديمقراطية، لكن للأسف كان التدريب ينقطع لفترات طويلة فلا تأتي الثمار المرجوة منها بالقدر المطلوب. على سبيل المثال كان الانقطاع بين هذه الانتخابات والانتخابات السابقة لها (25) عاما، وكانت الفترة الزمنية بين الانتخابات السابقة والأسبق (20) عاما. الذين يشاركون لاول مرة في حياتهم في التصويت في هذه الانتخابات ربما فاقت نسبتهم ال(60%) من عدد الناخبين. إذا قلنا إن هؤلاء الناخبين الجدد سيدخلون الانتخابات بلا اخطاء نكون واهمين. ولكنها ستكون أخطاء قليلة وهينة، إذ على الأقل لم يحدث فيها قتال بالسلاح الأبيض كما حدث من قبل. وبعد.. أتمنى أن نقرأ مقال الأستاذ حامد وأظنه سيكون عامل اقناع بأن انتخابات هذا العام لن تكون أسوأ من سابقاتها لكنها ستكون خطوة في تعلم الديمقراطية. ما يجعلها تبدو أسوأ زيادة نسبة المبالغة في عرض وجهات النظر، وحدة الاستقطاب، ثم ما سيعقب الانتخابات من استفتاء سيقرر مصير السودان هل سيبقى دولة واحدة أم ينفصل إلى دولتين؟.