صمت مريب يلف ردود الفعل تجاه مقتل عضو حركة حماس المبحوح بأمارة دبي من قبل رجال جهاز المخابرات الإسرائيلي الموساد في شهر يناير الماضي، فالحادثة وفي إطار التصفيات المتبادلة بين الجانبين قد تبدو مفهومة وقطعاً لن تكون الأخيرة إلاّ أن الغريب في هذه الحادثة هو العدد الكبير من أعضاء الموساد الذين عملوا على تتبع عضو حماس وخنقه داخل غرفته بفندق البستان روتانا بدبي، والأخطر أن جميع القتلة البالغ عددهم سبعة وعشرين شخصاً قد استخدموا جوازات سفر أوروبية وقتلوا الرجل بدم بارد وارادوا لموته أن يمر بهدوء. إن الحرج الآن يجب أن ينتقل لتلك الدول التي تم استخدام جوازاتها لقتل المبحوح، فاما أن تكون على علم وتنسيق تام مع الموساد وعليها أن تدفع الثمن لتلك الحماقة أو أنها أُستغفلت وليست على دراية بالحادث وفي هذه الحالة عليها أن تغسل قميصها من دم المبحوح الذي تناثر عليه وذلك بالضغط على الموساد لتسليم اولئك القتلة لحكومة دبي أو أية محكمة دولية تعقد لمكافحة الإرهاب. فالدول الأوروبية مطالبة الآن بشهادة ابراء ذمة من اغتيال المبحوح وهي وحدها من عليها السعي لإصدار تلك الشهادة لتخلى طرفها من قضية أن تركت دون عقاب ستفتح الباب للدول العربية والاسلامية وبقية دول العالم لتتملص من برنامج مكافحة الإرهاب. أي منطق هذا الذي يكبل الدول العربية والإسلامية بحزمة من الإجراءات الصارمة التي تتبعها لمكافحة الارهاب تبدأ من إجراءات التأشيرة والتأكد من عدم دخول الارهابيين وتنتهي بمتابعة إجراءات التحاويل المالية للبسطاء والعامة من الناس للتأكد من عدم وجود شبهة تحويل مبالغ للارهابيين فيما يعرف بظاهرة غسيل الأموال، وهي إجراءات تضرر منها الكثيرون دون ذنب جنوه سوى أن الحكومات العربية والإسلامية ترتعد فرائصها من أوروبا وأمريكا لذا تريد أن تبدو أمامها ملتزمة ببرامج مكافحة الارهاب العالمية. ألم يتم القبض على الاعلامي بقناة (الجزيرة) سامي الحاج بشبهة وجود صورة فقط من جواز سفره مع أحد افراد القاعدة؟، ألم يتم ترحيل المئات من أوروبا وأمريكا بشبهة ترددهم على المساجد وتركهم للحاهم دون تشذيب؟ ألم تشدد الولاياتالمتحدة إجراءات التفتيش لاجسام المسلمين عند دخولهم بلادها واستوردت اجهزة تكشف كل شيء تحت الملابس؟. فاذا كانت شبهة وجود صورة فقط من جواز سفرك مع إرهابي كفيل بأن يبقيك بسجن قوانتانمو لأكثر من سبع سنوات، كما حدث للاعلامي سامي الحاج فما بالك بمن يمتلك جواز سفر حقيقي ومعروف هويته ويرتكب جريمة قتل بدم بارد ويهرب ويدخل إسرائيل ألاّ يستحق المتابعة والسعي للقبض عليه؟. الكرة الآن في ملعب بريطانيا وفرنسا وايرلندا والبقية من الدول التي تدعى ان الموساد إحتال عليها باستخدامه جوازات سفر لمواطنيها، فالمطلوب فقط الضغط على إسرائيل بقوة لتسليم اولئك القتلة لمحاكمتهم وفي ذلك مدعاة لأن تؤكد جدارتها في نادي مكافحة الارهاب وتؤكد لكل دول العالم ان لا خيار وفقوس في أمر الحرب على الارهاب، عندها ستتعاون كل الدول بشفافية لمكافحة الارهاب والقضاء عليه، أما ما دون ذلك فلتستعد الدول الأوروبية لردود الافعال الرسمية والشعبية.