نظم المنتدى السياسي الدوري بمؤسسة ركائز المعرفة للدراسات والبحوث ندوة حول(معايير الحياد والعدالة في توزيع الفرص الإعلامية في انتخابات 2010م)، مواكبة لكثير من الاحتجاجات الموجهة لفرص القوى السياسية في أجهزة الإعلام، واستضاف المنبر د. محاسن حاج الصافي رئيس الآلية الإعلامية بالمفوضية القومية للإنتخابات، ود. حيدر إبراهيم علي مدير مركز الدراسات السودانية، وعدداً مقدراً من الإعلاميين والمهتمين الذين ناقشوا القضية من عدة جوانب ---- الآلية الإعلامية وأثير الكثير من الجدل حول مسألة الحياد والعدالة بصورتها المطلقة كقضية يصعب تحقيقها خاصة في مناخ مثل الحالة السودانية التي تعج بالإنتماءات الكثيرة المتصارعة في قضية الإنتخابات، وتوافق المناقشون -تقريباً - على أن يكون التوزيع موضوعيا ومنطقيا أكثر منه محايدا أو عادلا، واستهلت د. محاسن حاج الصافي حديثها بذكر المرجعية في تأسيس الآلية الإعلامية، وهي إتفاقية السلام والدستور، وتشير إلى ما ذكره القانون حول واجبات وحقوق المرشحين والقوى السياسية، والمتصلة بتوفير الفرص المتكافئة وتوخي العدالة فيها. وتذكر د. محاسن أنه تم تمثيل الأحزاب التاريخية أولا (الإتحادي الأصل، الأمة القومي، المؤتمر الوطني، الحركة الشعبية، الحزب الشيوعي والمؤتمر الشعبي)، وتقول إن هناك صعوبة في تمثيل الأحزاب كلها لأن هنالك (73) حزبا مشاركا، وتوضح أن إجتماعا اسبوعيا ينعقد للآلية لتقدم الأجهزة تقاريرها وملاحظاتها حول سير الأجهزة الإعلامية، وأنه تم عقد ثمانية إجتماعات، الأول كان في هيئة لجنة مصغرة لتوزيع الحصص وأرتأى الإجتماع إجراء القرعة بالترتيب الذي تمت عليه العملية وأعتمد، وتوضح أن ستة من الأحزاب انسحبت في الإجتماع الثالث لأنهم طالبوا بزيادة عدد ممثلي الأحزاب في الآلية، وتم رفع الأمر لرئاسة المفوضية التي رأت أن تزيد عدد عضوية القوى السياسية لتشمل المرشحين لرئاسة الجمهورية زائداً اثنين من أحزاب الوحدة الوطنية. وتوضح د. محاسن أنه يتم تحضير التقارير ومن ثم ملاحظات الحضور في الإجتماعات الأسبوعية، ومن ثم تبلورت أفكار مثل زيادة الحصة بالنسبة للأحزاب والمرشحين، وتؤكد أنه يتم تدارس الشكاوى أسبوعيا، وتشير إلى مسألة تشغل الجمهور وهي الحديث عن أن الحزب الحاكم ينال تغطية خبرية أكثرمن غيره، وتؤكد (أن التغطية الخبرية تتم بنسب متساوية لمناشط الأحزاب.) شكاوى الولايات وتنتقل د. محاسن للحديث عما يدورمن احاديث في الساحة الآن عن تأجيل الإنتخابات، وتؤكد أنه (ليس هناك ما يدعو للقلق حيال قيامها في موعدها)، وتقول في ردها على تساؤلات المشاركين حول إمكانية التأجيل، ان كل ما يتعلق بالإنتخابات يسير بصورة جيدة وحسبما هو مبرمج، وليس هناك ما يدعو للتأجيل، وتستطرد: هذا موقفنا حتى الآن، وتشير لوصول معينات ومعدات الإقتراع لأغلب الولايات، وتؤكد أنه (مبرمج لها كي تصل في موعدها المحدد لقيام الإنتخابات.) وتشير( لوجود رصد مستمر عن الأداء بالمركز والولايات وان المفوضية قدمت دعما للأجهزة الإعلامية بالولايات،) لكنها توضح أن تأهيل القدرات والأجهزة الإعلامية لا تدخل في نطاق ميزانية المفوضية، وتقول إنها مخصصة لبنود محددة، وتبين ان المفوضية حثت وزارات الإعلام الولائية على مساعدة الولايات للتهيؤ للإنتخابات بالقدر المتاح، ولا تنفي ورود شكاوى من بعض الولايات وتقديم بعض الدعم كمساعدة من المفوضية، بجانب العمل على حل الإشكالات خلال إجتماعات الأمانة العامة ومكتب المفوضية. الموضوعية أولاً من جانبه يوضح د. حيدر إبراهيم علي مدير مركز الدراسات السودانية، أن المشكلة في جانب الحياد والعدالة لا تتعلق بالقوانين الجيدة وإنما بروح القوانين التي تجعل منها شيئاً حياً لتؤدي الواجبات التي صنعت من أجلها، ويستعير مقولة للدكتور عبد الله الطيب حول مفهوم الحياد، والتي تستنتج أن الأنسان (حيوان متحيز)، ويتساءل: هل يوجد إنسان غير متحيز، خاصة إذا كان سودانياً؟ ويخلص إلى ان العدالة بصورتها المطلقة أمر صعب التطبيق، ولذلك يفضل أن يبحث الناس عن كيف يكونون موضوعيين، أي أن يحتفظ الشخص بإنتماءاته الآيدولوجية فيما يبتعد عن ذاتيته في التعامل مع الأشياء، ويشير إلى أن الإنتخابات المقبلة أصعب إنتخابات تمر على السودان لأنه تحدد أن نكون سودانيين أولاً بعد قيامها لأنه يعقبها الإستفتاء، ويؤكد المطلوب ان نكون موضوعيين ما أمكن ذلك. ويؤمن د. حيدر على صعوبة الحياد والعدالة بالنسبة للحالة السودانية في وجود (73) حزباً يشارك في الإنتخابات بايدولوجيات مختلفة، ووجود إثني عشر مرشحا للرئاسة، وبالتالي تتعرض العدالة والحياد لمشكلة كبيرة، ويشير إلى أن المجتمع السوداني يملك قدرة على الإنشطار والتشرذم بصورة ممتازة، وعليه فإن د. حيدر يقرر وجود صعوبة كبيرة في توخي الحياد والعدالة من قبل العاملين في هذا المجال، (ويحتاجون إلى الموضوعية القومية في التعامل مع الأمر.) الجهاز الإعلامي ويعتبر د. حيدر أن النظام الإعلامي الموجود في السودان غير مساعد على قيم الحياد، لأن الجهاز الأعلامي تسيطر عليه ما يسميه (قيم السوق العربي) المعتمدة على (الفهلوة) والوصول إلى أقصى النتائج بأقل جهد، ولأن القيمة العامة في البلاد لم تعد قيمة الكد والكدح والإجتهاد، مما اثر على العمل الإعلامي وادى لإنهيار بعض القيم وبالتالي يصعب على الإعلام أن يكون محايداً ومهنياً لأنه أصبح غير موضوعي، ويضيف الإختراق الواقع في وسط الإعلاميين أكثر من القطاعات الأخرى لظروف معيشية وغيره كسبب من أسباب عدم الموضوعية. ثم يمضي د. حيدر للحديث عن دور المجتمع والأحزاب السياسية، ويقول إن الدولة ابتلعت المجتمع في فترة الشمولية وأصبحت المبادرات غير موجودة أو غير جريئة، وبالتالي هناك حاجة إلى مجتمع مدني وأحزاب قوية لحفظ التوازن، ويضيف أنه لا يلوم المفوضية لأنها تحتاج إلى أحزاب قوية لديها القدرة على الرقابة، فيما منظمات المجتمع المدني تلهث، ولذلك ستكون هناك صعوبة كبيرة في أن يكون التوزيع عادلاً ومحايداً، ويؤكد على أن المطلوب هو وجود نوع من الموضوعية والقومية ليكون التعامل بصورة متعادلة، ويحذر د. حيدر من حالة الإستقطاب الحادة في الساحة حاليا، ومن عدم جدية القيادات السياسية وغياب الروح الديمقراطية، ويدعو للإتفاق على حد أدنى، ويختتم بأن المهم أيضاً قبول نتيجة الإنتخابات بغض النظر عن مجريات العملية. ورغم أن حديث د. حيدر وجد بعض التحفظ من إعلاميين مشاركين في الندوة إلا أن الجميع أمن على دور مهم وكبير للإعلام في هذا الجانب، ودعت الندوة لضرورة منح الفرص بصورة أكثر مرونة وموضوعية، ورأت أن احتجاجات القوى السياسية على المفوضية جاءت متأخرة، وانها أحست بأنها ستفقد الإنتخابات لأن طريق الوصول للرئاسة صعب، في الوقت الذي يصعب فيه إجراء أية معالجات الآن، ووصفوا الوضع بأنه حالة (تخلف سياسي)، وأكدت الندوة على ان بعض الموضوعية ستحل مشكلة الحياد والعدالة المطلوبة.