لا يعرف طعم الغربة إلاَّ من تجرع كؤوسها وتدنس بالاعتبار على سعة الرزق (إن كانت هناك سعة) وألفت نفسه سهولة الحياة وما تريده تأخذه.. هذا القليل الذى أذكره من المساوئ وآخره وطأة على القلب وأوجعه وقعا على النفس ما أسطره من كلمات هنا. رؤيتى أعزائى وبنى وطنى لهذا الذى أشتهرت به حرائرنا وأخواتنا وأمهاتنا يهفهف ببياضه الزكى الرائحة مغلفا وساترا لهن متماشيا مع سمة العصر ومحتشما على الدوام (الثوب السودانى) حشمة المرأة السودانية وعزتها وجمالها.. وقد تغنى به الشعراء فى وطن المليون ميل مربع منذ سنوات طوال ولايزالون يتغنون به.. وها هو الشاعر الشاب (بشرى سليمان سعيد) يطالبنا جميعا بأن نعز الثوب حيث يقول: (عز الثوب وكت ينشال وينشره.. وعلى الكتفين يتوه ويته مرة.. عز الثوب سماحة على بنات بلدى) وقد تغنى بهذه الكلمات الفنان الراحل ابراهيم موسى أبا.. وما أروعه الفنان (علي ابراهيم اللحو) وهو يشنف الآذان متغنيا بجمال محبوبته وحشمتها وهى ترتدى الثوب السودانى حين يقول: (شوف عينى الحبيب بى حشمة لابس التوب.. والتوب زاد جمال وزينة يا المحبوب) .. إلا أن ما يدعو للألم والحسرة ونحن هنا فى غربتنا ولسان حالنا يقول (خطى كتبت علينا ومن كتبت عليه خطى مشاها) هو رؤيتنا لكثير من الأفريقيات وقد أرتدين هذا الثوب الأنيق دون أن يلتزمن بما يفترض فيمن ترتديه من الحشمة والوقار وكريم الأخلاق.. فالثوب السودانى بعد أن كان معروفا بجمال حشمته أصبح اليوم علينا نقمة وحسرة.. لم لا وقد لبسته التى لا أنتماء لها لجمال الأخلاق ولا لوطن تعود إليه يوما بعد طول غياب. وما يؤسف أكثر وأكثر أن تفاجأ بالحقيقة المرة والتى تصفعك بكل قسوة وتجرح كبرياءك وصدق إنتمائك لوطن النيل والنخيل.. وطن الجمال والتلال.. وطن توتيل وعدارييل.. وطن القطن وعصيدة الدخن.. حيث تفاجأ بأن الكثيرات منهن يحملن جوازات سودانية.. وربما الجنسية أيضاً.. هنا تعقد الدهشة لسانك وتصبح عاجزا عن الحديث رغم تزاحم الأسئلة وتدافعها فى دواخلك: كيف حصلن على هذه الوثيقة المهمة؟؟ وعلى أى أساس؟ ومن الذى سهل لهن ذلك؟ والى متى يظل الحصول على الجواز السودانى أمرا ميسورا لكل من هب ودب؟؟ وما هى الضوابط التى يمكن أتخاذها لاحكام الرقابة على منح الجواز السودانى بحيث لا يحصل عليه إلا من ينتمى فعلا للوطن ويدرك تماما ما تعنيه عازة فى هواك. أرجو أحبتى والكل مقصود بهذا القول أن نوقف فورا هذه التصرفات بمد وجزر من اللوعة على الأوطان وأن لا يقف هذا المد إلا وقد طالت يد الجلاد من هو الجانى!! فقد تعبنا وفترت أعصابنا من سماع نحن نقوم بذلك هذه الأيام.. اللهم هل بلغت اللهم فأشهد.. ودمتم..