الفرق والجماعات الغنائية تعد واحدة من مفردات الحراك الثقافي في السودان،وعبر زمان ليس بالقصير تجاوز ربع القرن من حساب السنوات، كانت فرقة عقد الجلاد الموسيقية.. عقد الجلاد انبثقت في وقت عصيب شهد الكثير من الحراك الاجتماعي المرتبط بعوامل سياسية واقتصادية، واستطاعت خلق قاعدة لا يستهان بها، وصمدت تجربتها في ظل تساقط الكثير من التجارب المماثلة لها وكانت بدايتها في العام 1984م، وعلى الرغم من اتهام البعض لها بالصفوية لما تناولته من أعمال تميل للرمزية، لكنها خلقت وجوداً كثيفاً لدى مختلف شرائح الشعب السوداني، وأيضاً التمييز الذي مورس على الفرقة وتصنيفها السياسي جعلها تواجه الكثير من الضغوطات، لكن الفرقة اجتازت كل ذلك بسلام حتى (وقت قريب). منال بدر الدين، آمال النور، حمزة سليمان، ابو ذر عبد الباقي، عوض الله، محمد الفاتح، محمد شبكة، وأخيراً الخير، والمفاجأة الداوية.. عثمان النو مؤسس عقد الجلاد.. كل هؤلاء غادروا.. ذهبوا بعيداً.. بعيداً.. وهم يرددون: النعمة بتعرف عاطيها.. والجمرة بتحرق واطيها بالكلية عطانا وما لقينا.. فوق جمر خطانا وما لقينا..!! كلما ابتعد فرد من أعضاء الفرقة او أُبعد، يقول البقية: الفرقة لا تتأثر بغياب شخص ما، الفرقة كيان، الفرقة بدأت فرقة وأصبحت فكرة.. ترى من يتبنى الفكرة الآن..؟! لم يفق جمهور عقد الجلاد من هول صدمة ابتعاد الخير، ليفاجأوا بانسحاب النو، ليس انسحاباً هادئاً كما فعل من قبله، لكنه ابتعاد فيه قدر كبير من التحدي، فقد أخذ معه كل أعماله التي تؤديها الفرقة التي بلغت 34 عملاً، اضافة لذلك تأكيده على نيته انشاء فرقة أخرى..!! وجويلي هناك يتلبسه الصمت، على الرغم من اشارات متعددة، نوهت الى أن له نصيب من هذه المشكلات، لكنه يلوذ بالصمت.. ولا يود أن يقول شيئاً.. أتراه لا يجد ما يقوله..؟! انعدام واضح للروح الجماعية، واستئثار قادة الفرقة بالسلطة السبب الأبرز لمختلف المشكلات التي واجهت الفرقة.. على الرغم من أننا عولنا كثيراً على عقد الجلاد ومشروعها الانساني الممتد، لكن تبقى هناك طموحات -واستبدادات- شخصية تنخر في هذا الجسد الذي أصبح متهالكاً وواهناً للحد البعيد.. وبعد ربع قرن من الزمان.. عقد الجلاد تنفرط حباته النضيدة.. ويصبح عقداً (ممطوراً لا يبالي من الرش)