الهجوم المباغت لحركة العدل والمساواة في مثل هذا اليوم من العام قبل الماضي، القى بظلالٍ من التأثير على الصُعد الداخلية والخارجية كافة، حيث شكلت تأثيراته مادة دسمة لصحافة الخرطوم التي سكبت فيها الكثير من المداد، كما سُكب قبل ذلك الكثير من الرصاص على مدينة أم درمان التي كان يُعتقد أنها تربض في أبعد نقطة من التهديد. غير أن ما نحن بصدده هنا، هو الحديث عن تأثيرات ذلك الهجوم الذي عرف بعملية الذراع الطويل، على مجمل الأوضاع في دارفور بعد تحول يوم العاشر من مايو إلى تاريخ خاص يحتفل به مهاجمو العدل والمساواة الذين تصدوا لهم كل على طريقته، فكلاهما يعتقد أنه حقق الإنتصار. ومن الناحية العسكرية، يرى اللواء الركن حسن صالح قائد سلاح المهندسين أن هجوم حركة العدل والمساواة على أمدرمان أخرهم أكثر من سنتين بدارفور. وتابع صالح الذي كان قائداً لمعركة أم درمان، إن الخسائر البشرية التي تكبدتها حركة العدل في ذلك الهجوم لم ولن تستطيع تعويضها فيما بعد، وأشار إلى فشلها رغم الدعم المادي الذي توافر لها في إستقطاب العنصر البشري جراء الخسائر البشرية التي تكبدتها في أم درمان، خسائر جعلت الكثير من أعشاش التفريخ في دارفور تحجم عن مد الحركة بدماء جديدة خشية أن تراق على جسر أم درمان مرة أخرى. لكن هذا الحديث يتقاطع مع آخر قاله ل«الرأي العام» الناشط الدارفوري والمحلل السياسي د. آدم محمد أحمد وهو أن حركة العدل والمساوة، وبعد هجومها على أم درمان، برزت كأقوى حركة بدارفور، وعلى خلفية ذلك، إنضمت إليها العديد من الحركات الضعيفة بالإقليم إلى جانب قيادات أخرى من حركة مناوى بما في ذلك قائد جيشه، بعد أن أثبتت حركة العدل بهجومها ذاك أنها ليست قريبة من الحكومة كما كان يتردد قبل الهجوم حينما كان الكثيرون يقولون وقتها: «كلهم إسلاميون». ويبدو أن النظر إلى تأثيرات ما حدث بأم درمان يوم «/10مايو» على الأوضاع في دارفور، يختلف من مراقب وآخر، بإختلاف الزوايا التى ينظرون عبرها للهجوم، والخلفيات التي ينطلقون منها. ففيما ذهب والي جنوب دارفور السابق الأستاذ علي محمود محمد إلى أن هجوم العدل والمساواة على الأوضاع بدارفور كان ضعيفاً ودلل على ذلك بتماسك القوات والأوضاع على الأرض بعده. ذهب د. آدم إلى تأثيرات كبيرة لذلك الهجوم على الأوضاع في دارفور ، وأشار الى تركيز الحكومة لجل جهودها في محاربة حركة العدل والمساواة في دارفور فشنت عليها ضربات موجعة، فيما تناست الحركات الأخرى في دارفور بعد أن برزت حركة العدل كقوة عسكرية واجبة الحسم حتى لا يتفاجأ الناس بمغامرة أخرى. ومن التأثيرات التي تصب في مصلحة حركة العدل والمساواة فيما يبدو، إن الحركة أصبحت رقم واحد في دارفور واكتسبت - حسب صالح- رغم ضعفها العسكرى البائن بعد الهجوم صيتاً عالمياً وإعلامياً، إلى جانب أنها فتحت شهية البعض في أن تكون هناك أعمال عسكرية من الداخل تساند من الخارج، أو العكس، يمكن أن تنجح بعد أن وصلوا إلى أم درمان وأثاروا ذعر المواطنين حتى أصبح الناس يتساءلون كيف دخل هؤلاء؟ تأثير آخر على الأوضاع في دارفور نوه إليه قائد معركة أم درمان في حديثه مع «الرأي العام» أمس، حيث أكد أن حجم القوات الحكومية المختلفة في الثلاث سنوات التي سبقت الهجوم، كان نحو (69) ألفاً، ومع ذلك، فإن الخسائر التي تكبدتها حركة العدل والمساوة في هجومها على أم درمان من حيث المركبات والسلاح والعنصر البشري كانت تفوق إجمالاً ما أحدثته تلك القوات الحكومية في الحركات المسلحة مجتمعة طوال ثلاث سنوات. ومهما يكن من أمر، فإن هجوم حركة العدل والمساواة على مدينة أم درمان في العام قبل الماضي، أفرز تأثيرات عديدة على الأوضاع في دارفور، تأثيرات جعلت منها اللاعب الأكبر فى مسرح الأحداث هناك، إن لم يكن الأوحد كما ظل يردد قائدها د. خليل إبراهيم.