من المفارقات مع حالة الشد والجذب التى تعترى قضية مياه النيل تلك الزيادة الملاحظة فى منسوبه والتي تقرأ في سياق ثورته وتمرده على ما آلت إليه الاوضاع حديثا بين دول حوض النيل من تفجر للخلافات والتي وصلت الى طريق مسدود، ليؤكد بذلك (النيل) فى مسيرة جريانه انه نهر غير طبيعى وسيظل في مسيرة جريانه الطبيعي، وانه قادر على إعلان رفضه للخلافات، أو انه لن يكون حافزاً للتنافر بين الدول التي تطالب بامساك حصته كاملة، اوتلك الأخرى التي تتمسك بحقوقها التاريخية والمكتسبة. وتؤكد مصادر ذات صلة بوزارة الري ان المنسوب الذي يسجله النيل الازرق يسير بوتيرة تصاعدية منذ مطلع الاسبوع الماضى ليسجل معدل (68) مليار متر مكعب أي مايفوق متوسط إيراد النيل الأزرق السنوي المقدر ب( 50 ) مليار متر مكعب ما عاد باذهان المراقبين الى العام 1988 الذي سجل أعلى فيضان للنيل شهدته البلاد بنسبة كلية لايراد النيل بلغت (90) مليار متر مكعب ناسخا بذلك المعيارالذى ظل خبراء المياه يعتمدون عليه وهو فيضان (1946) اذ يفصل الايراد الكلى للمياه حسب المعلومات بنسبة (22) مليار متر للنيل الأبيض و(12) مليارمتر لنهر عطبرة. وفي السياق توقع مراقبون ارتفاعاً عالياً لمنسوب العام الحالى والذي يحدد في يوليو من كل عام حسب الايراد الكلى للمياه الى ذلك ارجع - أحمد المفتى - المستشار بوزارة الري والخبير القانوني أسباب الارتفاع المتوقعة الى انها اسباب مناخية أدت لزيادة معدلات هطول الامطار بالهضبة الاثيوبية. وارجع خبراء الارصاد زيادة منسوب النيل الى كثافة السحب بالهضبة الاثيوبية مما زاد من معدلات هطول الامطار وذكر سيد درمان خبير الارصاد الجوي فى حديثه ل(الرأي العام) ان هنالك ارتفاعاً مقدراً فى إيراد النيل الأزرق طوال الأسبوعين الماضيين ذلك مع الأخذ بالاعتبار تأثر منطقة القرن الأفريقى بالتغيرات المناخية العالمية استنادا الى تقارير لخبراء أكد انها سترى النور قبل نهاية مايو الجاري. محور حديث البروفيسور تاج السر بشير - عضو هيئة المستشارين بمجلس الوزرا ء - مع (الرأي العام) إنصب حول الخلافات بين دول الحوض الأخيرة وضرورة تفعيل الشراكة من خلال وسطاء الايقاد أو الاتحاد الأفريقي لدعم المشاورات لأن القضية لها أكثر من بعد سياسى واقتصادى وتاريخي، واستبعد احتمال إقامة بعض الدول (تنزانيا والكنغو ويوغندا) لسدود لحجب المياه عن البعض الآخر الأمر الذي أكده خبراء مصريون بأنه لن يتضح تأثيره على مسيرة الشقيقين مصر والسودان التنموية إلاّ بعد (50) عاما أو يزيد. القلق المشروع على مسيرة التنمية المستقبلية بالبلاد في ظل رواج استثمارات المياه أو الحاجة المتنامية للمياه قادنا الى السؤال الى أي مدى يمكن ان تؤثر هذه القضية في اضعاف التنمية ويؤكد المهندس يحيي عبد المجيد - وزيرالرى الاسبق - إنه من الصعب ان تمضي المشاورات على ديدنها السابق لاعتبارات صاغها في ان تلك الدول يمكن ان تتعرض لضغط إقليمى ودولي كبير لانها تملك مخزوناً سنوياً كافياً من مياه الأمطار يصل في فكتوريا وحدها الى (120) مليار متر مكعب بالعام، كما أن تلك الدول الشريكة بحوض النيل لن تتلقى الدعم عندها من المجتمع الدولي لاقامة سدود إلاّ في حال وافقت كل الاطراف المكونة لحوض النيل جميعها. يبدو ان (نيلنا) العظيم رفض إلاّ وأن يرسم بعطائه الموروث المشهد الأخير(انتصار نيل)، ليكون ذلك المشهد تجسيداً لما نرددها في اغانينا (أجرى يا نيل الحياة).