اعجبتني الطريقة التربوية الناضجة التي استقبل بها المسؤولون عن كرة القدم في السودان النتائج المخيبة للأمل لفريقنا الوطني في منافسات كأس افريقيا بغانا. الإيجابي ان لاعبينا وصلوا هناك عن جدارة بعد غياب طويل . والإيجابي انهم لم يبخلوا بجهد او عرق ولم يستسلوا في اية مباراة. هذا هو ما سيضمن لنا النجاح مستقبلا. فالرياضة «غالب ومغلوب». تحمل الهزيمة والنهوض للجولة القادمة هو المهم. مفهوم التكاتف وروح الجماعة سيضمنان التفوق بعد القراءة السليمة لخفايا الفرق الأخرى وأساليبها. يفيدنا ان نتذكر ان وجود فرق في الاداء بين الاندية والفريق الوطني مشكلة مكررة في دول اخرى منها انجلترا حيث تمتاز نتائج الاندية الكبرى بجماهيرها وعصبيتها ذات الجذور التاريخية على نتائج الفريق الوطني المتواضعة. واذا كانت مصائب الآخرين تحمل بعض العزاء لنا فإن صبر محبي الرياضة البدنية في انجلترا على الكوارث يحمل أكثر من درس بليغ. فقد توالت الانكسارات الرياضية على انجلترا في الاسابيع الماضية، وكانت اقساها هزيمة الفريق الوطني امام كرواتيا في ملعب ويمبلي بلندن. يعنى ذلك ان انجلترا لن تنافس في نهائيات كأس اوروبا العام القادم! لا ينسي الانجليز ان كرة القدم بشكلها الحديث نشأت على قواعد ارساها طلاب جامعة كيمبردج ونشرها موظفو الامبراطورية في كل ارجاء العالم. كان الفريق الانجليزي يفوز على فرنسا بعشرة اهداف او أكثر! صبر الفرنسيون ودرسوا أسرار اللعبة حتى صاروا يصدرون المدربين لانجلترا. لم تقتصر انكسارات الانجليز على كرة القدم فقد خسروا امام جنوب افريقيا في كأس العالم للرجبي « التي ولدت في انجلترا ايضاً». وخسر الملاكم الانجليزي ريكي هاتون مباراته امام الامريكي فلويد مايويذر الذي طرحه ارضا بالضربة القاضية في الجولة العاشرة. كانت تلك اول هزيمة للملاكم الانجليزي منذ ان احترف اللعبة. ولعل اكثر الهزائم قسوة هي خسارة لويس هاملتون الاسمر الموهوب الذي كاد يفوز في موسمه الاول في سباق سيارات «الفورميولا ون» ولم يخسر الاّ عند آخر سباق بالموسم. تصدر اسمه الاخبار مرة اخرى قبل ايام عندما قام بعض العنصريين في اسبانيا بمضايقته بهتافات كريهة بعد ان طلوا وجوههم باللون الاسود. خفف وطأة الهزائم الانجليزية فوز العداءة بولا راد كليف بسباق ماراثون نيويورك. يبدو انها اثبتت ما ذكره عدد من الاطباء من ان المرأة تكتسب بعد الانجاب قوة « لكي تتمكن من رعاية المولود». كانت بعض نتائج بولا راد كليف غير منتظمة حتى رزقت بطفلة جميلة ثم اشتركت في الماراثون وتفوقت. ومن المفارقات ان وطأة الهزائم الانجليزية خفف منها ايضاً فوز الملاكم المسلم أمير خان الذي لم يخسر اية مباراة حتى الآن ويتنبأ له الكثيرون بمستقبل عالمي. سيفرح البعض بفوزه ويرون فيه دليلاً اضافياً على نجاح المسلمين في ظل الديمقراطية البريطانية ودورهم المتعاظم في شتى المجالات. الاّ ان اسهامه سيصيب البعض بالقلق في مناخ مؤاتٍ للتشكيك في المسلمين. وقد طالعنا بالامس الهجوم على كبير اساقفة كانتربري لمجرد إدلائه برأي بعيد النظر اذا قال: (ان الاحوال الشخصية للمسلمين الزواج - الميراث - مثلا) ينبغي ان تنظم مستقبلا حسب الشريعة الاسلامية بالنسبة للمسلمين. نعلم ان فكرة د. وليامز ليست جديدة فقد استحدثها البريطانيون في السودان وورثها عنهم الحكم الوطني فحافظت الحكومات المتعاقبة على محاكم للمسلمين وأخرى للمسيحيين. مدرب امير خان مسيحي وانجلترا الآن متعددة الاديان مثل السودان. والرياضة من العوامل التي تحض عليها الاديان. فالنجاح فيها يستلزم الاستقامة والمثابرة والصبر والثقة بالنفس التي لا تهزها هزيمة عابرة بل تحفزها لوثبة ثانية ظافرة مثل التي سيستعد لها فريقنا الوطني.