لزم أول أمس السبت الموافق 25 فبراير الرئيس نيلسون مانديلا (93 سنة) سرير المستشفي بجنوب أفريقيا ولم يكن مانديلا رئيساً عادياً وإنما كان من تلك الفئة التي ارتفعت بمقام الرئاسة ليس في جنوب أفريقيا وحدها وإنما في كل العالم. وهو مناضل كبير نذر أنضر سنوات عمره لتحرير بلاده ولإلغاء الفصل العنصري البغيض ودفع الثمن باهظاً من عمره؛ ربع قرن أو زهاءه في السجون. ولما أفرج عنه أول تسعينات القرن الماضي كان خبر الإفراج هو أهم الأخبار ثم تقلد رئاسة وطنه وقاده بكل التسامح والنبل مسدلاً الستار على مرحلة كريهة شاذة من مراحل تاريخ جنوب أفريقيا ومستهلاً عهداً جديداً تصان فيه كرامة الإنسان أياً كانت خلفيته. وبعد الإفراج عنه أول تسعينات القرن الماضي أصبح نيلسون مانديلا واحداً من أشهر الزعماء في العصر الحديث ومن أكثرهم احتراماً واحتفى باسمه كثير من الدول والمنظمات والاتحادات الرياضية ومنها الاتحاد الأفريقي لكرة القدم الذى أطلق على مسابقة الأندية الأفريقية أبطال الكؤوس في عام 1989م كأس مانديلا وهي المسابقة التي فاز بها نادي المريخ. وكان من مبالغات التعليق الرياضي السوداني إطلاق الاسم الكبير الجليل اسم مانديلا على أحد رؤساء الأندية وكان ذلك الإداري الرياضي فعلاً مقتدراً وكان من قبل موظفاً مرموقاً في الخدمة المدنية ولكن لم يكن ثمة معنى لإطلاق اسم مانديلا عليه فما أكثر الفوارق بين الاثنين مانديلا الأصلى صاحب الاسم الشاهق في النضال الوطني الأفريقي وذلك الإداري الرياضي السوداني الذي لقبوه بمانديلا. وقال رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما "يعانى الرئيس مانديلا من فترة مشكلات صحية في جهازه الهضمي وقد رأى الأطباء ضرورة أن يخضع لعناية طبية خاصة"، وكان الرئيس مانديلا العام الماضي أمضى بالمستشفي بضعة أيام عند تعرضه لالتهاب حاد في الجهاز التنفسى. وكان مانديلا تولى رئاسة جنوب أفريقيا عام 1994م وحصل على جائزة نوبل للسلام ويرى البعض أنه رغم انسحاب مانديلا من الحياة العامة إلا أنه ما زال زعيماً مؤثراً وسط السود الذين يشكلون غالبية السكان في جنوب أفريقيا ويرى كثيرون أن أروع ما في مانديلا أنه عندما حكم جنوب أفريقيا لم يفكر في الانتقام لكنه حرص على أن يعم السلام. إننا نتمنى من القلب الشفاء العاجل للزعيم الوطني الأفريقي الكبير نيلسون مانديلا فقد كان علامة مشرقة في التاريخ الأفريقي والإنساني وإذا كان كثير من الرؤساء قدموا صوراً شائهة تافهة للرئاسة العربية والأفريقية فإن نيلسون مانديلا قدم العكس وإذا جاء زمن أصبح فيه الخواجات يحترمون الأفارقة فسوف يكون من أهم دوافع ذلك أن هناك إنساناً أفريقياً اسمه نيلسون مانديلا.