لا يعرف أحدنا على وجه الدقّة كيف يقع الإختيار على الوزير الولائى... وإنْ كان بعض الوزراء معروضين فى (سوق) الوزارات فإنّ بعض الوزراء الجُدد أحياناً يقفزون إلى الحقيبة الوزاريّة فجأة أو تقفز الحقيبة إليهم... لكنْ يبدو أنّ اختيار الوزير الولائى يولد دائماً فى جلسة شاى مغرب طرفاها الوالى وأولاد حلال! بعد سنوات من الحكم الفيدرالى تَبيّنَ أنّ أهم عامل من عوامل ضَعْف الحكم الولائى هو ضَعْف الإعتبارات التى يقوم عليها اختيار وزراء الولايات... فبعض الوزراء يختارون لأنّهم يوزنون التركيبة (القَبَليّة) لحكومة الولاية... وبعضهم يثبت أنّه (خميرة عكننة) فى بعض ادارات الوزارات الاتحادية فيتخلّصون منه بطريقة مُرْضية: تعيينه وزيراً ولائيّاً! لذلك بحث المهتمّون عن أسباب ضَعْف مردود الحكم الولائى فعقدوا لذلك السمنارات فلم يعثروا على سببٍ غير ضعف موارد الولايّة, لكنْ لم يقل أحدهم انّها الإعتبارات التى يُخْتار بها رؤوس الجهاز التنفيذى للولايات: الوزراء! الحكم الولائى قبل أن يقوم على الموارد الطبيعيّة يقوم على الموارد البشريّة... لذلك فإنّ حكومات الولايات هى الأوْلى بأن تُبْنى على هدى حكومة تكنوقراط... فلا ينهض بمستوى التنمية والخدمات بالولايات إلا وزراء حكومة تكنوقراط ولائيّة! حكومة الجزيرة وواليها البروفسير الزبير بشير ضربا مثالاً فى اتجاه بناء حكومة الخبراء... فمن بين وزرائه اختار الوالى الزبير دكتور الفاتح مالك وزيراً لصحة ولاية الجزيرة... واذا كانت الحقائب الوزاريّة من الكائنات الناطقة لنطقت حقيبة وزارة الصحة بولاية الجزيرة بأنّها كانت تنتظر مثل هذا الرجل! دكتور الفاتح مالك يحمل من الشهادات المكتوبة والشفاهيّة بأنّه من خبراء الصحة العامة فى السودان... ومشهودٌ له على المستوى الوطنى والاقليمى والدولى بأّنه من شباب السودان الصاعد الذين يعرفون بالفكرة والخبرة أهدافهم البعيدة والقريبة... ويعرفون طريقة الوصول لهذه الأهداف! الولاة الذين لم يختاروا وزراءهم على هذا الإعتبار لم تفتهم الفرصة بعد فى تعديل أسس الإختيار... لذلك عليهم الإقتداء ببروفسير الزبير أو البحث عن أولاد حلال فى جلسة شاى مغربيّة... وأن يبحثوا لأنفسهم قبل ذلك عن مغربيّة!!