مع أنني التحقت بدار (الأيام) في العام 1968م تقريباً في السنة الأخيرة من عمر الصحيفة العريقة التي عرفها وأحبها القاريء السوداني في تلك الفترة من الزمن الجميل، إلاّ أنني استمتع هذه الأيام كثيراً بقراءة «صفحات من حياة محجوب عثمان» التي تنشرها صحيفة (الأخبار) في حلقات أسبوعية. الأستاذ محجوب عثمان في (صفحات) حياته التي وفق الصحافي النابه عادل حسون كثيراً في تحريرها، يوثق جوانب مهمة من تاريخ الصحافة السودانية، ويقول الأستاذ لمحاوره إن فكرة إصدار (الأيام) عام 1953م تعود إلى المرحوم بشير محمد سعيد الذي اختار شريكه الأستاذ محجوب عثمان الذي كان يعمل حينذاك في (الرأي العام) والأستاذ محجوب محمد صالح الذي كان «مرفوتاً من الجامعة». الأخير عمل بعد تركه الجامعة في (السودان الجديد) أولاً ثم (سودان ستار) مع بشير محمد سعيد «الذي أعتقد أننا صحفيان صغيران ومستعدان للعمل بحماس وجد». مؤسسو (الأيام) الثلاثة لم تكن تجمعهم ايدولوجية معينة «سوى أننا مهنيون يحترفون نحب المهنة ونخلص لها، مع ان بشير كان أقرب الى حزب الأمة بميول استقلالية، بينما كانت ميول الشريكين الآخرين «شيوعية» رغم ان محجوب محمد صالح «لم يستمر في شيوعيته». فاذا كان مؤسسو (الأيام) ذوي ميول سياسية مختلفة إذن كان متوقعاً ان تنشأ خلافات في كتابة كلمة (الأيام)، الافتتاحية. ولكن لحسن الحظ فإنهم وفقوا في ذلك الشأن، ويقول محجوب عثمان في هذا الصدد: «عندما نجلس لمناقشة الافتتاحية نظهر كأننا نمثل تيارين مختلفين، وكنا نحاول دائماً الوصول الى موازنة معقولة، وبعد الاتفاق على الملامح الأساسية للكلمة كان أي واحد منا يتولى كتابتها، قد يكتبها بشير أو صالح أو أنا. وبعد ذلك قرر بشير تخصيص عمود خاص به (آراء وتعليقات) وتلاه م. عثمان بعموده (معالم في الطريق)، كان يكتب فيه رأيه الخاص إلى جانب مشاركته في الافتتاحية.. أما الاستاذ م. صالح فقد كان ولا يزال أقدم كاتب عمود والمقروء أكثر.. فقد تميز «أصوات وأصداء» بالموضوعية والرزانة وكان ولا يزال السياسيون من مختلف ألوان الطيف يحرصون على مطالعته. وهذا التميز دفع بصحيفة «سيتيزين» الانجليزية بنشر ترجمة للعمود اليومي. ويقول الأستاذ في حكاياته: «رغم خلافاتنا الايدولوجية التقينا في إرادة واحدة لعمل صحفي نظيف، ومن (طرائف) صفحات في حياة محجوب عثمان كيفية اختيار اسم (الأيام) يشرح الاستاذ ان الشركاء اشتروا الاسم من عبدالله ميرغني سكرتير عام الاتحاديين جناح حماد توفيق. ويقول عثمان: «بصفتي اتحادياً قررنا أن أذهب إلى عبد الله ميرغني وكان آنذاك صاحب مطبعة في السوق العربي - لنشتري الاسم (الأيام) التي أصبحت لاحقاً «أول صحيفة سودانية تكون لها دار بمباني ومطبعة خاصة ومتكاملة».