لا يصدق المرء ان بإمكان (دلوكة) أن تتسبب فى اغلاق جامعة بأكملها فى القرن الحادى والعشرين وتؤثر بالتالى على مستقبل ستة آلاف طالب وطالبة. ولايزال مستقبل هؤلاء الطلاب معلقاً بسبب تلك الاحداث التى شهدتها جامعة الدلنج قبل ثلاثين يوماً او يزيد، ولاتزال الجامعة التى تتكون من خمس كليات تتنظر نتائج تحقيق لجنة كونتها الولاية وادارة الجامعة تبحث الآن فى اصل الازمة ومن ثم اقتراح الحلول المناسبة. الحادث لم تعرف له الجامعة اسبابا مباشرة ولاتدرى من المسؤول او المتهم وتكتفى فى ذلك بالقول ان الاحداث جاءت على حين غفلة، بينما كانت الدراسة فى احسن حالها وخرجت الازمة كالنبت الشيطانى ودفعت بالطلاب لمظاهرات امام عدد كبير من قوات الشرطة داخل مبانى الجامعة. جامعة الدلنج التى تأسست العام 1994م جاءت كامتداد طبيعى لتطور معهد المعلمين سابقاً، ثم كلية التربية كردفان ومنها الى جامعة وصل بها الحال لأن تأخذ مكانها بين الجامعات السودانية تخرج الآلاف من مدرجاتها، ينتشرون فى مدارس وجامعات السودان المختلفة. اخلتفت الروايات حول تفسير طبيعة الازمة حيث يقول البعض ان احتكاكاً طبيعياً وقع بين طالبات ومشرفات بداخلية البنات المطلة على مبانى الجامعة حيث كان عدد من الطالبات يحتفلن بخطوبة زميلة لهن فى حفلة غناء داخل غرفة (بالدلوكة) الامر الذى أثار حفيظة مشرفة الداخلية التى اعترضت على الازعاج فأوسعها بعدها الطالبات ضرباً، استنجدت المشرفة هاتفياً بادارة الصندوق الذى دخل بعض موظفيه الداخلية متسلقين الحائط وأوسعوا الطالبات وفق بعض الروايات ضرباً بعدها امتدت الازمة لليوم الثانى لمبانى صندوق دعم الطلاب القريب من مبانى الداخلية واستنجدت ادارة الصندوق بالشرطة التى ارسلت قوة قوامها مائة شرطى وذلك لحماية مبانى الصندوق من مجموعة طلاب تظاهروا امام المبنى,الامر الذى أثار احتجاج الطلاب وقذفوا الشرطة بالحجارة التى ردت بالغاز المسيل للدموع واسفر الصدام عن مصرع الطالبة سعيدة احمد ابراهيم من منطقة الدبيبات تدرس بكلية المجتمع، وجرح خمسة طلاب آخرون ما زال بعضهم يتلقى العلاج بمستشفى الابيض. وفى الحين سارعت ادارة الجامعة بتعليق الدراسة الى اجل غير مسمى حتى تهدأ الامور وتحافظ على اروا ح الطلاب ورغم ان الاحوال فى مدينة الدلنج هدأت تماماً الآن إلا أن المدينة لا تزال منشغلة بالحادثة وتبقى ايضاً صدى اصوات حادثتين سابقتين وقعتا فى العام 1999 والعام 2005 هما الأعنف من نوعها منذ انشاء الجامعة حيث دمر الطلاب مساكن ومكاتب واجهزة الجامعة تماماً. وتسارع العديد من الجهات الامنية بالولاية الآن مع مجلس ادارة الجامعة لاحتواء الأزمة من خلال تحقيق لم يتوصل حتى الآن لنتائج او الجهة المتورطة بمقتل وجرح طالبة وخمسة طلاب. وتؤكد ادارة الجامعة انه لا علم لها بالجهة التى اطلقت الرصاص الا أن الطلاب والشرطة يتبادلون الاتهامات وفى حين ان الشرطة بحسب المصادر الرسمية تقول انها استخدمت الغاز المسيل للدموع فقط اكد مصدر شرطى ل (الرأى العام) ان الطلاب استخدوا سلاحاً نارياً ضد الشرطة دون ان يصاب احد من منسوبيها الى جانب سقوط قنبلة (قرنيت) بالقرب من قوات الشرطة. وحول ذلك الاتهام يتساءل الطلاب عن ضحايا الشرطة اذا كانوا قد استخدموا سلاحاً ضدهم وتظل ايضاً الاتهامات تلاحق الصندوق من قبل الطلاب حيث قالوا ليس هناك ازمة من الاساس حتى يستدعى الصندوق الشرطة لطلابه. بروفيسور آدم ابكر محمود مدير الجامعة قال فى وصفه للاحداث انها جاءت كنبت شيطانى وكان الطلاب يملأون قاعات المحاضرات ليخرج الجميع على صوت الرصاص لنتفاجأ بعدها بمظاهرات لحوالى مائة طالب تصدها قوات الشرطة قبالة مبنى الصندوق، ومضى محمود قائلاً ما كان أمامنا الا تعليق الدراسة للحفاظ على الارواح وحتى تعود الامور الى نصابها. واضاف كونَّا آليات مشتركة لمعالجة الازمة حتى لاتتكرر فى المستقبل واستبعد المدير وقوف جهات سياسية وراء الاحداث وقال لا أعتقد ان هناك عملاً منظماً وراء تلك الاحداث وإنما هناك جهات استغلت الحادث بعد وقوعه ورفض توجيه اتهام لأىة جهة مكتفىا ًبالقول (رصاصة طائشة أصابت سعيدة دون أن نعلم صاحبها). وحول مستقبل الجامعة اشار محمود فى حديثه ل (الرأى العام) ان الجامعة تأثرت كثيراً بعدم الاستقرار الذى ظلت تعانى منه الولاية طوال فترة الحرب وتوقع ان تسير الامور للاحسن فى مقبل الايام وذلك من خلال خطة تستوعب فيها الجامعة كافة حاجيات الطلاب الدراسية والنقابية ووعد بإقامة انتخابات اتحاد الطلاب فور استئناف الدراسية. وقال ان الجامعة لن تتوقف كثيراً متوقعاً ان يجئ اجتماع مجلس الاساتذة المقرر له بعد غد الثلاثاء بإعلان استئناف الدراسة. وكشف المدير عن قنوات مفتوحة للتواصل مع الطلاب للتعرف على المشكلات قبل وقوعها ورغم تطمينات المدير بمستقبل الا انه عبر عن قلقه حيال ضعف الموارد وشح التمويل وقال لا نتلقى أى دعم من التعليم العالى سواء من الولاية او المركز واضاف قائلا (الجامعة ماشة بالبركة). اما معتمد محلية الدلنج والمسؤول الاول عن لجنة الامن بالولاية فقد رفض الحديث عن احداث جامعة الدلنج واكتفى بالقول (هناك لجنة تحقيق ستفرغ خلال اسبوع من اعمالها وحينها سنملك الرأى العام المعلومات كاملة) ووعد ببذل قصارى جهده لدعم الجامعة ومشاريع التنمية فيها والحيلولة دون وقوع أى احداث فى المستقبل. ومهما يكن من حال ستظل جامعة الدلنج مغلقة الابواب مع دخول العام الدراسى الجديد علماً بأن هناك دفعة كاملة علقت دراستها بسبب الاحداث ولكن الامر ينتظر نتائج تحقيق تخرج به اللجنة المكلفة هذا الاسبوع.