(باي باي) لم تصمت هذه الكلمات طيلة الايام الفائتة التي شهدت الحدث التاريخي الاهم في تشكيل خارطة السودان جغرافياً ووجدانياً بإجراء الاستفتاء لخياري الوحدة والانفصال، الا ان ارتباط (باي باي) بهذا الحدث وحتى قبيل انطلاقة الاستفتاء ربما نفس ما تصمت عنه صناديق التصويت قبل أن تمضي نحو الفرز، التلويح بالوداع بهذه العبارة في وجه الشمال تأرجحت بين القبول والرفض وعدم اللامبالاة وفي احيان التعامل بالمثل حين استفزت بعض اهل الشمال وردوا عليها قائلين: (نحن ايضا نقول باي باي ) للجنوب، الا ان هناك فئة ترتبط بشكل ادق بأواصر اسرية تمتد شمالا وجنوبا صمتت عن التعليق على هذه العبارة وقال احدهم ل(الرأي العام) مفضلاً حجب اسمه هذه احاديث انفعالية ومن الصعب ان تؤثر على العلاقة بين الشمال والجنوب ، وقال عندما نتحدث عن (باي باي ) يعني الوداع هذه عندما يكون بين الاثنين فالامر اشبه بطلاق يكون في مرحلة حتمية بقاء الزوجين معاً تحت عرش واحد يربطهما ابناء ويصمتان فقط عن (العلاقة الزوجية). (باي باي) اخذت اشكالا عدة وفي مناسبات مختلفة من بينها استقبال الرئيس البشير في جوبا حيث كان الإستقبال الشعبي بمثابة وداع مبكر وهتف المواطنون : «باي باي بشير... باي باي وحدة». وحملوا لافتات تقول: «أهلاً بالرئيس البشير في دولة جنوب السودان». علامات الاستفهام التي تحملها عبارة «باي باي» كانت محل تمحيص من قبل بعض اجهزة الاعلام الدولية فهذه افرزت حيزا للتحليل عن اسباب فرحة الجنوبيين بالانفصال الا ان البعض قلل من الامر واعتبره فعلاً انفعالياً تقف وراءه رغبات الساسة ، فحتى الصحف الاسرائيلية لفتت الى الامر «باي باي» الجنوب والحقتها ب( باي باي ياعرب) وافردت تلك الصحف مساحات للحديث عن دولة الجنوب المرتقبة وعن مسيحية هذه الدولة ووداعها للعرب ب (باي باي للعرب). امام مراكز التصويت في الجنوب كذلك رصدت عدسات الكاميرات تلويحات الجنوبيين مودعين ورصدت الكاميرات ايضا رغبة الفريق سلفاكير بالتلويح ب«باي باي» وفعلها فور ادلائه بصوته، كثير من الجنوبيين بمختلف توجهاتهم لوحوا بعبارات (مع السلامة مع السلامة.) و(باي باي) خرطوم اخيراً سنغلق ابوابنا علينا.. ثرواتنا لنا).ورغم ان التلويح بالوداع غالبا ما يرتبط بالفراق ومن ثم الالم والحزن على هذا الفراق الا ان التلويح بالوداع الذي ارتبط بالاستفتاء جاء على نحو فرح غير ان السؤال الذي يتبادر للذهن هل كان الامر بالفعل يعبر عن فرح ام انفعالات وليدة لحظة كما قال البعض.