رغم ان الحديث الظاهر عن انسلاخ بعض المنشقين عن جماعة انصار السنة المحمدية الام رد الى اسباب وخلافات سياسية خاصة الانشقاق الكبير الذى قاده الشيخ ابو زيد محمد حمزة وجماعته باعتبارهم تياراً معارضاً للمشاركة السياسية الا ان الشاهد فى تاريخ تأسيس الجماےعة يبرز انها موغلة فى العمل السياسى البحت وان لبعض من قادتها نشاطا سياسيا انقسم بين احزاب الامة و الحزب الوطنى الاتحادى وحزب الشعب الديمقراطى .ولم يكن اعضاء الجماعة يتحرجون من الانتماء الحزبى، فالشيخ محمد هاشم الهدية نشأ فى كنف أسرة اتحادية والشيخ أحمد حسون الاب الروحى للجماعة كان عضوا ناشطا فى صفوف حزب الامة ....... وقال محمد خليفه صديق الباحث فى الجماعات الاسلامية ل( الرأي العام):ان سبب غضب الجماعة على شيخها أحمد حسون وطرده من الجماعة قول الشيخ فى اجتماع لحزب الامة وفى حضور الامام عبد الرحمن المهدى مادحا رجال الحزب «ان تهلك هذه العصبة فلن يعبد الله فى السودان» فاثار ذلك حفيظة الجماعة وفصلته .واجمل مهتمون بشؤون الجماعات السلفية فى السودان انها كانت تمارس دعوتها نها را فى منابرها وليلا تشارك فى البرامج السياسية للاحزاب كل حسب انتمائه السياسي ومعظم اعضاء الجماعة الذين نشطوا فى العمل السياسي كانوا ضمن صفوف حزب الامة وتربطهم علاقات قوية بالامام عبد الرحمن المهدى.. ويرد الباحث طارق المغربى ذلك الى ان هناك رأىاً راجحاً لدى الجماعة والباحثين فى الجماعات الاسلامية من بعد على ان دعوة الامام المهدى فى الاصل هى دعوة سلفية تحارب البدع وتدعو الى تنقية العقيدة بيد ان تحريفا شابها بعد وفاة الامام المهدى الذى لم يعمر طويلا بعد سقوط الخرطوم لتثبيت اركان دعوته. وذهب محمد خليفة الى ان الجماعة كانت متسامحة ولم تتشدد مع بعض من اعضائها الذين كانوا يدخنون السجائر ويتعاطون الصعوط وتركت لهم الامر حتى تخلوا عن ذلك طوع ارادتهم. وداخل هذه البيئة السودانية الخالصة التى انتظمت فيها الجماعة لم تكن منفصلة عن الهم السياسي العام . وفى الخمسينيات شاركت بعض قياداتها مع الاخوان المسلمين والطرق الصوفية فى تكوين (الجبهة الاسلامية للدستور ) وذلك من أجل الدفع باعلان الشريعة الاسلامية دستورا للبلاد ونشطت الجماعة فى العمل السياسي وفى العام 1965 ومع ذات الجماعات السابقة كانت عضواً فاعلاً فى تكوين (جبهة الميثاق الاسلامى) الا انها سرعان ما غادرتها وقال المغربى ان الجماعة انتابها احساس بانها تم استغلالها من قبل الاخوان المسلمين لذا نفضت يدها عن جبهة الميثاق . وأفلتت الجماعة من تجميد نشاطها ابان عهدى نظام الرئيس عبود وايام مايو كونها كانت مسجلة كجمعية خيرية لا حزباً سياسياً الا ان ذلك لم يمنع سلطات مايو من اعتقال الشيخ الهدية والزج به فى السجن باعتباره معارضا ومناهضا للنظام. وأبرز نشاط للجماعة بعد انتفاضة ابريل 1985 اصدرت الجماعة مجلة( الاستجابة) فى العام 1986 وكانت اول منبر اعلامى تطل عبره الجماعة على المشهد العام .ويرى مراقبون الى هذا التاريخ كانت الجماعة متماسكة ولم تضربها رياح الانقسام والخلاف والصراع الا انه وبحلول التسعينيات بانت كل تلك العلل لأمرين: الأول عودة الدارسين بالخارج الى صفوف العمل بالجماعة وما اسماه محمد خليفة صديق بالسلفية المستوردة من الجزيرة العربية والتى تمثلت فى تدفق اموال البترول لتمويل انشطة الجماعة ودخلت عبرها اجندة الممولين ومن ضمنها فرض النقاب وكافة التدين الشكلى الظاهر والتشدد .ويزيد المغربى على ان الخلاف دب بين الجماعة حول عدد من المسائل التى لم تكن مطروقة لديهم والتى دار الحديث حولها فى كتابات الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق وهو من قادة السلفيين فى الكويت (من اصل مصرى) ولديه عدد من الكتابات فى دورة الحياة العامة طرح فيها افكاره بصورة اوسع وشجع فيها على الالتحاق بالاتحادات والنقابات وتشدد فى مسألة التنظيم.ومن هنا نشب الخلاف بين الجماعة مجموعة منهم رجحت الجانب الذى يدعو للمشاركة فى العمل السياسي والآخر رفض . ويبدو ان المجموعة الاولى تفضل المشاركة الفاعلة فى نظام الحكم لخلق مساحة اوسع لايصال رسالتها، بينما اختارت المجموعة المعارضة التمسك بنهج الدعوة الى ان يأتى من صلب المجتمع القائد الصالح وهو طريق طويل وقد لا يؤتى ثماره فى ظل الاحداث المتسارعة. وأول انشقاق معلن عن الجماعة قادتة مجموعتان صغيرتان عرفتا ب (المعتزلة) و(القرآنيين) والأخيرة قادها يوسف محمد عبد الله وكان خطيباً مفوهاً وبارعاً إلاّ أن كلتا المجموعتين تلاشتا. إلاّ أنه فى العام 1992انشقت مجموعة عن الجماعة واطلقت على نفسها (جماعة الكتاب والسنة)وكانت تستعين بفتاوى السعوديين وانتهى أمر هذه الجماعة حسب محمد خليفة الى مجرد جمعية خيرية فى مسجد مسيك بامتداد الدرجة الثالثة ومعهد الدراسات الشرقية. ومن رموز هذه المجموعة الشيخ عثمان الحبوب وصلاح الأمين . ويرد مراقبون ان سبب انشقاق هذه المجموعة خلاف ادارى وتنظيمى. وفى اكتوبر من العام 2006 استقال يوسف الكودة من الأمانة العامة للجماعة وغادر ومعه آخرون المركز العام وأسس حزب الوسط الاسلامى كانت فكرته قائمة على تقديم نموذج اسلامى مشرق . كما انشقت ايضا مجموعة اخرى عرفت بمجموعة الصافية لتمركز نشاطها فى منطقة الصافية، واطلق عليها ( جماعة اللا جماعة) لرفضها لفكرة الجماعة واعتقادها بحرمة ذلك إلاَّ أن باحثين فى الجماعة فندوا فكرتها بحسبان أنها لنشر دعوتها لابد ان تنظم نفسها فى جماعة. الا ان الانشقاق الكبير الذى طال صفوف الجماعة وقع فى العام 2007 اثر تأسيس الشيخ ابو زيد محمد حمزة لجماعة الاصلاح. وقال الكودة ان خروج ابوزيد من الجماعة لمعارضته فكرة العمل السياسي للجماعة كأفراد او باسم الجماعة .وهناك قصص عدة تروى عن ذلك. ونواصل