حشرت المفوضية الاتحادية لهيئة الشباب والرياضية ساحة كرة القدم الأكثر شعبية في السودان في زاوية ضيقة وخلقت بقراراتها وتوصياتها الإستشارية حالة من الإحتقان والإستقطاب الحادين على نطاق واسع في البلاد. فبتوصية غير معلنة رفض وزير الشباب الجديد حاج ماجد مقابلة ممثلين للإتحادات المحلية، ورفض الرد على الخطابات الصادرة من مجالس إدارات أحد عشر نادياً بالدرجة الممتازة وثمانية وثلاثين إتحاداً محلياً بجانب خطابات ممثلي التدريب والتحكيم التي طالبت بمنح د. شداد والمحامي مجدي شمس الدين حق الترشح لدورة ثالثة. وتلك الخطابات كانت بطلب من وزير الشباب السابق محمد يوسف عبد الله. هذا الموقف (عدم الاستقبال أوالرد على الخطابات) يخلق حالة من الاستفزاز في أوساط مجموعة من الشخصيات السودانية التي لها إسهامها غير المنكور في المجتمع (أستاذ جامعي ومحامين ورجال أعمال) غض النظر عن نجاحهم أو فشلهم الطوعي وهم لهم تلاميذ ومؤيدون ومعجبون بقدراتهم الفكرية والمهنية، لذا فإن دائرة الاستفزاز والإحتقان تتسع باتساع مجالات انتشارهم. ان عدداً من المسؤولين في وزارة الشباب والرياضة والمناط بهم القيام بدور الاستشاري إما حجبوا النصيحة عن الوزير أو أنه ضرب بهم عرض الحائط. فمن أولى مهام الوزير الإلتقاء بممثلي المؤسسات التي تقع تحت إشرافه المباشر أو تلك التي تستهدفها وتؤثر فيها وتتأثر بها استراتيجيته سلباً وإيجاباً، هذا في الأحوال العادية، أما في الأحوال الإستثنائية كحالة اتحاد كرة القدم المقدم على إنتخابات خواتيم هذا الشهر، فإن المبادرة باللقاء والإقناع بمبررات السلطة السياسية رفض الإستثناء أو الإقتناع بأهميتها هى الأجدى. ولكن لسبب غير معلوم للرأي العام آثر الوزير ترك الساحة تمور غير مبالٍ بمآلات الرهان على الجنرال زمناً. فالإعتقاد أن قرب موعد الإنتخابات سيجبر المجموعات المختلفة على الإنقسام ثم الرضوخ لخطة الوزارة غير المعلنة صراحة برفض ترشيح د. شداد أو خمسة عشر عضواً آخر من أعضاء الجمعية العمومية. هذه مجموعات تمرست على لعبة الإنتخابات وخلقت شبكة معقدة من العلاقات الداخلية والإقليمية والدولية. وهي مستوعبة تماماً للنتائج التي يمكن أن تترتب على رفع عقيرتها بالصراخ بأن هناك تدخلاً سياسياً في شؤون الاتحاد. وتدرك تماماً أن الظروف الحالية في مصلحتها، خاصة بعد أن كشر الاتحاد الدولي لكرة القدم عن أنيابه في وجه نيجيريا وفرنسا في أعقاب الخروج المذل لفريقي البلدين من مونديال جنوب إفريقيا مبكراً. أما الأسوأ فإن رهان المفوضية وربما من خلفها الوزير مبني على المجهول فعلى عكس الدورات السابقة للإتحادات لم تكن هناك قائمة منافسة ذات برامج واضحة ومغايرة لقائمة الاتحاد الحالي. مما يعني أن الساحة مقبلة على فراغ قد يمتلئ بمتسلقين عاطلين عن أية قدرات. إن المأزق الذي أدخلت فيه المفوضية الجهة السياسية سيسفر عن خسائر، فإما أن يبدأ الوزير مشواره بالتراجع عن مواقف اتخذها صراحة (احترام القوانين) أو مواربة (الصمت)، وبالتالي سيبدو شخصاً متردداً في ساحة مليئة بالمتآمرين أو أن يتدخل بشكل سافر ويفرض رئيساً للاتحاد ترضى عنه المفوضية وبالتالي يصبح السودان في فوهة مدفع الفيفا، أي يحتل بشكل سالب صفحات الصحف الرياضية التي يقرأها الملايين عربياً وإفريقياً على الأقل وستتهم السلطة السياسية بأكملها بالترويج للتدخل في نشاط أهلي. وقد يقلل الكارهون لمجموعة شداد من قيمة واحتمال تدخل الفيفا خاصة بعض الأقلام الصحفية التي اعتادت التعبئة غير الموضوعية ضد الاتحاد المحلي عموماً وشداد خصوصاً. المصلحة العامة تقتضي الآن وحتى لا يكون هناك خاسر ومنتصر القبول بمقترح الأستاذ فتح الرحمن شيلا الذي قيل إنه شخصي والداعي للتمديد للاتحاد الحالي لمدة عام يتم خلالها إجراء إصلاحات (قانونية وإدارية وفنية شاملة) لنهوض حقيقي بكرة القدم وكخطوة لتطوير بقية المناشط الرياضية.