على مقربة من مسجد بلال بضاحية جبرة، يوجد منزله، منزل القس جشوا داو ديو رئيس مفوضية حقوق غير المسلمين بالخرطوم الذي إستقبل (الرأي العام) بلطف زائد على خلفية التعديلات المرفوعة للرئاسة التي أثارت ردود فعل غاضبة من علماء السودان في الأيام الفائتة ويُنتظر أن تُجرى على بعض القوانين التي قد يتضرر منها غير المسلمين بالعاصمة.. بادرنا رئيس المفوضية بالسؤال عن أحوالنا في رمضان، ثم جاءت إحداهن لتضع على منضدة صالونه الأنيق أكثر من مشروب أُمسية الأربعاء الماضي. بعدها، وضعنا على ذات المنضدة، الكثير من التساؤلات المتصلة بتعديل زمن حفلات غير المسلمين وفتح محالهم التجارية أثناء صلاة الجمعة والمطاعم أثناء رمضان وتعديلات أخرى تراها هيئة علماء السودان محض ذريعة لنشر الفوضى والفساد الأخلاقي، فيما تراها المفوضية ضرورية لتعزيز فرص الوحدة التي لم تعد جاذبة حسبما نفهم من ثنايا هذه الحوار مع جشوا: ....... * ماهي التعديلات المقترح إجراؤها على وجه الدقة؟ - طبعاً المحال التجارية حسب الأوامر المحلية مفروض تقيف لصلاة الجمعة وقلنا إذا مسيحي يملك محلاً تجارياً مفروض يكون فاتح لأنه لا يؤثر ولا يزعج المسلم أثناء الصلوات. وكذلك الأوامر المحلية تحدد الساعة الحادية عشرة موعداً لنهاية الحفلات فأجرينا تعديلاً في هذه المسألة ومددنا الزمن حتى الساعة الثانية عشرة لأن أعراس المسيحيين تتأخر حتى الساعة (9) ويذهبون الى الاستديو لغاية الساعة (10) وعندما يذهب الى الحفلة لايكون هنالك وقت فاقترحنا إضافة ساعة واحدة لا تؤثر في القانون أو في راحة الآخرين فهذه الحفلات لاتقوم دائماً ولا تكون في حي واحد. - صمت برهة- * ثم ماذا؟ - نمرة ثلاثة في رمضان الأوامر المحلية تطالب بقفل محلات بيع الأطعمة وتمنع بيعها إلا بإذن وتصاديق، ونحن عدلنا بأن يمنحوا التصديق بدون رسوم زيادة. ففرض رسوم زيادة هذا يعني أنك تريد تعطيل عملهم ثم أن الفاطرين في رمضان ليسوا كثيرين حتى لا تقول بأن هناك دخلاً كبيراً يأتي من التصاديق. * هل تلامس هذه التعديلات الدستور أم هي تعديلات في الأوامر المحلية؟ - لا هذه التعديلات لا تخص الدستور وإنما تخص الأوامر المحلية كما أنها لاتمس الدين الإسلامي إذا «اتشالت». * كان هناك حديث عن تعديلات في مسألة الزي الفاضح وإعادة صياغته من أجل الوحدة الجاذبة نشرته الصحف في الأيام الفائتة؟ - لا.. الزي الفاضح ليس هناك قانون ضده حتى الآن، فهذا حديث ما زال شفوياً.. نحن كان لدينا جدل كبير حول تفسير الزي الفاضح ووزارة العدل كونت لجنة لهذا الأمر فيها نساء ونحن طالبنا في الاجتماع الأخير يوم 26/8 من وزارة العدل بأن تأتينا بالمقترح النهائي لتحديد الزي الفاضح من عدمه. وهذه اللجنة كونتها وزارة العدل قبل ثلاثة أشهر وجلست معنا في المفوضية وعقدنا ورشة لوكلاء النيابة بحضور أكثر من (75) وكيل نيابة وبحضور وكيل الوزارة. * وهل وصلتم الى شئ فيما يتصل بالزي الفاضح؟ - لا.. فنحن نرى أن لبس الخواجات غير محترم «ميني» أو «شورت» ممكن النساء يلبسوا بدون كم وفوق الركبة ولا يكون فاضحاً، فالحديث عن اللبس الفاضح أصبح فضفاضاً ولابد من الشيوخ وعلماء الدين والسلاطين أن يجلسوا ليحددوا لنا ما المقصود بالزي الفاضح هل يقصدون بغير الفاضح أن يكون لبسا دينياً على غرار ما يُلبس في السعودية. * ما هو الهدف والغرض النهائي من كل هذه التعديلات؟ - الهدف أن يشعر المواطنون غير المسلمين بأن لهم وجوداً في عاصمة بلادهم ويكون هناك تعايش واحترم لتقاليدهم، فالقانون يقول بتطبيق الشريعة في شمال السودان - شمال حدود 1956م - بما في ذلك العاصمة طبعاً، ولذلك كان لابد أن تكون هناك مفوضية خاصة لرعاية حقوق غير المسلمين وهو ما نفعله نحن بتعديلنا لمثل هذه القوانين. * الآن أين وصلت نقاشاتكم بشآن هذه التعديلات ومتى ستجد طريقها للنفاذ؟ - أوصلناها الى رئاسة الجمهورية، ونحن لسنا الجهة التنفيذية وإنما نقوم بعمل توصية لرئاسة الجمهورية. * وما هي توصيتكم للرئاسة تحديداً؟ - أوصينا بتعديل تلك الأوامر المحلية، ورئاسة الجمهورية ستتصل بولاية الخرطوم لإجراء هذه التعديلات بتوجيهات رئاسية بعد إجراء دراسة. * هل تفتكر أن مثل هذه التعديلات البسيطة ستكون ذات قيمة تأثيرية تتطلب كل هذه الضجة؟ - هي تعديلات بسيطة جداً ونحن كذلك استغربنا من غضب علماء السودان. * المفوضية تضم رجال دين مسيحي وإسلامي ألم تشركوا علماء الدين الإسلامي في هذه القضية؟ - العلماء المسلمين داخل المفوضية اشتركوا في النقاش لتعديل هذه الأوامر المحلية وكانوا موافقين عليها ورأوا أن هذه أوامر على المواطنين ولا تؤثر في إيمانهم. * مَن مِن العلماء في المفوضية رأى ذلك؟ - د. الحبر يوسف نورالدائم زعيم الأخوان المسلمين، ود. إسماعيل رئيس أنصار السنة. * الناظر الى التعديلات التي اقترحتم اجراءها يمكنه القول بأن المفوضية وبعد أن نامت طوال سنى الاتفاقية استيقظت فجأة وتحركت بهذه التعديلات لتقول نحن موجودون؟ - هذا غير صحيح، فالمؤتمر الوطني والحركة الشعبية قاما بحملة عندما اقترب الاستفتاء لجعل الوحدة جاذبة ولتكون جاذبة اتصلت بنا السلطات المختصة خاصة شيخ علي وسألنا عما يعيق رسالتنا في التعايش السلمي. *السؤال الذي يلح هنا هو لماذا هذا التحرك الآن؟ - لأن الاستفتاء اقترب ونريد لكل مواطن ان يحس بالراحة في العاصمة ويشعر أن نشاطه التجاري فيها غير متعطل وأكله في رمضان ما متعطل ولا يشعر بالغربة ويرسل إشارات تطمينية للمواطن الجنوبي بأن حقوقه لن تضام ومتوافرة في العاصمة القومية. * الحيثيات التي بنيتم عليها تعديلات الأوامر المحلية هل من ضمنها ما يتعارض مع الدستور؟ - نعم هذه الأوامر المحلية غير متوافقة مع الاتفاقية والدستور لأنها تعطل الوحدة والتعايش السلمي. * البعض يرى في حديثكم عن هذه التعديلات قبل (120) يوماً على الاستفتاء ضرباً من الابتزاز؟ - لا أعتقد، فالتوقيت مرده ان الناس في السابق لم ينظروا الى هذه الأشياء بالجدية الكافية والآن مع اقتراب الاستفتاء اتضح انها مؤثرة خاصة للجنوبيين الذين سيبقون في الشمال مهما كانت نتيجة الاستفتاء فهذا من شأنه ان يجعلهم يشعرون بالارتياح. * ألا ترى في هذه التعديلات تماشياً مع الدعوات لعلمانية العاصمة؟ - العاصمة أمرها محسوم بالشريعة في الاتفاقية مع مراعاة تنفيذ القوانين الاسلامية بمرونة لغير المسلمين، فلا علاقة لذلك بالحديث عن علمانية العاصمة أبداً. * قريباً من ذلك طرح حزب الأمة مؤخراً مبادرة لترجيح الوحدة فيما تبقى من زمن اشتملت على استثناء العاصمة من قوانين الشريعة الاسلامية؟ - هذا الاستثناء طُرح وكان مرفوضاً في نيفاشا، واختار الوطني ان تكون الشريعة في كل الشمال، الاستثناء الوحيد في الفترة الانتقالية ان تكون هناك مفوضية في العاصمة لمراعاة حقوق غير المسلمين. * كيف نظرت بوصفك رئيساً للمفوضية إلى غضب علماء السودان من هذه التعديلات ووصفهم لها بأنها ذريعة لنشر الفوضى والفساد الأخلاقي؟ - هم فهمونا غلط ولم يعرفوا المقصود بهذه التعديلات وإنما أخذوا الكلام الكثيرالذي كتب بالأمس في صحيفة «أجراس الحرية» التي أثارت أشياء لم تكن ضمن تعديلاتنا، فتعديلاتنا مركزة على أشياء معينة لحماية حقوق غير المسلمين، وهي تعديلات لاتمس جوهر الدين وإلا احتج د. الحبر ود. إسماعيل رئيس جماعة أنصار السنة والشيخ عبدالجليل النذير الكاروري وغيرهم من العلماء الذين وافقوا على هذه التعديلات عندما اجتمعنا بشأنها في المفوضية واتفقنا جميعاً على هذه التعديلات ومن ثم رفعنا توصيتنا الي رئاسة الجمهورية. * هناك تخوف من ان تكون هذه التعديلات المزمع إجراؤها مدخلاً لتعديلات أخرى اكثر جرأة في الفترة القادمة؟ - لا مبرر لخوف كهذا، فنحن مقيدون بالقوانين السائدة في البلد وفي العاصمة التي تطبق فيها الشريعة. * ما هو أقصى مايمكن ان تفعلوه في المفوضية في حال تم تجاهل التعديلات التي اقترحتموها على القوانين والأوامر الإدارية؟ - نحن نتبع لرئاسة الجمهورية ورفعنا توصياتنا لها، وهم في الرئاسة مجبورون يردوا عليها فهذا الأمر يهمهم اكثر وهم الذين يريدون التعايش السلمي في العاصمة القومية ويريدون إرضاء المواطنين تحت رعايتهم سواء أكانوا مسلمين أو غير مسلمين.