... سلطت الصحافة والإعلام العالمي الأضواء كثيراً على السودان في الأيام الماضية.. وها هي الإدارة الأمريكية تعقد اجتماعاً حول السودان.. وها هي أهم قيادات السياسة السودانية تتداعى إلى (نيويورك).. حيث توجه إلى هناك القائد سلفا كير - رئيس حكومة جنوب السودان والنائب الأول لرئيس الجمهورية - وكذلك نائب الرئيس الأستاذ علي عثمان.. ومع كلٍ من الرجلين مجموعة من العقول السياسية السودانية.. يذهبون هناك وسط تعبئة سياسية ضخمة تقودها الإدارة الأمريكية ضد السودان.. وقد بدأت هذه التعبئة منذ اشارات الرئيس (أوباما) واحتجاجه على استضافة كينيا للرئيس البشير، بل وتوبيخه لها.. ثم جاءت على آثارها دعوة السيدة (كلينتون) وزيرة الخارجية لإنفصال جنوب السودان، وتأكيدها على أن جنوب السودان في طريقه للانفصال واطلاقها جملة من التهديدات.. ثم تأتينا الأخبار بأن هنالك ضغوطاً كبيرة على المبعوث الأمريكي (غرايشون) وانباء عن تنحيته عن ملف السودان. وقبل عشرة أيام -أي- في (19 سبتمبر 2010م)، برزت مقالة مشتركة بقلم (الجنرال لازارو سومبويا والقس جون دانفورث) نشرتها صحيفة (الشروق) المصرية بعنوان: (باقي من الزمن مائة يوم على الاستفتاء والسودان مازال غير مستعد). ...... رأي أمريكا والقس دارنفورث كان مبعوثاً سابقاً للرئيس الأمريكي، وكان وراء سلام جبال النوبة.. كما أن سيمبويا كان ممثل الاتحاد الأفريقي والحكومة الكينية في محادثات السلام. والمقالة في ظننا لا تطرح وجهة نظر (سيمبويا) لأننا نعلم أنه ودانفورث يعكسان وجهة نظر الإدارة الأمريكية. وأن مثل هذه الرسائل إنما يقصد منها رسالة للمجتمع الدولي والحكومة السودانية.. ونرجو أن تكون وزارة الخارجية السودانية قد درست محتوى هذه المقالة التي تتحدث على أن الشهور المقبلة ستشهد الحلقات الأخيرة المؤدية إلى استفتاء جنوب السودان، والإنتهاء بذلك من قضية السلام في جنوب السودان.. وتتنبأ المقالة كذلك بانفصال جنوب السودان. وليس هذا هو المهم.. المهم عندنا أن المقالة تشير الى أن المجتمع الدولي يجب ان ينتبه إلى أن قضية السودان يجب أن لا تنتهي عند الاستفتاء في جنوب السودان.. وإنما يجب ان تمتد للمناطق الثلاث (أبيي وجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق) وما تضمنته من عبارات حمالة أوجه وجمل مفتوحة باسم المشورة الشعبية.. وعلى المجتمع الدولي بعد أن يفرغ من جنوب السودان أن يتجه بقوته لحل اشكاليات هذه المناطق الثلاث مع الحكومة المركزية. وبإختصار، أن المقال المشترك لسيمبويا ودانفورث يعتبر بمثابة صب الزيت على النار.. وهو فوق ذلك تنزيل للنهج الإسرائيلي القائم على التشكيك والتفكيك وأخذ الجزيئيات ومعالجة الأمور من خلال التجزئة والقسمة. ولذلك علمتنا الدروس الدولية أنه لا خير في (العلم) الأمريكي الذي حيث دخل أشعل النار.. فقد أشعل النار في باكستان ولم تهدأ أبداً.. وأشعل النار في افغانستان ولن تهدأ افغانستان.. ودمر العراق وأشعل النار فيها ولن تهدأ العراق.. وأشعل النيران في الصومال وفكك فيها الدولة ولن تهدأ النيران.. وها هو النظام الدولي يحاول (فكفكة) النظام المصري عن طريق الصراعات وإثارة قضية الأقباط واستقوائهم بالأجنبي.. وكذلك التفكيك الحادث في لبنان والذي يتجه إلى سوريا وكل المنطقة الإسلامية. والذين يعولون على أمريكا ويضعونها فوق القبيلة.. وفوق الحزب والوطن.. هم الذين تراهن عليهم أمريكا في المرحلة المقبلة.. ولذلك فإن قراءة تصريحات السيدة (كلينتون) في إطار مقالة (سيمبويا ودانفورث) وكلمة الرئيس أوباما عن السودان، تجعل الجميع في حالة إنتباه وإحتراس. محاولات إغتيال لأننا حينما فرحنا باتفاقية السلام في نيروبي، وانطلقت الاهازيج وحملت الطائرات ألوف البشر لمباركة الاتفاقية.. وركزت الكاميرات الأضواء على تنفيذ الاتفاقية حسبنا وقتها أن جائزة (نوبل) للسلام ستقدم إلى الرئيس البشير.. ولكن فجأة بدلاً عن الاكرام والتمجيد والاعتراف بالإنجاز برزت قضية دارفور.. والحديث عن المحرقة والإبادة الجماعية وتشويه صورة الرئيس البشير واغتيال القائد الدكتور جون قرنق على الصورة التي تم بها.. ومحاولات الاغتيال السياسي والاخلاقي للرئيس البشير بكيل التهم كيلاً.. ونسأل الآن ما هو عائد اسهامات المجتمع الدولي في إطفاء نيران الحروب الأهلية والاحتقان وإطفاء بؤر التوتر.. ما هي انجازات المجتمع الدولي بعد سبع سنوات من الوجود في دارفور وإنفاق أربعة عشر بليون دولار، كما يدعون، غير مزيد من الجنود والاستحكامات على مستوى مطار الخرطوم، وعلى مستوى خلفية مطار الخرطوم.. وعلى مستوى دارفور.. ولقد سأل أحد المسؤولين بعض القادة العسكريين في معسكرات الأممالمتحدة في دارفور: إلى متى هذه التحصينات، وإلى متى أنتم باقون.. فقالوا هذه التحصينات لعشرات السنين. ونسأل المجتمع الدولي: ماذا عن الاداء في الجنوب.. وانفاق ذات المبلغ.. وأين ذهبت هذه الأموال.. وما هو عائد اتفاقيات السلام سواء على مستوى التواصل البيني أو على مستوى البنية التحتية.. ونسأل أين ذهبت أموال المجتمع الدولي ووعودهم المليارية.. ألم تذهب كل هذه الأموال لقوات حفظ السلام.. التي لا نكاد نعرف لها دوراً في حفظ السلام يعادل هذا الثمن المدفوع.. ويكفي المذابح التي تحدث هنا وهناك وحالات الاختطاف العديدة رغم طائرات التجسس ورغم القوات.. ماذا يعني وجود القوات الدولية وقوات حفظ السلام في دارفور التي أصبحت فقط تأوى المجرمين القتلة في المعسكرات والفارين منها.. وتمثل فقط احتياطياً في تشوين المجموعات المؤيدة لعبد الواحد وجعلها نائمة إلى ان يأتي وقت التفجير. تصريحات كلينتون ونسأل: لماذا جاءت تصريحات السيدة كلينتون في هذا الوقت لتأييد الانفصال.. وتصريحات كهذه، ألا تعني صب الزيت على النار.. كما نسأل عن أثر مثل هذه التصريحات على خبرة الوجود الاجتماعي السوداني في الشمال والجنوب، وآثارها على العقل الوحدوي والخبرة الاجتماعية.. ونسأل السيدة كلينتون هل تستطيع أن تطلق تصريحات لدعم الحركات الانفصالية في أثيوبيا أو حتى في أوروبا كالباسك، أو المجموعات الايرلندية أو في غيرها من مناطق العالم.. ولماذا لا تبرز التصريحات الأمريكية أية ومضة أمل.. وهل أمريكا عمياء عن التنمية التي حدثت في جبال النوبة.. ألم يتم شق ثمانمائة كيلو متر من الطرق المسفلتة في غضون عامين.. وألف كيلومتر من الطرق الممتدة.. وأصبحت كاودا وغيرها من المناطق المعزولة في قلب الجبال.. وبدلاً عن أن تبرز السيدة كلينتون وسوزان رايس وأن يتحدث دانفورث وسيمبويا كان يجب عليهم أن يتمتعوا بالمصداقية والشفافية ويحدثونا عن التعايش الديني وعن النماذج التاريخية الملهمة في الوحدة والاخاء والحرية.. ولكن تبرز اللهجة الأمريكية القائمة على التشكيك والتفكيك وزيادة الاحتقان. ونسأل النخبة الجنوبية التي تتكلم عن الانفصال، وتستعد لقفزة في الظلام ونحاكمها بأن الحركة الشعبية الآن تحكم كل الجنوب، وتسهم بقدر كبير ومقدر في الحكم المركزي.. وإلى أين سيقودنا الانفصال غير إنعزال الجنوب عن الشمال فقط.. وعن عزلة جنوبية تنعزل بدورها عن المكاسب التي حققها الجنوبيون.. وسيجد عشرات الآلاف من الجنوبيين أنفسهم بلا عمل.. ابتداء من السياسيين والأساتذة الجامعيين والخبراء.. كما أن أكبر مجتمع مدني جنوبي موجود في الخرطوم وليس في جوبا.. وأن المجتمع الجنوبي الموجود في الخرطوم يمثل كل القبائل الجنوبية من الادوك والانواك والنوير والشلك والدينكا والفراتيت والقبائل الاستوائية، وهذا التكوين والتمازج لايكاد يوجد في أي من مناطق الجنوب المنغلقة والمنعزلة، فلماذا يتم القضاء على أول تجربة جنوبية للانصهار والاندماج وتعريف الجنوب على الجنوب. كراهية وتشكيك ونسأل دانفورث وسيمبويا وكلينتون ورايس وليمان وغرايشون: أين الإطار المتفائل في العلاقات الجنوبية الشمالية على أرض الوطن الواحد.. وفي وصول وأصول الصيغة السودانية للوحدة الوطنية.. ولماذا بدلاً عن أن تستثمر الإدارة الأمريكية في السلام والتعايش والحرية والإخاء تبذل الجهود والأموال في بث ثقافة الكراهية وفي بث التشكيك.. وفي اضعاف بلد نامٍ كالسودان؟ الرئيس البشير ظل دائماً خير ممثل للعلاقات السودانية السودانية.. ويمثل الثقافة السودانية الجامعة.. تلك الثقافة التقليدية الاسلامية بسماحتها وانفتاحها التي لم تستبعد دور أية مجموعة سودانية في بناء الدولة السودانية.. وليس هناك في السودان عوازل ثقافية سياسية.. بل أن السودان ظل وسيظل أرض هجرة، حيث يضم بين حدوده (132) قبيلة مشتركة من البجا وبني شنقول والقمز والأدوك والنوير إلى القبائل الاستوائية كالزاندي والباريا إلى (26) قبيلة مشتركة مع السودان.. والسودان بسماحته استقبل أكبر هجرة أفريقية.. فروابط الهوسا وسواعدهم القوية عمروا الأراضي، ويكاد عددهم الآن يتجاوز (5) ملايين سوداني اكتسبوا الجنسية السودانية والأخوة السودانية.. وأبناء غرب دارفور جاءوا قديماً كنازحين وأصبح منهم رئيس الوزراء وحاكم الولاية وخليفة المهدي وحاكم السودان، مما وطد فكرة الشعب الواحد والوطن الواحد في إطار الطاريء والمتحول والأصل هو الثابت. أيهما أكثر سماحة: النموذج السوداني الذي يجعل من يأتي من (تونس) خليفة للمهدي، ومن يأتي من غرب أفريقيا رئيساً للوزراء ونائباً في البرلمان.. أيهما أكثر سماحة النموذج السوداني أم النموذج اليوغندي أو الليبي؟ أوباما والتعايشي ألاَّ تعرف الإدارة الأمريكية أن ما حدث في أمريكا في عهدها الأخير بصعود رئيس مهاجر أتى من الخارج، حدث في السودان قبل مائة عام حينما أصبح الخليفة عبد الله التعايشي القادم، من شمال أفريقيا أو غربها وفق الروايات رئيساً للسودان ولمدة سبعة عشر عاماً. أين الإخاء والتفاعل والتعايش والسلام الموجود في السودان في نموذج الدولة الفرنسية التي قضت على الناس في معركة (الكبكب) في العام 1913م، في تشاد التي مازالت تقاتل في أفريقيا الفرانكفونية وتقيم القواعد العسكرية. ماذا فعل دعاة الانفصال في تعميق الأهداف الوطنية، وماذا يفعل المزايدون على الوحدة باسم الوحدة الجاذبة.. ما هي اسهاماتهم.. وما هي خدمتهم لمشروع الوحدة.. وما هي معرفتهم بتجارب الوحدة وأين صدقهم؟ ونسأل أهلنا في الجنوب والنخبة الجنوبية: هل يستطيع الجنوب ان يستغنى عن اللغة التواصلية التي أصبحت قائمة على (العربية) حسب طبعاتها.. طبعة جوبا أو طبعة قبائل التمازج إلى الطبعة الكلاسيكية التي يتكلم بها بعض دعاة الانفصال. هل تستطيع خزانة جوبا الاستغناء عن عائدات النفط المتدفق عبر الخزانة المركزية والأنبوب السوداني، وكيف ومتى.. هل سيجلب الانفصال السعادة والرخاء والاستقرار للشعب الجنوبي الموجود والمندمج في مصالح اقتصادية واجتماعية وسياسية على امتداد السودان.. وهل فكر دعاة الانفصال في ذلك وكيف ولماذا؟ والثقافة السودانية المتجددة والمتطورة والقائمة على التنوع فرصة لابناء الجنوب والشمال وكافة التكوينات العرقية والقبلية والدينية لتحقيق ذواتهم.. وفرصة لتحقيق منهج حضاري سوداني وتيار سوداني ذي حضارية سودانية في إطار التنوع الخلاق والمساواة.. ولذلك لماذا تريد أمريكا وخطابها العولمي افساد هذا التمازج الحضاري؟ ونسأل من هم وراء الفتنة من السودانيين، ماذا يريدون من اشعال مزيد من الفتن في (أبيي) وجبال النوبة وجنوب النيل الأزرق وغيرها. أليس الذين وضعوا رأس الفتنة هم (دوقلاس) و(جونسون) ولجنة الخبراء الثلاثة التي انكشف أمرها في محكمة التحكيم في لاهاي؟ الثراء بالسياسة ونسأل الذين ينتقدون الوحدة وقد اشتروا البيوت في الأحياء الراقية في الخرطومونيويورك ولندن ونيروبي.. من أين لهم هذا.. أليس هو الثراء بالسياسة واستخدام النفوذ.. هؤلاء الذين يزهقون ثمرات الشمال والجنوب هل لهم مصداقية؟ ونسأل السيدة كلينتون ودانفورث ورايس: أين التأكيد على جذور المحبة والإخاء في التواصل المسيحي وفي العقيدة المسيحية.. ونسأل الكنيسة وبعض دعاتها الذين يروجون للانفصال: أين التأكيد علي الجذور التاريخية للمسيحية كجذور شرق أوسطية في خطابهم الملتبس للكنيسة الجنوبية.. لأن المسيح عليه السلام، هو ابن القدس واريحا وبيت لحم ومصر وليس ابن روما ولندن ونيويورك.. وأن الطبعة المسيحية الجديدة القائمة على النظام الدولي والعولمة وثقافة روما وباريس ليست هي المسيحية بجذورها التاريخية الشرق أوسطية.. ونسأل ما هو هدف هذه التجزئة الرأسية وارتباط الرؤوس بنيويورك ولندن بدلاً عن ارتباطهم بالخرطوم وأم درمان وجوبا؟ ونسأل النخبة السودانية واخواتنا في المؤتمر الوطني الذين يراهن بعضهم على أمريكا والدبلوماسية الأمريكية: من صنع فتنة دارفور.. ألم يصنعها سفهاء الطرفين حسب تعبير المؤرخ المصري (المقريزي)، أي سفهاء الحركات المسلحة والنخبة العلمانية التي تمادت في التنابذ بالألقاب والتعبئة والاستقطاب.. ألم يوقظ ويوقف ذلك كله الرئيس البشير بخطابه ودعوته للوحدة وبطوافه على السودان.. وبايقافه للمطبوعة التي تدعو للإنفصال.. ماذا فعلت حكومة الجنوب للرد على تلك التحية؟ ألم تمنح السلطة المركزية أكثر من (30%) من المشاركة السياسية للنخب الجنوبية.. ألم تمكن الحكومة الجنوبيين من ثورة سياسية جعلتهم وزراء للخارجية وسفراء ولعدد من المراكز السياسية المهمة بمنحهم وزارة النفط وغيرها من الوزارات في الحكومة المركزية، وكل السلطة في الجنوب، ونصف عائدات البترول ودعومات مالية ضخمة من مؤسسة الرئاسة وحكومة المركز من أجل مشاريع البنى التحتية؟ أين الصوت العاقل في السياسة الجنوبية.. وكل الأصوات العالية تحفر في اتجاه ذاكرة التشتيت وذكريات الحرب واثارة ثقافة الكراهية وهذا آخر ما نريده. أين الأصوات العاملة على إطفاء بؤر التوتر واذكاء روح الوحدة والعقل الواحد والبعد الواحد في التربة السودانية.. فالابداع ليس في اذكاء الصراعات والخلافات والحروب في بلد هش ومتنوع مرفود بعقل الوحدة والتوحد. صورة نمطية وماذا عن الصورة النمطية التي ترددها بعض النخب الجنوبية لإخوانهم الشماليين وتصويرهم كتجار رقيق واستغلاليين.. من أين جاءت هذه الصور النمطية وهم يرون الرجل الأبيض مسؤولاً عن الصراعات والفوارق الحضارية، وهو المسؤول عن كل الكوارث ليس على مستوى السودان، ولكن على مستوى العالم.. لماذا يستباح تراث السودان وتاريخه من بعض ابنائه، ولماذا يضع عدد من ابناء السودان ذواتهم فوق البلد.. ومصالحهم الشخصية وقبائلهم واحزابهم فوق مصلحة البلد.. أين هو الحضور السياسي والخطاب الايجابي لقادة الحركة الشعبية في بناء الوطن الواحد المتحد. فالسودان، كما يعلم الجميع يقع عليه عدوان أجنبي.. عدوان منذ (كرري).. والسودان شهد أكبر عدوان فرنسي على العالم الأفريقي رده المساليت في غرب السودان.. وعدوان على ضفاف كرري وفي حرب النهر.. ومازال العدوان مستمراً على السودان.. العدوان على الثقافة السودانية باسم المناطق المقفولة.. وباسم التطهير اللغوي.. وتطهير الثقافة السودانية الجامعة من أصولها العربية والاسلامية.. رغم أن الثقافة السودانية جمعت خير ما في الثقافة المسيحية العربية.. وكل النخب السودانية درست شعراء المهجر، ومن لا يعرفون شعراء المهجر، كجبران خليل جبران وايليا ابو ماضي بشعرهم الملهم ومعظمهم من المسيحيين. طائر الشؤم أين جورج زيدان المسيحي الذي كتب الموسوعة الاسلامية، وكتب عن (العباسة) والخلافة العباسية ومعظم رواد العلم الاسلامي التاريخي.. لم تبرز مثل هذه النماذج في الثقافة الجنوبية.. أليس ذلك نتاجاً لثقافة الكراهية.. ولماذا تبرز الثقافة السودانية رجلاً كالطيب صالح -يرحمه الله- متصالحاً مع نفسه وبيئته، بينما يبرز (فرانسيس دينق) متشائماً بطائره أو طائر شؤمه. وفي إطار هذين النموذجين نسأل القائد سلفا كير وقادة الحركة الشعبية الذين يدعون إلى الانفصال ويقولون إن غالبية شعب الجنوب مع الانفصال.. ألم يعرفوا القاعدة الذهبية في علم الاجتماع.. ان الناس على دين ملوكهم.. فكفاكم ثورية.. إذا إختار شعب الجنوب الإنفصال فذلك بدفع حكامهم.. وهذا ما يريده ملوكهم وقادتهم.