مازال المجتمع الامدرماني مفجوعاً برحيل الاستاذ صالح محمد اسماعيل الشهير بصالح سكر رجل الخير والبر المعروف. وقد اتصل بي عدد كبير من رجال ام درمان العارفين فضل الرجل معلنين عن استعدادهم الكبير لاقامة حفل تأبين يليق بالرجل. والراحل المقيم «العم صالح» كما كان يحلو لي ان اناديه.. من رواد الحركة الاتحادية والوطنية.. وكان حافظ اسرار الزعيم الراحل اسماعيل الازهري «طيب الله ثراه» واقرب المقربين له في قضايا الشأن الخاص بالزعيم الراحل وبأسرته. وكان العم صالح هو حامل الرسائل الخاصة من الزعيم الراحل الازهري، التي يريد الزعيم الازهري ارسالها للرؤساء العرب والافارقة وكانت اخطر الرسائل التي كلفه بها الازهري الى الزعيم الراحل عبدالناصر قبيل انقلاب 25مايو 1969م بايام قليلة جداً جداً والتي كتبها بخط يده وسلمها لصالح محمد اسماعيل لكي يسلمها للرئيس الراحل جمال عبدالناصر واوصاه بان لا يسملها لشخص غيره حمل العم صالح في سرية تامة كعادته وغادر الخرطوم الى القاهرة في هدوء شديد دون ان يعرف احد سبب سفره المفاجيء والعاجل الى القاهرة رغم أنه أعتاد ان يسافر كثيراً. وتحت سلم الطائرة في مطار القاهرة استقبله رجال المراسيم المصريين واوصلوه الى احد فنادق القاهرة الفاخرة.. كان ذلك في الثالث والعشرين من مايو 1969م اي قبل يومين من انقلاب 25مايو الذي قاده الرئيس الراحل جعفر نميري. وطلب رجال المراسم من العم صالح ان يسلمهم رسالة الرئيس الازهري الى الرئيس عبدالناصر، لكنه رفض تسليمهم الرسالة لان الزعيم الازهري طلب منه ان يسلمها للرئيس عبدالناصر يداً بيد. ومحتوى الرسالة.. كما حدثني عنها العم صالح هو اخطار الرئيس عبدالناصر بتحرك عسكري في السودان لاستلام السلطة والقضاء على الحكم الديمقراطي ويقوده هذا التحرك عناصر ناصرية.. وطلب ازهري من عبدالناصر تطويق هذه الحركة وتوجيه «جماعته» بالعدول عنها. لكن رجال قصر عبدالناصر ماطلوا العم صالح في تحديد مواعيد مع الزعيم عبدالناصر لتسليم الرسالة ومضى الزمن.. واذا في فجر 52 مايو تذيع ام درمان البيان رقم «1» للعقيد جعفر محمد نميري وبالطبع لم تعد للرسالة معنى.. لأن كل شئ قد ذهب ادراج التاريخ. والعم صالح يملك مصنعاً جيداً لصناعة الحلويات والطحنية فقصفته صواريخ كروز الامريكية عندما قصفت مصنع الشفاء لان مصنعه يجاور مصنع الشفاء اكبر فجيعة المت به واقعدته الى ان رحل.. هي وفاة محمد اسماعيل الازهري نجل الزعيم الراحل اسماعيل الازهري.. وهو كان متوعكاً وجاءه الخبر فذهب الى منزل الزعيم ووجد الامة السودانية.. وانتظر الدفن وبسرعة طلب من سائقه اعادته الى منزله ولزم السرير الى ان رحل رحم الله عمنا صالح محمد اسماعيل.. اكثر مما قدم لاهله ولوطنه ولاسرته وجعل البركة في ذريته.