هل يمكن للموسيقى ان تعبر عن البؤس وهل تغطى انغامها العذبة على دوى المدافع وصرخات ضحايا الحروب ، هذا ما سعى اليه المخرجان كلوس ويشمان ومارتن باير من المانيا من خلال فيلم وثائقى عن فرقة موسيقية من الكنغو تعزف فى العاصمة كنشاسا ويحمل الفيلم الالمانى اسم (سمفونية كينشاسا) ووجد لدى عرضه فى صالات السينما الالمانية تجاوبا منقطع النظير الفيلم يمتحور حول شخصية العازفة (باهاتي) التي تعيش في أكثر المدن فقراً في العالم ومع ذلك تتجشم مشقة القيام برحلة طويلة وشاقة تمتد ليوم كامل لا من اجل البحث عن عمل او لقمة عيش وما احوجها الى ذلك ولكن من اجل الوصول الى باحة منزل قائد الأوركسترا ورغم حرارة الطقس تجلس هناك لساعات تتمرّن على مقطوعات موسيقيّة لهاندل أو لكارل أورف، رغم ان ما تتعلمه لا يرتبط بجذورها فى الكونغو ولكنه الشغف بالموسيقى التى لا تعرف الحواجز رغم ان الافلام الوثائقية من طراز (سمفونية كينشاسا) لا تجد تجاوبا جماهيريا كبيرا وتظل محل اهتمام النقاد وصناع السينما وبعض المهتمين بالتاريخ ولكن الفيلم استحوذ على الاعجاب من خلال حرفية المخرجين فى مزج الصور والموسيقى والقصص الانسانية التى تروى مآسى الفقر والحرب برمزية شفيفة ، وقدم الفيلم فى الجانب الوثائقي لمحة تاريخية سريعة عن الأوركسترا الاشهر فى الكنغو التى عزفت مقطوعة «الفرح» لبيتهوفن و«كارمينا بورانا» لأورف في ذكرى الخمسين على استقلال جمهورية الكونغو. الفيلم لا يكتفى فقط بسرد تاريخ فرقة سمفونية هى الاشهر فى الكنغو ومنطقة البحيرات العظمى ولكنه بشكل مواز يروى تاريخ صراع هذه الفرقة التى ترمز الى الحياة الثقافية عموما التى صارعت مِن أجل البقاء ضد كل المعوقات، بما فيها إنقلابين عسكريين، وعدة أزمات إقتصادية، وسياسية عاشتها الكنغو ولا تزال