حسام محمد عبد السلام، مؤلف موسيقي وعازف كمان شاب من مواليد بورتسودان 1976م، تخرج في قسم الموسيقى بقصر الشباب والاطفال في العام 1998م. قام بتأسيس أوركسترا جامعة الأحفاد للبنات مع الأستاذ ممدوح طاهر فريد وعمل بها في الفترة من 99 إلى 2003م. عمل بالفرقة القومية للموسيقى في الفترة من 2003م إلى 2007م. قام بتأسيس مهرجان الموسيقى للعقل والروح في العام 2008م. له عدة مؤلفات موسيقية. قام بتأليف الموسيقى التصويرية لفيلم (الذين سرقوا الشمس) للمخرج الطيب صديق (فيلم قادم قريباً) والموسيقى التصويرية للفيلم الوثائقي (سينما خلف القضبان) للمخرج بهاء الين محمد وأخيراً في مهرجان أيام الخرطوم المسرحية قام بتأليف الموسيقى لمسرحية (الرحلة الطويلة) للمخرج حاتم محمد علي ومسرحية (رابورا) للمخرج عطا شمس الدين.. حالياً هو طالب بالمستوى الثالث بكلية الموسيقى والدراما شعبة التأليف الموسيقي.. التقيناه عبر سينوغرافيا للحديث حول الموسيقى التصويرية فإلى التفاصيل: **الموسيقى التصويرية هي التي تنبه المتلقى بأن هنالك خطر أو فرح قادم، إذن هي لغة؟ . نعم هي لغة، وفي اعتقادي أن الموسيقى التصويرية هي من أهم الفنون بالنسبة للدراما. وهي لغة لها القدرة على التعبير عن الأحاسيس المختلفة للنفس البشرية من فرح أو حزن أو خوف أو شك أو تأمل. وبجانب ذلك فالموسيقى تعمل على إثراء العمل الدرامي بإضافة الحيوية والروح على السرد الروائي للقصة، كما أن لها دوراً مهماً فى رسم الصيغة النهائية المتكاملة للعمل الدرامي سواء أكان في المسرح أو الإذاعة أو التلفزيون أو السنيما، بشرط إذا استخدمت الموسيقى المناسبة للمشهد المطلوب . **كيف تتم صناعة الموسيقى التصويرية؟ المؤثرات الصوتية هي أصوات مصطنعة تضاف لتعزيز المحتوى الفني أو المحتويات الأخرى لفيلم أو فيلم كارتون أو لعبة إلكترونية أو موسيقى أو أي وسائل إعلام أخرى.. يستخدم بنك من الشرائط والأسطوانات المسجل عليها مسبقاً كل الأصوات الطبيعية من الحياة اليومية مثل أصوات طلقات الرصاص وفرملة السيارات وأصوات طريق عام مزدحم أو أصوات طيور وحيوانات في خلفية ريفية.. إلخ، ويتم استخدام تلك الشرائط في الخلفية الصوتية للمشاهد حسب ما يقتضيه المشهد . تزداد استخدام المؤثرات الصوتية في الاعمال الإذاعية لأنها تخص السمع.. فيكون المخرج مضطراً أن يتعامل معها بكل احترافية.. لتوصيل المعلومة أو الجو العام للعمل الاذاعي أو الجملة الملقاة. والمؤثرات الصوتية مع تقدم التقنية والحرفية في هذا المجال من الصوت بدأت تدخل كبديل للموسيقى. ** عند قراءة نص عمل تنوي تأليف موسيقى تصويرية له هل تحتاج لأيام من أجل إنجازه؟ موضوع الموسيقى التصويرية مرتبط عندي بالمعرفة العميقة لكل الجوانب المتعلقة بالتفاصيل الدقيقة للعمل المعين، وبالتالي يحتاج إلى بحث عن مكونات بيئة العمل الثقافية والتاريخية والجغرافية وذلك يساعد على الاختيار الأمثل لنوع الموسيقى الذي ينبغي أن أبدأ في تأليفه ونوع الآلآت الموسيقية المناسبة، فمسألة الوقت مرتبطة عندي بالبحث عن هذه المكونات للعمل الدرامي ومدى معرفتي وخلفيتي عنها. **كيف للموسيقى التصويرية أن تنقل للمتلقي تقدم وتأخر الحقب التاريخية؟ من المؤكد أن لكل عصر وكل بيئة نوع مميز من قوالب التأليف الموسيقي والآلآت الموسيقية الموجودة في ذلك الزمن، وحتى طريقة التعبير الموسيقي المرتبط بأساليب العزف على الآلة الموسيقية تختلف من حقبة تاريخية إلى أخرى، فإذا راعى المؤلف الموسيقي هذه التفاصيل فلا أعتقد أن المتلقي سيجد صعوبة في إدراك واستيعاب وربط الموسيقى بالبيئة المطلوبة أو الحقبة التاريخية المعينة. وحالياً توجد مؤثرات صوتية ضمن برامج التسجيلات الصوتية تساعد ايضاً في خلق الجو الافتراضي للحدث وهذا يعني أن لهندسة الصوت دور مهم في إخراج الموسيقى بالصورة المناسبة. **جماليات الموسيقى التصويرية تظهر أكثر في الإذاعة والمسرح أم التلفزيون؟ بالنسبة للمسرح فالموسيقى الجيدة والمناسبة تساعد الممثل على أن يبرز طاقاتة من خلال إعطائه مساحة للأداء وهي محفز إضافي لمعايشة الحوار، وتكون اجمل في المشاهد الصامتة وبالتالي فالموسيقى تزيد من متعة المشاهد بالعرض. أما في الإذاعة كما أسلفت فإن الحاجة إلى المؤثرات الصوتية أكثر لتمكين المستمع من تصور بيئة العمل الدرامي الإذاعي هذا بالطبع بجانب الموسيقى التصويرية المعبرة عن حالات النص وهي هنا يجب ان تكون بصورة أكثر دقة لأن التعامل يكون بواسطة حاسة السمع فقط. وفي التلفزيون تزداد أهمية الموسيقى لتعميق الإحساس بالصورة فلا يمكنني تصور مسلسل مثلاً بدون موسيقى تصويرية. إذن فلكل جمالياته وخصوصيته. **عدم وجود سينما في السودان هل هو الذي أدى إلى حصر الموسيقى التصويرية في المسرح والأعمال الإذاعية والتلفزيونية؟ طبعاً، ولكن للأسف حتى في المسرح والإذاعة والتلفزيون لا يوجد اهتمام كبير بالجانب الموسيقي بالرغم من أهميته في الدراما ويظهر ذلك من خلال حجم الميزانيات الضعيفة جداً المخصصة لهذا الغرض هذا إذا وجدت ميزانية أصلاً لإنتاج موسيقى خصيصاً لهذا العمل، ولذلك يلجأ بعض المخرجين لاستخدام موسيقى مسجلة مسبقاً سواء كانت عالمية أو محلية . **هل يمكننا القول أن المؤثر الصوتي هو فن الخدعة السمعية؟ شخصياً لا أميل إلى تسمية الفن بالخدعة، فالسبب الرئيسي للاعتماد على المؤثرات الصوتية في الأعمال الفنية هو عدم إمكانية استخدام الأصوات الطبيعية التي تحدث في خلفية المشهد الدرامي لضعف الجودة، فيتم الاستعاضة بأصوات مشابهة ذات جودة عالية لتعزيز المشهد وللحفاظ على مستوى واحداً من الشدة والنقاء الصوتي خلال العمل الفني . **ألا تتفق معي أن الذين يقومون بعمل الموسيقى التصويرية على الرغم من أهمية الدور الذي يلعبوه أنهم مظلومون؟ في العادة يتم ذكر كل أعضاء فريق العمل من فنيين وممثليين وحتى العمال وهذا يحدث في المسرح والإذاعة والتلفزيون والسينما، وفيه حفظ للجانب الأدبي المشترك في إنجاز العمل الدرامي فأنا شخصياً قد تعرفت على عدد من الأسماء في السودان وخارجه في مجال الموسيقى التصويرية بهذه الطريقة مثلاً ( د. الفاتح حسين وعثمان النو والصافي مهدي وعاطف صالح ود. محمود السراج ومبارك محمد علي وعبد الله أميقو ود. عبد الله شمو). أما في النطاق العربي فالمتلقي والمشاهد العادي يعرف جيداً أسماء مثل (عمار الشريعي وعمر خورشيد وعمر خيرت وياسر عبد الرحمن). أما الظلم بالنسبة لي فيتمثل في القدر الضئيل من المال الذي يخصص لإنتاج الموسيقى التصويرية فأنت كمؤلف موسيقي تحتاج إلى قدر كافٍ من ساعات في الأستوديو وإلى مجموعة من العازفين على آلات مختلفة لتكون الموسيقى بالفعل بحجم العمل الدرامي فتواجه بحاجز الإمكانات المادية، فتلجأ إلى التسجيل بآلة الكي بورد (الأورغن) أو البرامج الموسيقية على الكمبيوتر، وفيه ما فيه من الظلم للقطعة الموسيقية المؤلفة وللعمل الدرامي وللمتلقي الذي من حقه أن يستمتع بعمل فني متكامل ... والظلم الأكبر يقع عندما تخصص جوائز في المهرجانات لجوانب محددة وتهمل الجوانب الأخرى فالدراما مزيج من عدة فنون وحرف تتكامل ليخرج العمل بالصورة المطلوبة . في الختام أرى أن الموسيقى التصويرية ضرورية ومهمة في الدراما وهي عنصر اساسي لا يمكن التخلي عنه في أي عمل درامي والملاحظ أن كثيراً من الأعمال الدرامية قد تُنسى إلا أن الموسيقى التصويرية الخاصة بها تظل خالدة وعالقة بالأذهان