دورات تعريفية بالمنصات الرقمية في مجال الصحة بكسلا    د. الشفيع خضر سعيد يكتب: الدور العربي في وقف حرب السودان    السودان.."الشبكة المتخصّصة" في قبضة السلطات    مقتل 68 مهاجرا أفريقيا وفقدان العشرات إثر غرق قارب    ريال مدريد لفينيسيوس: سنتخلى عنك مثل راموس.. والبرازيلي يرضخ    نقل طلاب الشهادة السودانية إلى ولاية الجزيرة يثير استنكار الأهالي    السودان..إحباط محاولة خطيرة والقبض على 3 متهمين    توّترات في إثيوبيا..ماذا يحدث؟    اللواء الركن (م(أسامة محمد أحمد عبد السلام يكتب: موته وحياته سواء فلا تنشغلوا (بالتوافه)    مسؤول سوداني يردّ على"شائعة" بشأن اتّفاقية سعودية    دبابيس ودالشريف    منتخبنا المدرسي في مواجهة نظيره اليوغندي من أجل البرونزية    بعثة منتخبنا تشيد بالأشقاء الجزائرين    هل محمد خير جدل التعين واحقاد الطامعين!!    دقلو أبو بريص    أكثر من 80 "مرتزقا" كولومبيا قاتلوا مع مليشيا الدعم السريع خلال هجومها على الفاشر    شاهد بالفيديو.. بلة جابر: (ضحيتي بنفسي في ود مدني وتعرضت للإنذار من أجل المحترف الضجة وارغو والرئيس جمال الوالي)    اتحاد جدة يحسم قضية التعاقد مع فينيسيوس    حملة في السودان على تجار العملة    إعلان خارطة الموسم الرياضي في السودان    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    تحديث جديد من أبل لهواتف iPhone يتضمن 29 إصلاحاً أمنياً    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    أول أزمة بين ريال مدريد ورابطة الدوري الإسباني    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    بزشكيان يحذِّر من أزمة مياه وشيكة في إيران    لجنة أمن ولاية الخرطوم تقرر حصر وتصنيف المضبوطات تمهيداً لإعادتها لأصحابها    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    زيادة راس المال الاسمي لبنك امدرمان الوطني الي 50 مليار جنيه سوداني    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    استعانت بصورة حسناء مغربية وأدعت أنها قبطية أمدرمانية.. "منيرة مجدي" قصة فتاة سودانية خدعت نشطاء بارزين وعدد كبير من الشباب ووجدت دعم غير مسبوق ونالت شهرة واسعة    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    الشمالية ونهر النيل أوضاع إنسانية مقلقة.. جرائم وقطوعات كهرباء وطرد نازحين    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التغيير بعد الاستفتاء..الحكومة أم الدستور؟!.
نشر في الرأي العام يوم 10 - 10 - 2010


دستور الشمال القادم بعد الانفصال، لن يكتبه المؤتمر الوطني وحده، بل ستشارك في إعداده الأحزاب الشمالية المعارضة - على ضعفها - وسيكون دستوراً يتيح التعددية السياسية، ويضع في حسبانه بناء قاعدة اقتصادية على موارد حقيقية، وكل ذلك على ذمة التصريح الوحيد الذي حاول رسم صورة ما لدستور شمال السودان إذا انفصل عنه جنوبه، لصاحبه د. مصطفى عثمان إسماعيل، مستشار الرئيس والقيادي بالمؤتمر الوطني الذي تصدى بتصريحاته مؤخراً لأكثر من جانب في قضية الاستفتاء. وبخلاف المرة السابقة، التي تجاهل فيها المؤتمر الوطني والحركة الشعبية اتهام المعارضة لحكومتهما المشتركة بعدم الشرعية، سيكون سؤال شرعية الحكومة وفترة صلاحيتها هي والدستور الذي تحكم بموجبه صعب التجاهل إذا وقع الانفصال، ليس فقط لأن مقاعد الحركة الشعبية في الحكومة الاتحادية والبرلمان القومي ستصبح شاغرة، لكن الدولة التي يتحدث عنها الدستور الانتقالي الحالي، ستمسي حينها جزءاً من الماضي، وتحل محلها دولتان اثنتان، لكلٍ حكومتها التي غالباً ستضم ذات الوجوه الحاكمة الآن، ولكل كذلك دستورها الذي سيخضع لإعادة صياغة بالطبع. في حالة الوحدة، ينص الدستور الانتقالي الساري حالياً في المادة (222) على بقاء نظام الحكم الذي أرسته اتفاقية السلام، واستدامة هذا الدستور، ما يعني أن الدستور سيبقى كما هو وتتغير فقط صفته من (الانتقالي) إلى (الدائم)، وربما يخضع لبعض التعديلات الطفيفة وتسقط منه المواد المتعلقة بترتيبات الفترة الانتقالية. أما حالة الانفصال فتعالجها المادة (226) آخر مواد الدستور في آخر فقراتها، وتقضى بأن أبواب وفصول مواد الدستور الحالي التي تنص على مؤسسات الجنوب وتمثيله وحقوقه والتزاماته تعتبر ملغاة إذا انفصل الجنوب عن الشمال، ما يعني ضمناً أن الدستور الحالي تستمر مدة صلاحيته حتى بعد حدوث الانفصال، وهو ما نصت عليه بوضوح فقرة أخرى في المادة الأخيرة: يحكم هذا الدستور الفترة الانتقالية، ويسرى حتى اعتماد دستور دائم، ويكون خاضعاً للتعديل والمراجعة وفقاً للمادة (224). صلاحية الدستور الانتقالي الحالي إذاً، وبأحكام هذا الدستور نفسها، تستمر حتى بعد وقوع الانفصال، لكن تلك الصلاحية التي منحها الدستور الحالي لنفسه ليست باقية إلى الأبد، فهي مرهونة باعتماد دستور دائم، ما يعني دستوراً جديداً قد يحوي معظم مواد سلفه أو لا يفعل، وما يعني أيضاً أن القضية ستبتعد عن وضوح النصوص القانونية وحسمها، لتدخل في دائرة الجدل السياسي وتوافق المواقف والمصالح أو تناقضها. المعارضة الشمالية، إذا أتت رياح الاستفتاء بالانفصال، أوحتى الوحدة، ستجد في الأوضاع الجديدة سانحة مناسبة للإلقاء بأجندتها في خضم النقاش الذي سيدور، فالوضعية الحالية التي نجمت عن الانتخابات الأخيرة، مكنت المؤتمر الوطني من مفاصل السلطة تماماً، في وجهيها التنفيذي والتشريعي، ووضعت المعارضة الشمالية على هامش الأحداث، ما يعني أن أوضاع ما بعد الاستفتاء، ستكون فرصة مناسبة بالنسبة للمعارضة لدخول المسرح من بوابة إعداد الدستور الدائم. الوضعية الجديدة التي ستنشأ، وتتأثر فيها تركيبة وطبيعة والتزامات مؤسسات الدولة من الرئاسة وحتى مؤسسات الولايات، تتطلب من أصحاب الرأي السديد داخل المؤتمر الوطني الانفتاح على القوى السياسية لمواجهة ذلك التغيير الكبير في المؤسسات الدستورية كما يقول صالح محمود القانوني والبرلماني السابق، ويضيف أن الدستور كان مصمماً للوحدة، ولم يتعرض لتفاصيل الأحوال عقب الانفصال، ما يعني أن مأزقاً سيعقب أي انفصال محتمل، تصعب مواجهته إلاَّ عن طريق توافق سياسي عريض حول المستقبل، خاصة وأن الانفصال إذا حدث ينذر بمخاطر ارتفاع دعوات انفصالية هنا وهناك. أوضاع مؤسسة كرئاسة الجمهورية إذا غاب عنها أحد أركانها: النائب الأول لرئيس الجمهورية رئيس حكومة الجنوب بسبب الانفصال تبقى غير واضحة المعالم في الدستور الحالي: هل سيعين الرئيس نائباً أول جديداً؟.. أم يتم الاستغناء عن المنصب؟.. وينطبق ذات السؤال على المؤسسات أخرى. مطالب المعارضة ربما تمتد من تغيير النظام الرئاسي حتى تعديل نظام الحكم الفيدرالي المتبع حالياً، ويقول فاروق أبوعيسى القيادي بتحالف المعارضة إن أوضاع ما بعد الاستفتاء تتطلب في كل الأحوال اتفاقاً سياسياً على وضع دستور دائم، ويضيف أنهم سيعملون على بقاء مكاسب الجنوب الحالية وزيادتها إذا أسفر الاستفتاء عن الوحدة، وفي كل الأحوال، فإنهم سيطرحون قضايا كالتخلي عن النظام الرئاسي والتحول للنظام البرلماني ومجلس الرئاسة، وإعادة النظر في الهيكل الإداري القائم على الفيدرالية، والعودة للعمل بنظام المديريات، والنظام القضائي وفصله عن السلطة التنفيذية، ويتابع: إذا وقع انفصال دون أن يتبعه اتفاق سياسي بين الحكومة والمعارضة فسيصبح كل البرلمان مؤتمراً وطنياً، وهذا وضع غير معقول. الاتفاق على دستور جديد ودائم للشمال لن يكون مهمة سهلة، فالحكومة والمعارضة على طرفي نقيض في كثير من القضايا، فبينما يعتنق الوطني نظرية اقتصاد السوق تؤيد المعارضة نوعاً من اقتصاد الدولة، وفيما تطالب الأخيرة بمزيد من التنازلات لحركات دارفور يرى الوطني أن ما تم تقديمه حتى الآن كافٍ وينقص السلام فقط جدية الحركات. ما يراه البعض غير معقول، يرى آخرون في أي ترتيب سواه غير المعقول عينه، فعدم استمرار الأوضاع الحالية، وتخلى الوطني عن مقاعده في الجهازين التشريعي والتنفيذي التي حصل عليها في الانتخابات الأخيرة (أحلام ظلوط) على حد وصف د.عبد الرحمن الخليفة نقيب المحامين والقيادي بالوطني، فمن وجهة نظره، سيضع الوطني الدستور بحكم فوزه في الانتخابات، ودوام تفويضه الشعبي حتى الانتخابات المقبلة بعد خمس سنوات، تفويض لن يتأثر بنتيجة الاستفتاء. ويضيف الخليفة بنوع من التهكم: (كيف يكون هناك نظام برلماني والشعب قد انتخب رئيساً للجمهورية قبل أشهر قليلة)، ويوجه الخليفة الاتهام لأبو عيسى ومن يحملون ذات مطالبه في صفوف المعارضة بمحاولة استغلال أوضاع ما بعد الاستفتاء للحصول على ما عجزوا عنه في الانتخابات، ويتابع: هؤلاء واهمون. الحكومة الاتحادية الحالية إذاً - بعد انسحاب ممثلي الجنوب منها إذا وقع انفصال - ستبقى تمارس أعمالها بمن حضر من ممثلي الشمال، وسيبقى الرئيس والبرلمان شرعيين من الناحية القانونية لناحية كونهما منتخبين لمدة دستورية محددة أجلها خمس سنوات. لم ينص الدستور الانتقالي صراحة على سقف زمني محدد يتم خلاله إعداد دستور دائم للبلاد في حالتي الوحدة أو الانفصال، ولم يوضح إجراءات تفصيلية لعملية إجازة الدستور الدائم، ما يعني أن إجازة الدستور الدائم يمكن أن تتم بذات إجراءات التعديل التي نص عليها الدستور الانتقالي: موافقة ثلاثة أرباع المجلسين التشريعيين: المجلس الوطني ومجلس الولايات، وفي جلستين منفصلتين، بشرط أن يقدم مشروع التعديل قبل شهرين على الأقل من المداولات. من الناحية النظرية، يمتلك المؤتمر الوطني ثلاثة أرباع المجلسين التشريعيين بل أكثر، ما يعني عملياً أن إقدامه على كتابة دستور البلاد الجديد بمفرده أمر جائز، خاصة مع سيطرته على رئاسة الجمهورية والمواقع التنفيذية الأخرى، لكن كتابة دستور يرغب أصحابه حقاً أن يتيح التعددية السياسية ويصبح قاعدة لبناء دولة في الشمال، يصعب أن تغلب عليها إرادة سياسية وحيدة، فالدساتير التي تصلح لبناء الدول غالباً تلبي إرادات ومطالب متعددة.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.