* يقدر عدد السودانيين الذين تضرروا أيما ضرر من قرار الحكومة في اغسطس الماضي بمنع بث الاذاعة البريطانية على موجة «F.M» بنحو أربعة ملايين مستمع ظلوا يمارسون حقوقهم المكفولة لهم في كل الأغراض والقوانين بمتابعة تلك الاذاعة منذ أكثر من عشرة اعوام على تلك الموجة بوضوح دون «شوشرة». * وكما ذكرت تحت هذا العمود مراراً فإن التبريرات التي وردت في بيان وزارة الاعلام في اغسطس الماضي لم تقنع المستمعين مع أن الوزارة نفت ما يتردد أن الحكومة غير راضية عن تقارير «B.B.C» وان أسباب الايقاف لا تتعلق إطلاقاً بالخدمة الخبرية التي تقدمها هذه الاذاعة وان باب التعامل معها سيظل مفتوحاً». * إلا أنني اعتقد ان التراجع عن قرار الوزارة مرهون بشروط غامضة وفضفاضة يصعب وربما يستحيل على «B.B.C» الإيفاء بها. فتلك الشروط تشمل «استدراك ما وقع من أخطاء املاً في التعامل في إطار اتفاقية حكومية تحدد الالتزامات ويتوافر فيها التعامل بالندية ومراعاة قواعد ونظم العلاقات الدولية». * أبرز تلك «الأخطاء» استيراد أجهزة ومعدات بالحقيبة الدبلوماسية البريطانية وقيام أجهزة «B.B.C» بنشاط إعلامي في السودان قبل الحصول على الموافقة النهائية ودون توقيع الاتفاق التنفيذي مع الوزارة وبث الاذاعة البريطانية خدمة في مدينة جوبا دون الحصول على إذن وموافقة الحكومة المركزية. * كان في إمكان الوزارة تسوية هذه «الأخطاء» بسهولة وفي جلسة واحدة مع إدارة «B.B.C» قبل ان تتعجل بقرار ايقاف البث. الحكومة لم تكتف بوقف بث «B.B.C» علي الموجة «F.M» فقد اصدرت في الاسبوع الماضي قراراً مماثلاً لايقاف بث اذاعة مونتوكارلو الفرنسية على موجة «F.M» وبذلك حظرت الحكومة أهم إذاعتين اجنبيتين يعتمد عليهما المستمع السوداني الحريص على تقارير تعكس وجهات النظر المختلفة.. سواء كان في الشئون العربية أو الدولية أو -وهذا هو مربط الفرس- الشئون السودانية. وخاصة و بلادنا مقبلة على استفتاء بتقرير مصير السودان يكون أو لا يكون. ومع ذلك فإن المستمعين السودانيين لهاتين الاذاعتين وخاصة «B.B.C» ما زالوا يأملون ان تعيد الحكومة اذاعتهم المفضلة التي ظلوا يستمتعون بها طوال السنوات العشر الماضية.