أين يذهب خريجو كلية الموسيقى والدراما، الذي تخرجهم جامعة السودان سنوياً؟ سؤال أصبح في طليعة الاسئلة الملحة، التي يلتفت اليها عند الشعور بأية ازمة في الوسط الفني، مسرحياً او موسيقياً.. والسؤال يحمل شقين، الأول يتساءل عن مكانهم ليحملهم نتيجة التردي الفني الذي يحدث بوصفهم موهبين واكاديميين والثاني.. يبحث عن مجالات عملهم ومدى استيعابهم، خصوصاً وان هناك حديثاً عن ارتفاع كبير في نسبة العطالة وسط خريجي كلية الموسيقى والدراما.. ...... وعبر هذا التحقيق، اردنا بحث الشق الثاني، ومدى أثر عطالة الخريجين على حركة الابداع..؟ وما هي الخيارات والبدائل المتاحة لهم في حال عدم وجود مجال تخصصهم والذي يستوعبهم.. وهل هناك ضرورة لاستمرارية الكلية. والتحاق الطلاب بها بصورة سنوية وهي تخرج عطالة..؟ والاجابة على تلك التساؤلات جعلت الكثيرين يعودون بذاكرتهم الى زمان كانت تسمى فيه (معهد الموسيقى والمسرح) والذي تخرج عنه قيادات العمل بالاذاعة السودانية وكذلك رفد التلفزيون بأفضل المخرجين، وخرجوا منه المع نجوم الغناء والمسرح.. لكن يحسب البعض بعد انضمام المعهد للجامعة وتقيده بقوانينها لم يعد الحال كما هو في السابق حيث اختلفت النظم التعليمية او انهارت كما وصفها أحد الاساتذة السابقين.. فبحسب وصفه لم تعد هناك خطة تلبي الاحتياجات، اضافة الى أن التوظيف لها أصبح حسب قناعات الدولة، والقبول فيها بشرط النجاح وليس الكفاءة او الموهبة، والتي كانت نتيجتها عدد قليل ويجد مكانه من التوظيف. * حسب الخط عصام ابو القاسم تخرج في الكلية ويعمل باذاعة البيت السوداني وله كتابات نقدية بالصحف (غير راتبة).. تخرج ولم يجد وظيفة ويعمل في خانة (البدائل) وقال انه كنا قد يفترض ان يجد منبراً له علاقة بالنقد والدراسات.. لكنه يعمل بالاذاعة كخيار رغم انها (ما دربي الاكاديمي) وأكد عصام ان معظم طلبة كلية الموسيقى والدراما يواجهون مشاكل العمل بعد التخرج.. موضحاً أن التلفزيون يستوعب (40%) في اقسامه المختلفة. ديكور ،مونتاج، مكياج واستدرك موضحاً ان تلك شعبة صغيرة في الكلية (راديو وتلفزيون) إلا أن ناس ، تمثيل واخراج لا توجد لديهم خطط واضحة يعتمدون عليها (حسب حظهم) رغم ان الكلية تخرج شريحة يندر وجودها في المجتمع. وقال عصام أن من يدرسون موسيقى (سوقهم) أفضل من ناس المسرح حيث أن هناك دوائر مفعلة تستوعبهم خصوصاً فرق الفنانين، (ويلقوا قروش)، أضافة الى ان لبعضهم اعمالاً اخرى. وأكد انه يعرف فقط اربعة من دفعته وجدوا وظائف، ثلاثة منهم بالتلفزيون والرابع بمسرح ودمدني والبقية تفرقوا بين العطالة والاغتراب او الوظائف التي لا علاقة لها بدراستهم. * الاحتراف السبب عادل حربي استاذ الدراما بالكلية قال ان طلبتهم (ما مكفين الوسط) وتساءل عن عدد الاذاعات الولائية والتلفزيونات، اضافة الى مناشط التربية والتعليم والمدارس الخاصة.. وقال: المشكلة ليست في عدم الوظائف وانما في الخريجين وطموحاتهم فهم يرفضون العمل في الولايات (دايرين يبقوا نجوم طوالي او يمشوا الاذاعة والتلفزيون) واذا الخريج يريد ان يصبح محترفاً ولا يريد ان يعمل تلك مشكلة، واوضح ان الكلام عن ان المعهد كان افضل من الكلية غير سليم وغير علمي.. لأن ما حدث كان تغييراًودبلوم المعهد يعادل البكالريوس الآن.. والمقارنة تأتي من أنه بالسابق لم يكن هناك ضمور في الحركة الثقافية لذلك الخريجين وجدوا فرصة للظهور بل تبوأوا اعلى المناصب. صلاح الدين الفاضل ، طارق البحر، عثمان علي الفكي، ابراهيم البذعي، كمال عبادي،، واضاف ان زمن الدبلوم وزمن البكالريوس يجب مناقشته بشكل آخر.. ومعرفة ما ينظر اليه خريج اليوم.. وحتي يدحض شبهة العطالة التي تطارد كليتهم قال انهم يخرجون في مجال الاخراج (12) و (10) تمثيل وما بين (12 -15) في النقد فهل على قلتهم لا يوجد سوق يستوعبهم، واقر حربي ان على الكلية من حين لآخر مراجعة ما يحدث في الاجهزة الاعلامية والمنافذ وفي وزارة التربية وعليه تراجع مناهجها.. ويرى د. الفاتح حسين استاذ الموسيقى بالكلية أن الخريج غالباً ماتواجهه ثلاثة خيارات، أما أن يهاجر او يدخل الساحة الفنية عبر فرق الفنانين واما ان يكون محظوظاً وتكون هناك حاجة ويتم استيعابه في الكلية.. وقال حتى نبعد شبح العطالة ظللنا نطالب بدخول الموسيقى للطلبة منذ الصغر، حتي تزيد الحاجة للاساتذة واضاف ان اكثر ما يواجه الخريجين ان ما درسوه كوم وما يطبق في الساحة الفنية كوم آخر، وإما ان يجاري ما يجده او يعتمد على علمه ويجلس بدون عمل.. مشيراً الى أن الفرقة القومية كانت لاستيعاب المتميزين من الخريجين، والآن أين هي.. وقال ان مركز د. الفاتح حسين لتعليم الموسيقى اعطى فرص عمل ل (7-8) خريجين، لكن المسألة تحتاج الى معالجة من فوق لأن الخريجين اصبحوا يعطون خبراتهم لدول أخرى بعد تعذر الحصول على عمل في الفرق الكبيرة المحترمة وأبان على وزارة الثقافة تنشيط دور الفرقة القومية لتسهم في استيعاب الخريجين واستدراك ان ثمة لوماً ايضاً يقع على عاتق الخريجين، حيث تنقصهم الجرأة والمبادرة لعمل فرق خاصة، اسوة يحافظ عبدالرحمن وعثمان محي الدين وفرقتي الخاصة حيث ان التجربة لم تحوجنا لطلب الوظيفة من أحد. * وهم الناقد السر السيد يرى العطالة مشكلة عامة وليست وقفاً على خريجي الكلية لكن فيما يتعلق بالدراما والموسيقى كدراسات خاصة، فان الخلل في تدريس الفنون.. والكلية كمكان مختلف للتخريج لا ينبغي ان تكون خاضعة لمكتب القبول .. مما جعل الراغبين عبر نسبهم بأتونها بكميات كبيرة وهذا الخلل سبب من اسباب ضيق الفرص على الخريجين.. اضافة الى ضعف الجانب الثقافي واصرار معظم الطلاب على البقاء في الخرطوم.. وتساءل السر السيد عما اذا كانت الكلية قادرة على تخريج ناس لهم القدرة على التنمية.. واجاب.. اعتقد انها غير قادرة لأن مناهجها غير مرتبطة باحتياجات المجتمع، ويكفي انها لا تدرس الدراما الاذاعية ولا التلفزيونية ولا يوجد حتى استديو بالكلية.. واضاف علينا ان ندرس سبب احجام الخريجين عن العمل وتملكهم وهم الاحتراف.. (ولا لمو في وظيفة ولا احتراف) لذلك لا بد من تغيير سياسات التعليم، وتغيير نظرة الفنان لنفسه ولدوره كخريج استثنائي مبتدئ ومن أهم الموارد البشرية التي يعول عليها.. صمت وقال .. الكلية نفسها كيف تختار المعيدين..؟ اذا شعبة النقد لا تتجاوز الثلاثة اساتذة دون تجديد، ، * ما باليد حيلة د. سعد يوسف عميد الكلية يؤكد ان العدد الذي تخرجه الكلية يجد عملاً وقال (في السنة الماضية خرجنا عشرة طلبة في الموسيقى وأنا عارف مشو وين!) واضاف ان الكلية يتخرج منها فنانون وليس موظفين وانه دائماً يسمع عن عطالة طلبة الكلية وقال (لو ما في شغل.. يقل عدد المتقدمين للكلية لكن ما يحدث انه حتي القبول الخاص في ازدياد).. والاجابة الدقيقة لأين يذهب الخريجون.. فان سعد يوسف ابراهيم يراهم موجودين في الفرق الموسيقية والمسرحية وشركات الانتاج الاعلامي والقنوات الفضائية واذاعات إف.م وادارات الثقافة، ووزارة الشباب والرياضة واحياناً التربية، والمدارس الخاصة، ورياض الاطفال. وعن مدى جهودهم لانهاء شبح العطالة عن الخريجين قال ان دوره ينتهي بالتخريج، (مشكلتنا الناس يتوقعون منا حاجات ما في يدنا عندما يكون ما في انتاج مسرحي الناس يتساءلون أين طلبة الكلية نحن مدرسة نحن بنخرج الطلبة وما بنفتش ليهم عن عمل)!!.