(فرحة ما بعدها فرحة... لم نصدق انه اصبح معنا حتى الآن!، اظن ان الامر يتطلب يومين او ثلاثة لنستوعب هذه الفكرة) وسط دموع الفرح والزغاريد كانت هذه كلمات حنان شقيقة الدبلوماسي حسني مصطفى الذي اختفى بجوبا لقرابة الشهر ل(لرأي العام) امس، وسط انباء متضاربة حول مصيره. حنان واسرتها التي كان من المفترض ان تتسلم رد الخارجية بالامس على مذكرة رفعتها الاسرة، تسلمت في صباح ذات اليوم تصريحات تدين اخيها، وتنبئ عن تورطه في انشطة غير قانونية، قد تقوده الى المحاكمة، الا انها في منتصف اليوم تفاجأت بوصول شقيقها سالما. حنان وفقا لما وصلها ويصلها من معلومات، عاشت تبايناً واضحاً في مشاعرها فلم تتمالك نفسها وتركت الدموع القاسم المشترك في الفرح والحزن سيدة للموقف، ولم تزد على ما قالت للصحيفة سوى شكر كل من وقف معهم في محنتهم، وقالت الآن انتهى حديثنا بعودة حسني، وهو الذي يحدد موقفه (والكلام سمح في خشم سيدو). حسني قبل الافراج عنه طلب الاطلاع على كل الصحف الصادرة منذ الثاني من فبراير، وجلس يطالع ما كتب عنه وسط دهشة ملفوفة بالحسرة، ورغبة متعطشة لايصال رأيه لاجهزة الاعلام وكشف ملابسات اختفائه، الا انه وعقب وصوله لمنزله بعيد الافراج عنه ابدى تحفظاً على الحديث مع الصحف!! واكتفى بشكر كل من وقف معه في محنته. حسني مصطفى يعقوب الشاب تخرج في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة الخرطوم (مرتبة الشرف)، والتحق بوزارة الخارجية قبل حوالى العامين في وظيفة السكرتير الثالث، وانتدب بعدها من الوزارة للعمل مع بعثة الاتحاد الإفريقي. صحب أحد وفودها القادمة من كينيا في مهمة رسمية الى مدينة جوبا. غادر مع وفد الاتحاد الإفريقي الأربعاء الموافق 30 يناير الماضي في مهمة تستمر الى السبت الثاني من فبراير. حسني اختفى منذ 31 يناير في ظروف غامضة، وانباء متضاربة، ووصل لاسرته ما يفيد بأنه مختطف عبر خبر نشر باحدى الصحف اليومية. وفي السياق فتحت وزارة الخارجية بلاغاً في القسم الشمالي. التصريحات حول مصير حسني تضاربت فبعض الانباء رشحت سفره الي يوغندا، وانباء تحدثت عن وجوده بياي، واخرى ذهبت لسفره الى اويل. في الوقت الذي نظمت اسرته احتجاجاً منظماً، ووزعت بياناً على الصحف، واعتصمت امام الخارجية بالاحد وأبدت استياءها الشديد من الطريقة التي تعاملت بها وزارة الخارجية مع القضية. غير ان بعض التسريبات رشحت ان هناك جهات مارست ضغوطاً على الاسرة حتى تحيل دون اتصالها بالاعلام. الا ان صمت الاسرة لم يطل. وتقدم وائل (شقيق الدبلوماسي) بشكر خاص لكل اجهزة الاعلام، وقال:( لولا الاعلام لما تم اطلاق سراح حسني). وقد اكدت إدارة المباحث والتحقيقات الجنائية بوزارة الداخلية بعد وصول حسني منزله أنه تم إجراء مزيد من الكشف الصحي للاطمئنان عليه مشيرة إلى أن المباحث المركزية قامت باستجواب الدبلوماسي فور وصوله بواسطة ضابط برتبة عميد حول الظروف التي أحاطت باختفائه والملابسات التي صاحبت ذلك ووعد باكمال الإجراءات القانونية في هذا الصدد. وكشف اللواء عابدين الطاهر مدير المباحث عن أن المباحث ظلت تتابع قضية الدبلوماسي العائد منذ اتخاذ الإجراءات الجنائية الأولية بنيابة الخرطوم شمال، موضحاً أنه تم تكليف مكتب المباحث بجوبا بمجرد وصول البلاغ إلى ذويه بالبحث عنه واتضح بأنه موجود بالجنوب وقال إنه تم استلام الدبلوماسي بواسطة مدير المباحث الاتحادية بجوبا الذي باشر إجراءات التحري إلى أن تم ترحيله إلى الخرطوم. حنان شقيقة الدبلوماسي قادت اسرتها في عملها من اجل اطلاق سراح شقيقها وحركت اتصالات في ذات الخصوص مع عدد من المسؤولين في الحركة الشعبية بينهم وزير الدولة بوزارة العمل محمد يوسف احمد المصطفى، وعدد من قيادات الاجهزة الامنية. مصطفى يعقوب (والد الدبلوماسي) تحدث عن ان الاسرة كان لديها معلومات اكثر، من الخارجية فهناك معلومات تحدثت عن ان حسني قام بمشاجرة في بار، ومن ثم اخذ الى يوغندا، ولكن اتضح لاحقاً ان هذا شخص آخر يحمل نفس الاسم الاول ويوغندي الجنسية. بعض المصادر التي فضلت حجب هويتها تحدثت عن ان اطلاق حسني جاء في اطار صفقة سرية بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية تم بموجبها اطلاق سراح احد قيادات الحركة بالشمال مطلع فبراير الماضي. حسن مصطفى يعقوب (شقيق حسني) لفت النظر إلى ان التصريحات المتضاربة حول مصير شقيقه ، بما فيها تصريحات وزير الخارجية دينق الور التي طالعتنا في صحف الامس، وحديثه عن تهم جنائية من بينها تزوير دولارات ضد حسني.والتصريحات التي ادلى بها الوزير لصحيفة في الساعة الخامسة عصر امس الثلاثاء، مؤكداً ذات الافادات في وقت وصل فيه حسني الخرطوم قبل ذلك بساعتين!!.وهو يحمل ورقة براءته من سلطات الامن هناك. واعتبر الشقيق ان كل هذا التضارب يثير علامات استفهام. اسرة حسني عبرت عن رفضها لتشويه سمعة ابنها باتهامه بعدد من التهم المخلة بالشرف والامانة، واعلنت انها ستقاضي كل من شوه سمعة ابنها، حتى لو وصل الامر مقاضاة وزير الخارجية نفسه لو لم يعتذر. حسني وسط جموع المهنئين بسلامته ربما لم يشأ ان يدلي بالكثير، عن اسباب وملابسات اعتقاله واكتفى بالصمت، وربما لاسباب اخرى!. وترك المجال مفتوحا امام كل التحليلات، والاحتمالات، خاصة بعد زيارة ليست بالقصيرة لمباني جهاز الامن، واخرى اقصر للخارجية، عقب وصوله للخرطوم.وفعل بارادته ما فعله دون ارادته عند اعتقاله فجأة، ودون اسباب ظاهرة، فاتحاً للاستفهام الف باب وباب.