فى التراث علم قديم اسمه علم الكلام ... من يتقن ذلك العلم كان ينال لقب المتكلّم ... والآن صار الكلام كلاما (ساكتا)! المدهش أنّ الكلام حينما كان علما لم يكن سلعة فقد كان يقال لترسيخ الحق و الخير والجمال ... لكن حينما تطوّر الكلام الى (كلام ساكت) صار سلعة تباع ومن المحتمل أن تشترى! أشهر الفئات المتّهمة ببيع الكلام هم الشعراء ... فالشاعر الذى يبيع ديوانه يبيع كلاما ... والشاعر الذى يذهب الى مهرجان للشعر فيمتدح رئيس جمهورية دولة المهرجان هو شاعر يشارك فى مزاد علنى لبيع الكلام فينال وظيفة قديمة جديدة فى بلاط القصر : شاعر بلاط! آخرون يبيعون الكلام بحكم وظائفهم أشهرهم المترجمون الفوريّون ... فهؤلاء الناس يرزقون ويعيشون على كلام غيرهم! هناك فئات تبيع الكلام مجانا أهمهم الناطقون الرسميّون باسم الحكومات... ومنهم أيضا المبعوثون الدوليون يأتون لدول مأزومة فيبيعون كلاما والغريب أنّ الحكومات تشترى منهم ... لكن الأدهش من هؤلاء الوسطاء الدوليين وسيط محلّى فى السوق المحلّى ... فرأسمالهم الوحيد هو الكلام ... هؤلاء الوسطاء الذين يشترون ثمّ يبيعون سلعا لم يروها ... اشتروها كلاما وباعوها كلاما! الفنّانة الشحرورة صباح لها أغنية اسمها (بيّاع كلام) ... تؤدّيها بصوت الغنج تستحق عليه سوط العنج ... و مع ذلك فهى أغنية (رسالية) فهى تلوم حبيبها الذى حبسها رهينة فى الحدائق والكافتيريات عشرة سنوات دون أن يحتجزها رهينة فى بيت الزوجية .... ولذلك فانّنى أهدى هذه الأغنية الى فتيات اليوم حتى لا يتورطون بشراء سلعة الكلام من فتيان اليوم ... فسلعة الكلام صارت رخيصة لا يتجاوز ثمنها ثمن زجاجة مياه غازيّة تشربها الفتاة مع الفتى فتشرب بعدها مقلبا! قبل سنوات زار السودان رئيس جمهورية الهند عبد الكلام ... ولم يعقد هذا الضيف أيّة جلسة مباحثات و لا موتمرا صحفيا ... فالذى يتكلّم هو رئيس وزراء الهند أمّا رأس الدولة فلا يتكلّم ولو كان اسمه عبد الكلام! مّما أزعجنى شخصيا أنّ شابا أرسل لى رسالة معجب الى معجب به ... بدأ رسالته لى قائلا : الأستاذ كلام حنفى!!