قبل اكثر من خمسة عشر عاماً بدأ التفكير في تغيير وتطوير قلب العاصمة الخرطوم وتقرر اقامة اكبر مشروع عمراني لإعادة وتشكيل وسط العاصمة لتضاهي عواصم العالم المتقدم ونبعت فكرة انشاء مشروع واحة الخرطوم في بدايات التسعينات في منطقة سوق الخضار القديم «الزنك» شراكة بين ولاية الخرطوم وصندوق المعاشات والتأمينات الاجتماعية ممثلين في «الجهاز الاستثماري للضمان الاجتماعي» بنسب متساوية واثناء مراحل التنفيذ مر المشروع باشكالات وركود طيلة السنوات العشر الاولى وواجه تحديات كبيرة تمثلت في عدم وجود التمويل وتحول من واقع الى حلم يراود الجميع. وفي اطار سياسة الخصخصة التي اتبعتها الدولة تم ادخال شركة الامارات الوطنية كشريك اساسي في المشروع بنسبة 60% في العام 2006م للاستفادة من خبراتها في مجال التطوير الحضاري وبعد دخول هذه الشركة تقلصت حصة ولاية الخرطوم والجهاز الاستثماري للضمان الاجتماعي 40% للكل اي بمناصفة 20% ومنذ ذلك الحين بدأ العمل الفعلي للمشروع وتم الفراغ من الهيكل الخرساني واعمال التشطيب الاولى والانتهاء من اعداد دوره مستندية متكاملة وتم الاعلان رسمياً بداية العام المقبل 2009م موعداً لافتتاح المشروع في مؤتمر صحفي أمس ايذاناً ببدء العد التنازلي لدخول المشروع حيز العمل التجاري ضم الشركاء الثلاثة وبحضور رئيس مجلس ادارة شركة واحة الخرطوم للتنمية العمرانية والذي اعلن وقف حصته الشخصية والبالغة 30% من اسهم الشركة لأهل السودان ووجد هذا الاعلان ترحيباً واسعاً من الحضور، العضو المنتدب وعضو مجلس الادارة لشركة واحة الخرطوم الوليد فايت قال ان تكلفة المشروع حتى اكماله سيكلف اكثر من «180» مليون دولار والذي يتوقع الفراغ منه قبل نهاية العام الحالي كأكبر مشروع عمراني على الاطلاق في السودان ويحتوي في المرحلة الاولى على 4 ابراج في مساحة 140 الف متر الى جانب موقف للسيارات وحديقة مفتوحة وبعض المواقع الترفيهية - بعد أن ضم ميدان الاممالمتحدة للمشروع لعمل أكبر حديقة ومواقف سيارات بطاقة استيعابية تتجاوز «1300» سيارة لحل مشكلة المواقف لوسط الخرطوم واضاف إن منتصف يونيو المقبل سيشهد طرح وحدات المشروع للمستثمرين عن طريق الايجار للمواقع والتمليك الا أنه قال إن الارجح سيكون للإيجار كمواقع تجارية الى جانب تخصيص أماكن لمجمعات لسوق الذهب والبنوك والصرافات والالكترونيات والعطور والمطاعم وأعتبر عثمان سليمان المفوض العام للجهاز الاستثماري للضمان الاجتماعي وصول المشروع لهذه المرحلة نقلة كبيرة وقال بعد أن كنا عاجزين على دفن حفرة وسط الخرطوم قبل أكثر من 11 عاماً سنشهد بعد شهور أكبر صرح عمراني في وسط الخرطوم يضم أكثر من الف نشاط لإحداث تكامل بين الأنشطة كاشفاً عن اتجاههم لاضافة ابراج سكنية في المنطقة الواقعة بين مسجد ارباب العقائد حتى شارع القصر عدا المسجد الكبير مشيراً الى الاتجاه لعمل مشاريع تنموية اخرى في المستقبل القريب. ولاية الخرطوم والتي تسهم هي الاخرى بنسبة 20% مثل الجهاز الاستثماري للضمان الاجتماعي وصف واليها د. عبد الحليم المتعافي المشروع بأنه كان حلماً قبل 15 عاماً والآن تحقق الحلم وبدأت بشريات التسويق وأضاف أن الطلب على وحدات المشروع أكثر من حجمه وقال في المؤتمر الصحفي أن الولاية ليست حريصة أن تبقى حاملة اسهم في المشروعات وتقوم ببيع حصتها للاستفادة من نصيبها للتمرد في مثل هذه المشاريع في اشارة الى تخفيض نصيب الولاية من 100% الى 50% الى 20% حالياً واعرب عن امله ان يتحول وسط الخرطوم الى قلعة خضراء. شركة الامارات الوطنية الشريك الجديد تمكنت من حل الاشكاليات كافة التي صاحبت المشروع وقامت بإعادة اموال بعض الذين قاموا بشراء العقودات من الملاك القدامى عندما كان في بداياته الاولى وأعلن رئيس مجلس ادارتها د. محمد بن خلفان بن خرباش وقف حصته الشخصية في مشروع الواحة لأهل السودان والبالغ 30% وأعرب عن امله أن يخدم المشروع التطوير العمراني في البلاد والمساهمة في تقديم خدمة مثالية للأعمال في قطاع الشركات والاعمال وان يكون ايذاناً لنجاح مشاريع اخرى مماثلة. ويرى عدد من المراقبين ان اتجاه انشاء مشاريع البنى التحتية ذات التجمعات الكبيرة تساعد وبشكل مباشر في ابراز وجه جديد للعاصمة ويسهم في سد الفجوة المتنامية في الطلب على الوحدات المكتبية والتجارية وفي اضافة لبنة اساسية في مشوار تطوير وسط العاصمة والذي بدأ اخيراً من خلال نقل مواقف المواصلات من وسط السوق العربي الى خارجه ونقل بعض الاسواق الى اماكن اخرى والاتجاه الى سفلتة كل الطرق الرئيسية والجانبية داخل وسط الخرطوم الأمر الذي يشجع الآخرين على المزيد من المبادرات الايجابية لتطوير العاصمة والوطن ككل.