تبدو ان عمليات العودة الطوعية للاجئين والنازحين الى جنوب البلاد والمناطق الثلاث النيل الازرق وابيي وجنوب كردفان اشبه (بساقية جحا) وذلك بحسب اعتراف ضمنى سجله مدير مكتب شؤون اللاجئين التابع للامم المتحدةبالجنوب، الباكستانى الاصل سيجاك مالك، وذلك عندما قال ان عمليات العودة الطوعية تحتاج الى دعم المجتمع الدولى والحكومات المحلية حتى لاتكون هناك هجرة عكسية . وكشف مالك فى مؤتمر صحافى بمبانى بعثة الاممالمتحدة امس واستعرض فيه تطورات العودة الطوعية ومجهودات المنظمات الدولية عدد العائدين من دول الجوار اشكال الدعم الذى قدمته المنظمة للعائدين من نوعية اعداد المدارس والمراكز الصحية واشكال الخدمات الأخرى، ولكن مالك اعترف بصعوبات وعقبات تواجه العائدين فى عدد من مناطق الجنوب وتتمثل هذه العقبات فى ضعف البنية التحتية وتدهور الوضع الصحى فى عدد من المناطق وارتفاع حدة النزاعات بين العائدين والمواطنين الذين لم يغادروا المنطقة على الاراضى الزراعية الى جانب توترات فى الاوضاع على الحدود بين السودان ودول الجوار . ولكن الخطورة تكمن وفق ما جاء فى حديث كرستيانى مايدر مسؤول شؤون العودة الطوعية بمفوضية اللاجئين في ذات المؤتمر الصحافي (ان العائدين من معسكرات دول الجوار كينيا، يوغندا، اريتريا واثيوبيا يتوجهون مباشرة الى الخرطوم عقب وصولهم الى مناطقهم فى غرب الاستوائية و اعالى النيل وذلك لعدم توافر فرص العمل وانهيار البنية التحتية وتجدد النزاعات فيما بينهم) وكان مسؤولون سابقون اعلنوا عند بدء عمليات العودة الطوعية ان النازحين بعد استلام الدعم المقدم لهم من المنظمات وبرامج العودة الطوعية للاستثمار يتسربون الى الخرطوم مباشرة بعد وصولهم الى مناطقهم فى الجنوب فى عملية اشبه بما يسمى بساقية جحا (من الخرطوم والى الخرطوم ) او من غيرها اليها . وتبدو الارقام التى قدمها مؤتمر بعثة الاممالمتحدة امس عن علميات العودة الطوعية للنازحين واللاجئين فى جنوب البلاد كبيرة . قصد منصور فى حديثه ان اعداد اللاجئين والنازحين الذين رحلوا الى مناطقهم فى الفترة من 2004 إلى 31 ديسمبر 2007م حوالي مليونين من النازحين . واوضح وهو يستعرض سلوك العائدين ضمن العودة المنظمة للنازحين مقارنة بالعائدين بصورة تلقائية. غير منظمة ان الفئة الاولى لها طموحات عالية لاسيما فيما يتعلق بالخدمات المتاحة وتفوق تطلعاتهم الموارد المتاحة محليا مما ينتج عن ذلك الاحساس بخيبة الامل والاحباط، واضاف ان الشئ الذى يزيد الوضع سوءاً بروز دلائل تشير الى عدم صحة المعلومات التى يتداولها النازحون فى الخرطوم عن طبيعة الدعم المتوقع الحصول عليه عند عودتهم الى ديارهم واكد انه وعلى الرغم من ذلك قدر عدد العائين تلقائيا العام 2007 بحوالى (24000) ألف بينما بلغ عدد العائدين ضمن العودة المنظمة (45,355) ان عدد اللاجئين الذين عادوا الى مواقعهم في ذات العام بلغ (50,932) و أن العام 2008 شهد عودة تلقائية غير منظمة يصعب على فرق الاممالمتحدة حصر وتسجيل معظمها مما يشكل قلقا فيما يخص عملية اعادة الدمج . لكن هذه الارقام الضخمة اثارت شكوك الصحافيين الامر الذى دفعهم الى طرح عدة تساؤلات من شاكلة من اين جاءت البعثة بهذه الارقام ؟ وماهى ضمانات بقاء النازحين فى مناطقهم التى عادوا إليها ؟ وماهي الجهات التى مولت برامج العودة الطوعية ؟ ...الخ .وحول مدى صحة هذه الارقام اقر مالك بان المنظمة لاتستطيع ان تجزم بصحة هذه الارقام وقال: لكننا لاحظنا ارتفاعاً فى عدد سكان بعض مناطق الجنوب وخاصة فى الاقبال على المدارس والمستشفيات بالجنوب مقابل انخفاض عدد السكان فى معسكرات اللاجئين بدول الجوار وتحصلنا على هذه المعلومات من مفوضية اللاجئين بدول الجوار والمنظمات الدولية العاملة فى هذا المجال ومنظمة الهجرة الدولية . ولكننا لانؤكد صحة او عدم صحة هذه الارقام . وحول العقبات التى تواجه العائدين وتجعلهم يغادرون مناطقهم قال مالك: ( لايمكن ان نتمكن من حل مشاكل عشرين عاماً فى ثلاثة اعوام ولكن العودة الطوعية تحتاج الى تضافر الجهود من قبل المجتمع الدولى وحكومة الوحدة الوطنية وحكومة الجنوب فى وضع حل لهذه الازمات التى تواجه استقرار العائدين ، ورهن مالك الحل بالاسراع فى وضع برامج تنمية مستدامة تضمن توفير سبل عيش وهذا ليس مستحيلاً فى ظل وجود اتفاق السلام الشامل) . ومهما يكن من امر ستظل برامج العودة الطوعية أشبه برحلة يقوم بها النازحون من الخرطوم الى مناطقهم بغرض الزيارة فقط ومن ثم العودة الى المدينة التى تعودوا على انوارها الباهرة ومياهها التى تنساب من الصنابير .