الأستاذ عمر الجزلي.. أحد رجال الإذاعة والتلفزيون المتميزين، وأحد أهم الذين وثقوا للأغنية السودانية ولأباطرة الطرب في بلادنا، تتميز حواراته بالعمق غير الممل.. وبالمعرفة التامة لمن يحاوره. الأعمال المتميزة التي تفخر بها الإذاعة والتلفزيون كثيرة لا تحصى.. لكن ما لفت نظري حواراته الأخيرة في برنامجه الشهير.. أغنيات وذكريات.. الحوار الأول الذي خطف سمعي هو مع الفنان الكبير حمد الريح. الذي أعاد سيرة حمد الريح القديمة الذي كان يغني لكبار الشعراء العرب والسودانيين.. عندما ظهر في بداية حياته الفنية، نزار قباني.. وصلاح أحمد ابراهيم، وعبدالواحد عبد الله وعثمان خالد، وغيرهم من شعراء الأغنية الحديثة. وأعمال حمد الريح القديمة كثيراً على أغنياته الحديثة خاصة أنه كان يختار نصوص أغنياته لوحده.. أي لا تفرض عليه. وكان يلحن لوحده.. ولا يفرض عليه لحن.. حمد فنان متميز.. أعاده لنا عمر الجزلي لتلك الأيام الرائعة. والحوار الثاني الذي أدهشني هو مع الفنان صاحب الصوت الطروب الذي حلق بنا الى سماوات لاتعرف إلا الطرب الأصيل.. هو الفنان مجذوب أونسة.. الذي نقل لنا حلاوة ونكهة أهلنا الطيبين في الدامر وبربر وشندي والمتمة. ميزة مجذوب أونسة الصدق.. والعفوية في حديثه.. وهما صفتان مطلوبتان لدى كل فنان.. ومجذوب جاء الى الخرطوم وهو يحمل كل نقاء أهلنا الطيبين في الريف وعفويتهم وصدقهم.. وحنجرة مجذوب أونسة من الحناجر الذهبية المتميزة. لقد اكتشفنا الكثير في مسيرة مجذوب أونسة.. كما اكتشفنا أن وراء هذا الصوت الذهبي إنساناً بسيطاً وتجربة جديرة بالوقوف عندها طويلاً.. ومليئة بالصبر.. هذا الصبر هو الذي صقل هذه الموهبة. كذلك اكتشفنا الدور الكبير الذي لعبه شقيقه الشاعر حسين أونسة. الذي كتب له كل تلك الروائع. وحسين استطاع أن يكتب السهل الممتنع، وحول كلام الناس العاديين الى غناء طروب. لقد أسعدنا عمر الجزلي.. بهذا الغناء الرائع.. ونأمل أن يواصل إسعاد هذا الشعب الذي امتلأت آذانه بالغناء الغث والهابط.. على عينك يا تاجر.