هذا الكتاب (الفخيم) شكلاً ومحتوى هو من تأليف الكاتبة الباحثة الشهيرة الأستاذة شادية عربي. أحسب انه من مجرد قراءة عنوان الكتاب لا بد ان تتسابق الايدي لاقتنائه ولا بد يسخي القارئ في اهتمام كبير يبذل الوقت في قراءته وذلك ان اسرار استخراج النفط السوداني لمما تاق الجميع لمعرفته لأنه كان أشبه بالمعجزة.. والكتاب كما هو واضح من صورة الغلاف المصاحبة عنوانه: «أسرار استخراج النفط السوداني». والحقيقة ان أسرار مشوار النفط في السودان احتوت اغرب الحكايات وهي نفسها محاور هذا الكتاب قليل النظير.. نعم.. أدق الأسرار مثل عالم المفاوضات، أو المخاطر والمهالك التي صاحبت المشروع، وكيف دخلت الصين إلى مشروع النفط؟ وهناك المقاومة الشرسة دخول هذه المخابرات، ثم العقودات والقسمة والنسب. كيف خرجت شيفرون من السودان هل هناك شركات دخلت من وراء حكوماتها؟ وما هي أسرار الاستقالات والمحاسبات.. وغير ذلك من الاسئلة الكثيرة التي وضعتها المؤلفة الأستاذة شادية عربي كمحاور متوقدة لعملها الرائع هذا.. بدا من اسرار اجتماعات ومفاوضات الكواليس. من هو العامل الذي جازف بحياته في التشغيل؟ وسر اختفاء السفينة والطائرة؟ وما هي حكاية الفتاة الأمريكية التي أصرت على مقابلة د. عوض الجاز؟ وما هي نتيجة هذا اللقاء؟ ماذا عن جزاء سمنار؟ وسر الشفرة التي ضاعت يوم الافتتاح. ثم ماذا عن مشوار البترول والقطاع الخاص السوداني.. وماذا عن تأشيرة المغتربين وخور القدمبلية. وهذه المعركة الجبارة من أجل الخير للسودان كان كما نعرف بطلها وقائدها الدكتور عوض أحمد الجاز وتعالوا نقرأ ماذا قالت عنه شادية عربي المؤلفة باسلوبها الرصين ولغتها الناصعة وبلاغتها النابضة بصدق مقاصدها.. كتبت تحت عنوان «قلب شجاع» الآتي: عصى كالحجر.. صامد كالجبل ماض بقراراته كحد السيف لا ينسى أو يتناسى أهدافه في غمرة الأحداث له القدرة على التركيز على الأهداف وانجازها يتميز بحكمة القيادة، يحترم الزمن بفلسفة أنه قيمة اقتصادية عالية، حكمته في الحياة من لم يحب صعود الأعالي سيظل ابداً بين الحفر، بالرغم من ذلك فهو رجل متواضع طيب القلب عفيف اليد واللسان يمتاز بأنه: ذو بأس وجسارة في مهامه. بطش في لين وقوة في مرونة. لا يجامل ولا يحابي ولا يحيد عن أهدافه. وصف بالغيث أينما وقع نفع. يمتاز بالتوكل والاخلاص والتفاني والوطنية وحب الوطن وحب الخير والوفاء والتضحية والفداء والتواضع إنه الدكتور عوض أحمد الجاز. وهذا الكتاب الفخيم في محتواه فريد المثال أهتم به رجال من ذوي القامات السامقة فحصوه بعنايتهم ومنحوه من ذواتهم تقديراً عبروا عنه باقلامهم وبروعة بيانهم.. قدم له الدكتور عوض أحمد الجاز وقدم له البروفيسور علي محمد شمو.. وقدم له البروفيسور الطيب حاج عطية، مثلما قدمت له المؤلفة شادية عربي تحت عنوان: «لماذا هذا الكتاب؟». مما جاء في مقدمة الدكتور عوض أحمد الجاز قوله: الأخت الفاضلة شادية عربي مهتمة بالإعلام والنشر وأنا قادم عليهم في وزارة المالية طلبت والحت في الطلب لتسجيل التجربة الشخصية في مجال النفط السوداني فلم أستجب، وتعذرت بمشاغل إدارة المال وتغيراته ولكن حقيقة كان في نفسي شيء من الحذر من مدخل الشيطان على الانسان وخشيت ان يكون الكلام فيه شئ من حظ النفس، وظل طلبها يتكرر كثيراً وخاصة وأنها انتقلت معنا إلى وزارة الصناعة فتكرر الطلب واخيراً استجبت وأتمنى ان تكون الاستجابة من مفهوم مغاير، حيث أني قدرت وفكرت في الحيثيات التي سيقت من فائدة في توثيق التجربة وكذلك رجائي ان كان في التجربة شيء من النفع ان تكون إهداء لأخواني واخواتي وكذلك الأبناء من الجيل الحاضر والقادم من أبناء وبنات السودان الذين يرجى منهم حمل أمانة الوطن والطمع الذي نتبعه بالدعاء ان نرى ونسمع عن بلادنا في مقدمة الأمم. وقال الدكتور عوض أحمد الجاز أيضاً في مقدمته الرائعة هذه: هذه التجربة الرجاء أن تقوى فينا الايمان بالله وتذكرنا أن عطاء الله لا ينفد ولا يتقطع وكله مشروط بالايمان والتقوى حيث قوله تعالى الذي لا يكذب. «ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فاخذناهم بما كانوا يكسبون» الآية «96» سورة الأعراف. ومما جاء في مقدمة الدكتور عوض الجاز أىضاً. «رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم وهو من نشأ في ظروف قاسية منها اليتم والمحاصرة والمقاطعة والطرد من بين الأهل والعشيرة وطعن في عرضه وجاع وحورب ورغم كل ذلك استعصم بالله وقال لأصحابه في أصعب موقف وهو محاصر بالاعداء من كل الجهات: «فتحت لي قصور الروم وفتحت لي قصور كسرى» فهذه قمة الايمان والتوكل على الله مع تحقيق المثال في القيادة ورفع روح اتباعه. ومما جاء أىضاً في هذه المقدمة نادرة المثال التي كتبها الدكتور عوض أحمد الجاز قوله: «سرد القصة بهذه الصورة لم يكن القصد منه حشد التفاصيل ولا فنيات العمل ولكن المراد خلاصة مغزى النتائج وشواهدها وانفعال الانسان بعد اليأس الذي أصاب النفوس واستصعاب الناس للمهام التي طرحت ولكن نقول أمة السودان بخير والقصة في ثناياها تبرز الانفعال عند أناس كثر منهم الرجال والنساء والكبار والصغار والمشتغلين بدواوين الدولة والعاملين في القطاع الخاص بل حتى الذين تعاملوا مع أهل السودان من جنسيات خارجية وامتحن صدقهم حين تعدى انفعالهم بكسب المال الشخصي وتجلى ذلك الانفعال عندما كسرت رجل أحدهم فرحاً وانفعالاً بدخول البترول في الأنبوب اعداداً لتصديره وشواهد الانفعال بالفرح عند أناس تقدم بهم العمر ولا يعرفون شيئاً عن النفط ولم يكونوا مشاركين فيه فبكوا بانفعال عندما شاهدوا الحدث عبر التلفاز وامرأة بعيدة خارج الوطن انفعلت حتى اصرت على الخروج للسوق ليلاً متأخراً لتشتري هدية قطعتين من القماش لشخص لم تعرفه ولم تره في حياتها حتى كتابة هذه الأسطر بكت فرحاً انفعالاً بالوطن وأبناء الوطن معبرة عن مخزون مشحون من الأشواق كامنة في نفس كانت تحلم وتنتظر الانتفاح بخيرات بلادها قبل الممات. ونطالع من بعد شيئاً من تقديم البروفيسور علي محمد شمو لهذا الكتاب الذي أحاطه بعنايته إذ كتب يقول: «عندما تسلمت مسودة الكتاب الذي اعدته الباحثة شادية عربي وعنوانه «اسرار استخراج النفط السوداني» بغرض الاطلاع عليه وتقديمه بكلمات فيها نوع من التقدير لجهد المؤلف وإغراء مقتنى الكتاب بقراءته او على الاقل بتصفحه أو المرور السريع عليه (scaning) كما جرى التقليد عند صدور مثل هذه الكتب التي لا تصنف عادة بالمرجعية والاكاديمية . قلت في نفسي سأقرؤه واكتب المقدمة تقديراً لزميلتنا شادية التي نقدرها ونشهد لها كاعلاميين مثابرة وكناشطة تسهم بجهدها المهني والوطني والوظيفي في مجال بناء القدرات الصحفية منذ أن كانت مسئولة عن الاعلام في وزارة المالية مع صديقنا د. لوال دينق وزير الدولة ومع وزير المالية آنذاك د. عوض الجاز الذي انتقلت معه بعد ذلك الى وزارة الصناعة وايضاً كعنصر مواظب في لجنة التدريب وبناء القدرات في المجلس القومي للصحافة والمطبوعات الصحفية.. ويضيف البروف علي شمو في مقدمته قائلاً: - أردت في البداية أن أقرأ مقدمة الكتاب وجزء من الفصل الأول ثم أعود اليه مرة أخرى وفي فترة لاحقة لمعاودة القراءة حتي الفراغ من المسودة باكملها.. وما أن شرعت في قراءة الصفحات الأولى حتى وجدتني غارقاً في بحر لُجِّى من الدراما السردية التي تقص على صوراً من البطولات والمواقف التي تجسد قدرة بني هذا السودان على تجاوز الصعاب والعقبات وازالة الحواجز التي تقف سداً منيعاً دون المسيرة اذا توفرت القيادة والارادة وتولى امرها من سخرهم الله لها في تلك الظروف الصعبة التي مر بها السودان عندما حاصره الغرب وضيق عليه الخناق وسد أمامه السبل فلم يجد مناصاً سوى المواجهة والعزم على الانتصار عبر نفر من ابنائه شاءت الظروف أن يكونوا في الصف الأول عند النزال.. ثم يقول البروفيسور علي محمد شمو عن الكتاب: «لقد تضمن الكتاب سرداً مرتباً وموثقاً ومدعماً بالارقام والحقائق وقصصاً وحكايات عن المواجهات والمقابلات والمؤامرات والضغوط الاستخباراتية والدبلوماسية والسياسية التي واجهها السودان وفي المقابل القدرة على المواجهة والصمود والتحدي حتي كتب الله لهذا البلد النصر والتوفيق . ومن بعد نأتي الى تلك المقدمة التي احتفت بهذا الكتاب المهم تلك التي كتبها بروفيسور الطيب حاج عطية «جامعة الخرطوم» كلية الآداب قسم الاعلام يقول: تحت عنوان« في كتابة التاريخ» احتدام جدل كثيف لم يدم طويلاً حول ضرورة إعادة كتابة تاريخ السودان وكانت حجة ارباب تلك الدعوة أن الادبيات التي بين أيدينا الآن لا تمثل الرؤية الصادقة ربما الكاملة لمجريات التاريخ والمعالجة تكون بأن نحفز مؤرخين صادقين وطنيين وعادلين ليعيدوا كتابة التاريخ ولكن لنرى كيف سيكون الحال إذا طلبنا مثلاً من الاستاذ الصادق المهدي والسيد محمد عثمان الميرغني والدكتور حسن الترابي والاستاذ محمد ابراهيم نقد أن يكتب لنا كل منهم حسب رؤيته عن ثورة اكتوبر 1964م مثلاً وهم شهود فعالين في ذلك الحدث قرأت كتاب شادية عربي أسرار النفط في السودان وفي ذهني ذلك السياق فقد اتيحت لها فرصة تسجيل وتوثيق من حيث هي مسيرة عملية استخراج واستثمار النفط في مرحلة زمنية معروفة رواية عن من عملوا في الحقل والبيدر يوماً بيوم ومرحلة في أعقاب مرحلة ولأول مرة أتيح لنا أن نرى ونسمع عن تفاصيل كانت طي الكتمان أو قل الابهام في أمور تناوشتها حيناً روايات واشاعات او غيرها.. وقال ايضاً بروفيسور الطيب حاج عطية في مقدمته الرفيعة هذه: وهذا حديث أثبت رواته ومراجعه أن فتح لنا باب ظلت تكتنفه غيب الاغلال والاظلام وعودة لحديث الزعماء السياسيين وثورة اكتوبر والفيل والعميان ونحن المستمعين والمشاهدين بين ايدينا شهادة من مصادرها بتفاصيلها ووثائقها من قمة الهرم الى قاعدته فيها منهم قدماء في مجالات النفط ومنها من بادروا ونفذوا منذ العام 1995م ذلك هو السبيل لمتابعة عملية (process) كتاب التاريخ والآن لنقف بازاء المؤلفة الاستاذة شادية عربي - بكالريوس دراسات عليا في الاعلام- جامعة الخرطوم وصحفية محررة بصحيفة «الاسبوع» 1989م وبمجلة «عزة» في1990 - 1995م ومراسلة لصحيفة «المستقلة» - ومجلة «الاموال» السعودية ورئيسة لتحرير مجلة «الاقتصادي» وكاتبة غير متفرغة بصحيفة «الرأي العام» ثم مديرة لادارة الاعلام الاقتصادي بوزارة المالية الاتحادية 1998- 2010م باسم وزارة المالية 2010 -2011م ومديرة لادارة الاعلام بوزارة الصناعة 2010- 2011م وأقامت كثيراً من الجمعيات الاعلامية واعدت اوراق عمل عديدة فضلاً عن مشاركاتها في دورات وندوات وبرامج اذاعية وتلفزيونية داخل وخارج السودان.. نتمنى لها مزيداً من التوفيق والنجاح والعطاء.