كشف بيان مؤتمر القمة العربية عن مفردات كثيرة سوف تلقي آثاراً ذات دلالة كبيرة مثل الشفافية والمكاشفة الجماعية بين رؤساء الوفود، علاوة على مداخلات للعقيد معمر القذافي، وكذلك المداخلات بين السيد عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية والسيد وليد المعلم وزير الخارجية السوري في المؤتمر الصحافي الذي عقد بعد انتهاء مؤتمر القمة العربية: أي أن كل ذلك ضمن التشكيلة العجيبة: «سمك- لبن- تمر هندي»، حيث لا خطط للمستقبل ترسم لنا الأفق الجديد الذي نتحرك عليه ومن خلاله، وعلم الحقائق الموضوعية يؤكد أن أية أمة تعيش بلا أفق مستقبلي ولا رؤية آنية تصل الأمة الى ما تريد ثم تبتعد عن ما لا تريد وبدون ذلك فهي الى ضياع مؤكد.. وينتج عن ذلك الضياع فقدان الأمة لمصادر ومكامن إرادتها من خلال معرفتها لمصادر القوة فيها وتوظيف تلك المصادر التوظيف الأمثل وبالتالي تصل الى ما تريد وتتجنب كل نقاط الضعف فيها.. وإذا أعدنا قراءة التاريخ خلال فترتي الخمسينات والستينات نجد لوممبا ونكروما وغيرهما من القادة الأفارقة ونجد أن رومانسية الثورة كانت ناعمة، وهنا كان يكمن الخطر، وهذا أمر يؤكد على حقيقة واحدة أن الأمة العربية جزر معزولة، تقع ضمن محاور متعددة، وانطلاقاً مما تقدم فإن علينا بالصبر أن نضع علاجاً موضوعياً لتلك الجزر المعزولة. الدولة المركزية إن قيام دولة مركزية قوية عربية مستندة إلى مواقع ثلاثة أو عبقريات ثلاث هي القادرة وحدها على إعادة الأمة العربية الى سابق تألقها التاريخي في فترة الخمسينات والستينات، حيث قامت الوحدة بين مصر وسوريا وتمت تصفية حلف بغداد والتصدي لمشروع ملء الفراغ في الشرق الأوسط، وقامت تجارب وحدوية بين مصر والعراق واليمن وسوريا، وجرى حوار قوي وجريء بعد انفصال سوريا عن مصر وأستخلصت منه العبر والدروس، ولكن لم تحدث معالجات جذرية تعمل على تلاحم الجزر المعزولة.. صحيح ان هنالك متغيرات مفاجئة أطاحت بكل الثوابت العربية وبدأت عمليات الاستقطاب بين أمريكا وأوروبا على أمة العرب، ولعبت الإعانات دوراً مهماً أدت الى تغيير المواقف، بل وتغيير الرؤى وكبلت الدول العربية «القرار- الموقف والتوجه» وفي مقابل ذلك برزت في الساحة العربية «قوى المقاومة» لتكون الخنجر المصوب الى أعداء الأمة العربية وفي مقدمتها الكيان الصهيوني العنصري، فهل نستطيع ان نبني المستقبل الذي نريد؟ وهل تحررت الأنظمة العربية من القيود التي أهانت ما تبقى من كبريائها الوطني؟ أما الدولة المركزية فتتمثل في السودان لأنها تمتلك عبقرية الزمان وعبقرية المكان وهذا الأمر يتطلب منطق الثورة.. ولكن مكامن الخطر حول السودان كثيرة ومتعددة، فضلاً عن أن طريق النصر تضحيات وطريق الثورة مخاطر. ومن هنا فالأمر يتطلب بناءً استراتيجياً في إطار الدول التي تعمل بمنطق الثورة ولا تتعامل بمنطق الابتزاز السياسي الأمريكي. منطق الثقة في الجماهير.. كيف؟ إن مشكلة الدول التي تسير في الخط الأمريكي هي التي توجد داخلها وبين جماهيرها قوى المقاومة وهي القوى القادرة على التصدي لأمريكا، ومن هذا المنطلق لابد أن يحدث التلاحم والترابط بين قوى المقاومة لدحر الدخلاء عن الأرض العربية والتصدي للمخططات الأمريكية، وتلك هي مشكلة أمريكا.. ولنأخذ مثلاً مدى تأثير الجماهير في حركة قياداتها بالفعل والتفاعل.. وأكبر دليل على ذلك بروز هوجو شافيز في فنزويلا ومواقفه العملاقة في مواجهة أمريكا ومخططاتها التي استطاعت توجيه نور الحق الى وجه الحقيقة واستحق ان يكون الطليعة المقدمة لدول أمريكا الجنوبية، ومن هنا فإن الشعب الفنزويلي باعتباره الطليعة الحقيقية التي راحت تلقن قياداتها آمالها الكبرى وتدفع قياداتها الى الأمام مستعدة لتقديم التضحيات الكبار لتحقيق الآمال الكبار. سقوط الإمبراطورية الأمريكية إن علينا بكل الصبر أن نتحمل مما لابد لنا أن نتحمله من أجل العمل على تفكيك الإمبراطورية الأمريكيةالجديدة، ولن يتم ذلك إلا إذا استطاعت الجماهير العربية «العربية» ان تحول الشعارات والكلمات والحروف الى كتائب مسلحة ومدربة، ووقتها فقط سوف نستطيع تفكيك تلك الامبراطورية الأمريكية وإذا كانت أزمة الغذاء في العالم قد استفحلت فإن الأمة العربية تستطيع ان تكون سلة غذاء العالم.. ولن ترتهن لأمريكا، فضلاً عن أنها أمة مقاتلة تعرف قيمة القتال من اجل الأمل في بناء أمة تعمل كل يوم وتقاتل في أي يوم.. وأمريكا تدرك ذلك.. إلا ان البعض لا يريد أن يعرف وإن عرف فإنه يعيش أسيراً للخوف من الخوف. اللهم اعطنا القوة لندرك ان الخائفين لا يصنعون الحرية.. والضعفاء لا يخلقون الكرامة.. والمترددون لن تقوى أيديهم المرتعشة.. اللهم احفظنا حتى يتحقق النصر فنتوه غروراً من نشوته. نواصل،،،