السفير السعودي لدى السودان يعلن خطة المملكة لإعادة إعمار ستة مستشفيات في السودان    مليشيا الدعم السريع تكرر هجومها صباح اليوم على مدينة النهود    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    شاهد بالصور والفيديو.. على أنغام الفنانة توتة عذاب.. عروس الوسط الفني المطربة آسيا بنة تخطف الأضواء في "جرتق" زواجها    المجد لثورة ديسمبر الخالدة وللساتك    بالصورة.. ممثلة سودانية حسناء تدعم "البرهان" وثير غضب "القحاتة": (المجد للبندقية تاني لا لساتك لا تتريس لا كلام فاضي)    المجد للثورة لا للبندقية: حين يفضح البرهان نفسه ويتعرّى المشروع الدموي    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    الناطق الرسمي للقوات المسلحة : الإمارات تحاول الآن ذر الرماد في العيون وتختلق التُّهم الباطلة    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    قرار بتعيين وزراء في السودان    د.ابراهيم الصديق على يكتب: *القبض على قوش بالامارات: حيلة قصيرة…    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    باريس سان جيرمان يُسقط آرسنال بهدف في لندن    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    صلاح.. أعظم هداف أجنبي في تاريخ الدوري الإنجليزي    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    المريخ يخلد ذكري الراحل الاسطورة حامد بربمة    ألا تبا، لوجهي الغريب؟!    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    بلاش معجون ولا ثلج.. تعملي إيه لو جلدك اتعرض لحروق الزيت فى المطبخ    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خواطر عابرة: عالم بلا أسامة،،، هل يتغير فيه شيء؟.. بقلم: عبد المنعم محمد علي- الدوحة
نشر في سودانيل يوم 16 - 05 - 2011


2 مايو 2011:
أعلن الرئيس باراك أوباما للشعب الأمريكي وللعالم أجمع بابتهاج بالغ نبأ مقتل أسامة بن لادن في عملية لقوة أمريكية خاصة ليلة أمس.
وأعلنت الباكستان الخبر بشيء من الارتباك،،، ومن الحياء المشوب بالخوف والقلق.
وتناقلت وكالات الأنباء حول العالم باحتفالية واحترافية خالية من العاطفة خبر مقتل زعيم القاعدة ضمن أخبارها العاجلة.
وسيواصل العالم لمدى شهر أو شهرين قادمين الحديث والتحليل والتقصي حول أسامة وحياته وسيرته ونهجه في مواجهة من كان يعتقد أنهم خصومه وأعداء دينه.
وتلقيت، عن نفسي، الخبر من مذياع السيارة صباح اليوم الاثنين بمزيج من من أسف مرير وحزن غامض على مصير رجل مخلص (لا شك في إخلاصه لدينه وقضيته) ركب طريقاً وعرة بدافع من مبدأ سياسي/ديني مثير للجدل.
وأشاهد الآن وأنا أكتب هذه السطور في السي أن أن والجزيرة على اللابتوب أونلاين ابتهاج الأمريكيين بانتهاء "كابوس" بن لادن.
نعم ،،، سيفرح ذوو الثلاث ألف نفس التي زهقت في مركز التجارة العالمية في العملية التي مولها أسامة ونفذها تلاميذه في ما سماها "غزوة نيويورك"،،،، كما سيفرح ذوو آلاف آخرين قضوا في سفارة نيروبي ودار السلام وفي مجمعات الخبر والرياض. سيشعر كل أولئك أن أحبابهم الذين قضوا في غزوات بن لادن قد استراحت أرواحهم بعد أن اقتص لهم.
كما سيفرح آخرون من المسلمين ومن غير المسلمين الذين طالت عمليات القاعدة أمنهم ومصالحهم. وربما بعض المسلمين المنتسبين لتنظيمات إسلامية منافسة أو مناوئة.
وسيحزن آخرون حول العالم،،، أوساط طالبان وضمن حلقات السلفية الجهادية حيث أسامة هو أيقونة الجهاد،،، ووسط كثير من المسلمين العاديين الذين سيرون في الحادث موتاً فاجعاً لأخ في الملة على يد خصوم تاريخيين،،، وسيزداد إحساس الحزن مرارة أوساط الشباب الأصغر سناً ممن كانوا يرون في أسامة مثالاً للمقاتل الباسل الذي استطاع بمفرده "تأديب" "الصليبيين"، "الامبرياليين"، "الاستعماريين" الأمريكيين،،، حسب الموقع الفكري لكل منهم.
وأسمع اللحظة تشكيكاً من المدير السابق للمخابرات الباكستانية في مجمل الحكاية،،، ثم يعقب قائلاً أن هناك مخاوف من قيام المتحمسين من أنصار بن لادن بإحداث فوضى في البلاد،،، والأخطر هو أن يستهدفوا المنشآت النووية. وهذا التشكيك في الخبر من المسئول الباكستاني السابق ليس سوى محاولة لتقسيط وقع الخبر على الجمهور الباكستاني الذي يضم ملايين المتشددين.
قطعاً ليس هناك شك في العملية،،، ولا في النتائج التي ترتبت عليها، لأنه ليس من الوارد أن يضع أوباما سمعته ليعلن بنفسه خبراً مشكوكاً فيه في فترة حرجة من رئاسته.
ويتحدث الآن الشيخ عويس زعيم الشباب المسلم المجاهد في الصومال يعلق بتحدي بأن أسامة بن لادن قد وصل لمبتغاه (الشهادة) وأن هؤلاء (أعداء أسامة) دأبوا عبر التاريخ على قتل الأنبياء والعلماء والصالحين.
وها هي الجزيرة تعرض الآن صورة لوجه أسامة بعد أن قضى نحبه في العملية،،، وبالرغم من التشويه الذي طاله،،، إلا أنه يمكن تمييز أسامه بملامحه التي ألفناها خلال ربع القرن الأخير في مختلف مراحل حياته "الجهادية".
وها هم المحللون من مختلف المشارب يتبارون على شاشات التلفزيون في تشريح خبر مقتل أسامة،،، وتقصي أبعاده،،، واستجلاء آثاره القريبة والبعيدة.
الأرجح هو أن تقوم عمليات انتقامية هنا وهناك،،، وخاصة في أوربا حيث الآلاف من الشباب الذي تشرّب فكراّ عنيفاً ضد المجتمعات التي نشأوا فيها،،، وكان أسامة هو رمزهم الملهم.
وسيغلي الطالبانيون والسلفيون الجهاديون في أفغانستان والباكستان وبنغلاديش لبعض الوقت،،، وربما قاموا بعمليات انتقامية أيضاً في العراق والأردن والجزائر حيث بؤرات القاعدة والسلفية الجهادية في العالم العربي.
وبخلاف ردود فعل لحظية عابرة، لن يكون لمقتل بن لادن آثار عميقة على أنشطة القاعدة والتنظيمات المماثلة لها حول العالم. فهو لم يكن سوى رأس القاعدة في منطقة أفغانستان والباكستان،،، أما تنظيمات السلفية الجهادية وفروع القاعدة في الجزيرة العربية والمغرب العربي واليمن، فهي كيانات مستقلة بعملياتها وقياداتها ولا يجمع بينها إلا أسلوب العمل وارتباط الأعداء المستهدفين بالغرب المسيحي.
وهي مجرد مصادفة أن يجيء اختفاء أسامة بن لادن بجسده من المسرح في وقت تشهد فيه المنطقة العربية الإسلامية تصاعد أصوات القوى الفاعلة التي ظلت مغيبة لعقود طويلة،،، وخفوت أصوات القاعدة والسلفية الجهادية التي شغلت الساحة في غياب تلك القوى تحت قمع الأنظمة الديكتاتورية التي تسلطت على معظم البلدان العربية والإسلامية.
وأفضل مثال لتضاؤل أدوار القاعدة والسلفية الجهادية مع تصاعد أصوات وأدوار قوى المجتمع هو اليمن، حيث ابتلعت الثورة الشبابية وانتفاضة المعارضة الوطنية هناك أصوات رجال القاعدة الذين احتلوا علناً فيما مضى مناطق واسعة من محافظات اليمن قبل أحداث الثورة اليمنية الحالية. فالقاعدة والسلفية الجهادية ليست سوى ردة فعل غير سوية للتحديات التي تواجه الأمة،،، تماماً كتلك التي تحدث أحياناً في جسم الإنسان بفعل تصدي جهاز المناعة للدفاع بصورة غير طبيعية عن الجسد في مواجهة بعض أنواع البكتيريا،،، أو البثور التي تظهر على وجه الإنسان من آثار الحمى،،، أعراض مرضية لجسم مريض. وفي الغياب الطويل للعافية،،، يتوهم البعض الذين لم يألفوا أحوال الجسد الصحيح أنها مظاهر طبيعية.
فلننتظر مزيداً من تحرر الشعوب في العالم العربي والإسلامي،،، وبمجرد أن تحتل القوى الحقيقية للمجتمع مواقعها في إدارة شئونها بعقلانية وإرادة وعزم الشعوب الحرة،ستختفي القاعدة وفكر القاعدة ونهج القاعدة المبني على الكراهية والانتقام والهدم،،،وستختفي أعراض الحمى السلفية التي أصابت جسد الأمة من مستنقعات الدكتاتوريات الموبوءة بفيروسات احتقار النفس، وكراهية الآخر، وازدراء الحياة والأحياء.
أما في أفغانستان والباكستان، حيث للفكر الطالباني الشقيق لفكر القاعدة أكبر تأييد بين بلدان العالم الإسلامي، فمن المرجح أن يتواصل فيهما تفاقم الأوضاع بفعل نشاط أنصار طالبان. إلا أن وجه الاختلاف بين فكر الطالبانيين والقاعديين هو أن الأول ذو طابع محليّ ومعنيّ بالأوضاع السياسية في كل من أفغانستان والباكستان، فيما الفكر القاعدي ذو طابع عابر للقارات وبقضايا تلامس كافة بلدان العالمين العربي والإسلامي. ورغم أن انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان ضروري لأي حل محتمل للأوضاع المتأزمة في البلدين، إلا أن مثل هذا الانسحاب لن يكون كافياً بحد ذاته لاستقرار الأوضاع بدون تسوية سياسية شاملة في البلدين تأخذ في اعتبارها حجم وقوة طالبان. وهو ما يعني أنه فيما يمكن تفكيك القاعدة والتنظيمات المماثلة في بلدان الشرق الأوسط من خلال أدوات العمل الديمقراطي، إلا أن الشقيق الطالباني في شبه القارة سيظل جزءاً أصيلاً من أي ترتيبات سياسية هناك. ولكن طالبان في هذه الحالة سيكون قد فقد أكثر خصائصه "القاعدية" التي تم تصنيفه وفقها كتنظيم شقيق للقاعدة.
إذن اختفاء أسامة بن لادن الآن لن يكون له سوى أهمية رمزية،،، فقد أنجز الرجل وأنصاره أقصى ما في وسعهم: جعلوا من اسم محمد وعلي وحسين شبهة تستدعي إعلان حالة طوارئ في المطارات،،، ووصموا الإسلام بدمغة القتل والتفجير والتدمير الأعمى،،، وظل أعداؤهم الذين تصدوا لمحاربتهم أقوى وأمنع مما كانوا عليه بفضل "جهادهم". فليس لفكر القاعدة والسلفية الجهادية أفق أبعد من ذلك،،، وليس بإمكانهم أن يصنعوا أفضل مما صنعوا.
ولم تحصل القاعدة إلا على تأييد حقيقي محدود في العالم العربي،،، ولم يكن من المتوقع أصلاً أن يحصل تنظيم متطرف كالقاعدة على تأييد يذكر بين العرب المسلمين الذين شكلوا تاريخياً الخط الوسطي المحافظ. وحتى النجومية التي حصل عليها بن لادن في المنطقة ليس سببها قناعة المعجبين بفكره أو عملياته،،، فلا شيء يدعو إنساناً سوياً للإعجاب بفكر ضيق يقسم العالم لفسطاطين من المؤمنين الصالحين يضم بن لادن ومشايعيه،،،، والكفرة وتشمل بقية البشر،،، ولا في تفجير مجمع سكني آمن أو مبنى مركز تجاري يؤمّه المئات والآلاف من الناس العاديين وقتل العشرات والمئات من البشر في غير ميدان قتال.
بل كان الإعجاب والتعاطف الشعبي مع القاعدة والتنظيمات المقاتلة المماثلة نكاية بالحكومات الشمولية والاتفاق على عدو مشترك (عدو عدوي صديقي) وشيئاً من قبيل التصويت الاحتجاجي في انتخابات الدول الديمقراطية،،، الاحتجاج ضد الأنظمة الأوتوقراطية القمعية،،، والاحتجاج على سياسات الولايات المتحدة في المنطقة وتواجدها الفعلي أو الرمزي داخل تلك الدول الدكتاتورية. كما استفاد القاعديون الذين وجهوا جلّ أنشطتهم ضد المصالح الأمريكية في كسب شيء من التعاطف من المزاج العام المعادي للولايات المتحدة في المنطقة. وهو في النهاية، ليس كإعجاب أحدنا ببطل مقاتل كخالد أو صلاح الدين،،، أو حتى ببطل رياضي كبيليه أو مارادونا،،، بل كإعجاب البعض بالهمباتة أو القرصان أو الفتوات.
حتى إعجاب البعض من اختيار أسامة لحياة القتال الخشنة رغم ملايينه التي كانت ستكفل له حياة الدعة، لم يكن مثار إعجاب لدى كثيرين آخرين، فلم تعد تضحية كهذه نادرة في عالم اليوم الذي نشاهد فيه مئات الشباب الأوربي من أمثال الإيطالي فيتوريو اريغوني الذين يركلون حياة الرفاهية ويختارون حياة المشقة والصعاب مناضلين من أجل قضايا الشعوب المستضعفة خارج أوطانهم في مواقع تحف بها المخاطر. وأريغوني اسم له رمزيته في سباق هذا الحديث، فقد كان جزاء هذا الشاب "المجاهد" الذي قدم للقضية الفلسطينية ما لم يقدمه الفلسطينيون أنفسهم، رصاصة في القلب من بنادق أنصار بن لادن الفلسطينيين في غزة!
إن سيرة أسامة وأنصاره من القاعديين والسلفيين الجهاديين ليس فيها ما يجعلها تختلف عن سيرة الحشاشين في التاريخ الإسلامي الذين اعتمدوا الاغتيالات والغارات المباغتة كوسيلة للقضاء على خصومهم،،، فهم مثلهم ظاهرة شائهة خرجت من رحم الهزيمة والتخلف والعجز. كما أن فظائعهم لا تختلف عن فظائع بادر-ماينهوف والألوية الحمراء ومنظمة إيتا الإسبانية والهاجناة الإسرائيلية في التاريخ االقريب،،، الاختلاف فقط في الأسماء والمزاعم والذرائع،،، فيما القتل هو القتل، والتدمير هو التدمير، وترويع وتفجير الآمنين في بيوتهم دون تمييز هو هو في كل حال.
وأسامة كان قد تراجع دوره أصلاً بعد تنفيذ منجزاته التفجيرية الكبرى، من قبيل "غزوة نيويورك"، إلى دور محدود يتمثل في التأكيد على وجوده بإصدار البيانات والتهديدات والتحليلات السياسية والفتاوى الدينية من مخابئه في الكهوف ورؤوس الجبال في أفغانستان ،،،ومن الأحياء والمباني المندسة في المدن الباكستانية المكتظة،،،، دون أن يكون له فعل،،، بعد أن ضيقوا عليه من كل الجهات. ولذلك فإن من بين أكثر الذين سيخسرون من غيابه الفضائيات والصحف العالمية ووكالات الاستخبارات ومراكز الدراسات التي ستفقد مادة دسمة كانت تعتاش عليها.
نعم ستتواصل عمليات معزولة وعديمة القيمة من قبل القاعدة قي العراق، ولكن بوتيرة أقل عزيمة أضعف، وتنتهي بخروج الأمريكان منه. وعمليات مماثلة في بعض دول المغرب العربي بنسختها السلفية الجهادية. ولكن مع بشريات الديمقراطية القادمة للمنطقة بقوة ، ومجيء حكومات منتخبة من قبل الشعب، ستفقد التنظيمات المتطرفة التي كانت تقاتل ضد الدول الدكتاتورية غطاء السند والتعاطف الشعبي الذي كانت تحصل عليه في الماضي للأسباب المذكورة سلفاً. وسيتعين على التنظيمات التي من قبيل القاعدة إما أن تندمج في النظام السياسي وفق اللعبة الديمقراطية وشروطها، أو أن تدخل في مواجهة ضد مجموع فئات وقوى المجتمع، وهي معركة لن تخرج منها إلا خاسرة.
أما المستفيدون من اختفاء أسامة فكثر،،، لكن قطعاً لن يستفيد أحد بمقدار الفائدة التي ستعود من ذلك للرئيس باراك الذي حرص على إعلان الخبر بنفسه في سابقة لا تخفي المرامي التي وراءها.
فمقتل أسامة بالنسبة للرئيس أوباما هدية جاءته من السماء لتعزيز فرصه في الانتخابات القادمة بعد أن كانت استطلاعات الرأي تقول أنه يحتاج لنجدة من فتوحات ليلة القدر للفوز بولاية ثانية،،،، فجاءته النجدة تجرجر أذيالها،،، بعد أن كان المنافسون البيض من نسل الآباء الأنجلوساكسون الصيد قد تجاوزوه بفراسخ،،، فأدركته هذه النفحة من بركات أسلافه في القارة الغبشاء وأعادته إلى المقدمة.
أسعد الناس بموت أسامة إذن هو هذا "العداء الكيني"،،، فباستطاعته الآن أن يخاطب الجمهور الأمريكي مفاخراً بأنه باستئصال شأفة أسامة قد حقق ما عجز عنه إمبراطور الحرب على الإرهاب، بوش الصغير. ولن يكون كثيراً إذا كافأه الشعب على هذا الانجاز القومي بتثبيته لأربع سنوات أخرى على عرش الدولة الأولى في الكوكب.
رحمك الله أسامة،،،، ورحم قتلاك،،،، ما أوسع رحمته،،، سبحانه.
عالم بلا أسامة،،، هل يتغير فيه شيء؟
5 مايو 2011:
لا تخطئ العين حين تنظر إليه أن وجهه ليس بوجه كذاب،،، كما قال الإعرابي قديماً حين رأى النبي محمداً (صلعم) لأول مرة.
كما لا تخطي الأذن صدق لهجته حين تسمعه وهو يتحدث.
شاب هادئ الطبع،،، باسم الوجه،،، مع مسحة من الحزن لا تفارقه.
يقول أحد أصدقاء صباه أن صبياً اشتجر مع أسامة ذات يوم فجاء هذا الصديق منتصراً لأسامة واشتبك مع الصبي وخلص صديقه منه بعنف، فقال له أسامة لاحقاً لو كنت صبرت قليلاً لأنهيت الأمر ودياً.
ولا يختلف اثنان أن أسامة كان متجرداً للمهمة التي نذر نفسه وماله الوفير لها.
كان في الثالثة والعشرين، شاباً وسيماً فارعاً ثرياً، حين وضع أولى خطواته على طريق القتال محارباً في أفغانستان.
ما الذي يضطر شاباً في شرخ الشباب وميعة الصبا تهيأت له أسباب حياة رغيدة أن يركل الدنيا ويختار طريقاً محفوفاً بالأشواك؟ كان ذاك أول باعث للإعجاب به لدى أنصاره وأصدقائه،،، مثلما كان مبعث الدهشة والتساؤل لدى خصومه.
فما الذي حوّل إذن سيرة هذا الشاب الهادئ الرزين لاحقاً لتصطبغ بالدم والنار والقتل حتى نهايته الفاجعة صباح الأحد 2 مايو 2011 ؟
أسامة بن محمد بن عوض بن لادن،،، المولود في عام 1957 هو السابع عشر في الترتيب من بين 52 (وقيل 54) أخ وأخت أنجبهم بن لادن الأب من زيجات تزيد عن عشرين (قيل 22 زيجة).
مات الأب عام 1968 في حادث تحطم طائرته المروحية الخاصة،،، وترك وراءه ثروة هائلة قيل أن نصيب أسامة منها قدرت ب 300 مليون دولار.
تطلّقت والدة أسامة السورية عالية الغانم بعد مولده بقليل وتزوجت العطاس الحضرمي،،، وقيل بعد ترملها بعد وفاة بن لادن الأب،،، وعاش أسامة مع إخوته في بيت زوج الأم.
درس أسامة المرحلة الثانوية في مدرسة خاصة بصفوة المجتمع،،، وأكمل تعليمه في جامعة الملك عبد العزيز بجدة،،، ونال درجة في الاقتصاد،،، وقيل في الهندسة المدنية،،، وقيل أنه لم يحصل هذه ولا تلك،،، بل درس لثلاث سنوات ثم هجر الدراسة ليساعد في إدارة الإمبراطورية المالية لورثة أبيه. لم يحصل أسامة على تعليم شرعي،،، بخلاف الثقافة الدينية العامة والاطلاع على فكر الإخوان المسلمين الذي لجأ كثيرون منهم إلى الحجاز من مصر في العهد الناصري ومن سوريا في عهد الأسد الأب.
عام 1979، في حدود الثالثة والعشرين من عمره، انخرط أسامة في الجهاد ضد الغزو السوفيتي لأفغانستان،،، وأنشأ مكتب الخدمات،،، ثم طوره لمركز الفاروق لمساعد المجاهدين وتريبهم وعلاجهم ومساعدة المجهود الحربي للمجاهدين الأفغان والعرب،،، الذين عرفوا لاحقاً باسم الأفغان العرب. وأسس مجموعته القتالية الخاصة فيما بعد تحت اسم القاعدة بعد تشربه لفكر شيخ المجاهدين، دكتور عبد الله عزام، الفلسطيني الأردني والأستاذ الجامعي الذي تفرغ للحرب الأفغانية بنهاية السبعينات وأوائل الثمانينات،،، وانضم إلي قاعدته لاحقاً رؤوس الجهاد المصري بقيادة أيمن الظاهري الذي كان له أيضاً تأثير كبير على بلورة فكر أسامة الجهادي. وبعد انسحاب السوفييت من أفغانستان، وسّع بن لادن مشروعه من مجرد تحرير أفغانستان من الشيوعيين الغزاة إلى استهداف الوجود "الصليبي" في بلاد الحرمين بصفة خاصة (حيث لا يجوز وجود دينين) وفي بلاد المسلمين بصفة عامة. وبذلك أصبحت المؤسسات الغربية وكافة أشكال الوجود الغربي، بمن فيهم الأفراد، أهدافاً مشروعة يتعين القضاء عليها بكافة وسائل القتل والتدمير والتفجير.
تزوج أسامة ابن خالته عالية الغانم وهو في سن السابعة عشر،،،، ثم تزوج أربعة مرات بعد ذلك،،، وطلّق واحدة أثناء وجوده في السودان لأنها لم تستطع تحمل حياة التنقل والملاحقة التي كان يعيشها الزوج. أنجب 19 ولداً وبنتاً،،، تزوجوا وأنجبوا بدورهم،،، وشق كثيرون منهم طريقاً في الحياة غير طريقه،،، وباعترافه في وصيته التي نشرت بعد مقتله، لم يجد أسامة الوقت الكافي لرعايتهم وتربيتهم،،، وبالضرورة، لنشوء رابطة الأبوة وإحساس العطف تجاههم.
هل بإمكاننا أن نستنج من هذه السيرة الذاتية مقدار الرعاية التي وجدها أسامة الطفل من أبيه بين هذا العدد الفلكي من الإخوان والأخوات،،، ومقدار العناية التي حصل عليها من أم مشغولة بزوج وأبناء وبنات من زواج ثان،،، وهامش العاطفة التي تبقت له من أبيه وأمه طوال سنوات طفولته! وما بذله هو بدوره من عناية وعطف نحو أولاده!
وهل بالإمكان أن نستنتج أن غياب عاطفة الرحم والقربى، من أبوة وبنوة، كان له أثر كبير في استسهال أسامة لقتل أولاد وآباء وأمهات الآخرين دون تمييز ولا إحساس بالشفقة كما حدث في "غزوة نيويورك" التي تمثل ذروة سنام منجزه الجهادي،،، ومئات آخرين قتلهم بن لادن، إما تحت إمرته مباشرة أو بتأثير من فكره الجهادي، دون أن يبدي الأسف ولو مرة واحدة على القتل الذي يطال الأبرياء من الصغار والكبار! وهل بإمكاننا أن نقول أن قتل المختلفين في الدين أو الفكر في غير ميدان قتال،،، حتى السياح والخبراء العاملين في البلدان الإسلامية،،، لمجرد أنهم من بلد يعتبره عدواً،،، له صلة وثيقة بالفكر السلفي الذي لا يكنّ وداً للمختلفين معه ولا يعرف حرمة لدمائهم،،، على نحو ما شهده العالم في قتالهم لأهل القبلة خلال القرن الثامن عشر إبان الدولة السعودية الأولى،،، وما شهدته عشرينات القرن الماضي من حرب شعواء شنه رجال فيصل الدويش على الملك عبد العزيز نفسه باسم نقاء العقيدة، فيما عرف يومها بحركة "الإخوان" (هم بالطبع غير الإخوان المسلمين أتباع حسن البنا الذين نشأت دعوتهم في 1928).
ولكن، ومن ناحية شرعية محض، وحيث أسامة مسلم سني متشدد على منهج الشيخ محمد عبد الوهاب، فإن من بين اختصاصات ولي الأمر (الحاكم) الحصرية تنفيذ الأحكام وجهاد الأعداء وحماية البيضة،،، وليس من حق مسلم فرد غير ولي الأمر، مهما علا قدره أو عظم علمه، أن يعلن الجهاد أو مقاتلة الأعداء. علماً بأن أسامة بن لادن لم يحصل على تعليم ديني أصلاً،،، ولم يقل حتى أنصاره المقربين أنه عالم دين،،، ولقب الشيخ الذي كان يطلقه عليه أنصاره والمعجبين به ووسائل الإعلام، كان أقرب ل"مشيخة" المال والجاه والمنزلة الاجتماعية. فهل كان أسامة يملك تأهيلاً آخر غير المال والملايين التي ورثها عن أبيه لتبوء مقعد إصدار الفتاوي أو إعلان الجهاد،،، أو حتى لقيادة المقاتلين؟
كان أمام الملياردير أسامة بن لادن الشاب عشرات الطرق لخدمة دينه الذي كان متحمساً له بثروته الهائلة،،، ولكنه بتأثير من ثقافته السلفية المتشددة، إلى جانب تأثيرات الفكر السياسي الديني للإخوان المسلمين المنفيين إلى السعودية، ومزاجه الشخصي الذي تشكل من حياة أسرية غير سوية، اختار طريق القتال (الجهاد) كمجال لإفراغ حماسته الدينية،،، وبعد أن حارب أسامة في البداية لإجلاء السوفييت عن أفغانستان في حرب مدعومة من الغرب ومن معظم الدول الإسلامية، دشن مشروعه القتالي الخاص المفتوح ضد الغرب (وأمريكا على وجه الخصوص) ومصالحه في جبهة قتالية باتساع دول العالم مستخدماً تنظيم القاعدة الذي أسسه لهذا الغرض.
ولكن هل كان بإمكان أسامة ورجاله إلحاق الهزيمة بأمريكا والغرب "الصليبي" من مركز قيادتهم في أحراش وكهوف أفغانستان ووزيرستان بتفجير سفارة هنا واختطاف موظفين هناك وقتل سياح في المغرب أو إندونيسيا؟ وهل كان مطلوباً منه أو من غير أصلا محاربة الغرب على هذا النحو أو غيره؟ والمفارقة أنه بالرغم من الطابع العبثي لمشروعه، إلا أن بن لادن لم يعدم المئات من الشباب الغاضب اليائس الذين هرعوا للجهاد تحت رايته،،، مع مباركة الآلاف من غيرهم من المسلمين حول العالم ممن لم يكونوا أقل يأساً بسبب أوضاع القهر داخل أوطانهم، وهيمنة القوى الكبرى ونمط استعمارها الجديد على الساحة الدولية.
إن من تابع سيرة أسامة وقاعدته والتنظيمات الجهادية القتالية التي استوحت تجربته خلال العقدين المنصرمين لم ير إلا رجلاً مندفعاً لمشروع القتل والتفجير والسحل دون اعتبار للنتائج والمآل النهائي كما هو الحال مع أي منظمة إجرامية أو إرهابية أخرى من تلك التي تعمل في أنحاء مختلفة من العالم.
وعلى ضوء ما سبق،،،، فإننا لن نتجاوز الحقيقة إذا قلنا أن حكاية أسامة بن لادن وقاعدته ومشروعه الجهادي لا تعدو أن تكون قصة أخرى من قصص القراءات الخاطئة للواقع العربي/الإسلامي المريض،،، واستتباع التشخيص المبتسر بحل أشد ابتساراً يتمثل في محاولة الاستئصال المادي للأورام البارزة دون الوصول إلى مكامن الداء ،،، استناداً إلى فكر استئصالي محدود الأفق،،، وبأدوات ووسائل من خارج العصر،،، وبقيادة هي نفسها من نتاج الواقع المريض.
وكانت المحصلة النهائية، كما كانت في كل التجارب التاريخية المماثلة، هي مجرد مزيد من التأزيم،،، وإعاقة لمشاريع الإصلاح،،، وتأخير لنهضة شعوب المنطقة التي لا تزال ترزح تحت نيّر الجهل والفقر والعجز،،، فيما تتسابق شعوب الأرض لاحتجاز مواقعها في الصدارة.
10 مايو 2011:
إذن أسدل الستار على الأسطورة.
وضع جنود المارينز جثمان أسامة داخل صندوق، وشدوا أثقالاً إلى الصندوق، واستودعوا سره لغياهب البحر المحيط.
كأن أمريكا تقول لكل من تسول له نفسه المساس بترابها وأمنها وكبريائها أن مصيره هو محو أثره من الوجود.
فعلت أمريكا كل شيء على عجل لقطع الطريق على أي مماحكات في الداخل من تلك التي تألفها الديمقراطيات للبت في الصغير والكبير، أو أي جدل قانوني قد ينشأ حول الدولة الجديرة بمحاكمة بن لادن، أو أي مشاعر قد تتصاعد هنا أو هناك في حال وجود أسامة حياً في الأسر، أو حتى ميتاً في قبر معلوم.
ثم إن إدارة أوباما كانت بحاجة للتلويح للجمهور الأمريكي بمنجز كبير مكتمل الأركان خلال الحملة الرئاسية الوشيكة. وكانت الإدارة الأمريكية على استعداد في سبيل هذا الهدف المصيري للرئيس أوباما وأركان حكومته أن تتحمل ردود الفعل الغاضبة التي قد تصدر من المسلمين على الطريقة التي تم بها قتل مسلم ودفنه على أيدي غير مسلمين.
ولكنها في النهاية قصة ثأر،،، انتقام دولة عظمى ممن طعن كبرياءها في القلب، في رمز جبروتها العسكري في البنتاغون، ورمز عظمتها الاقتصادية في مركز التجارة العالمية في نيويورك.
وإذا دققنا في مجموع ثارات أمريكا من أسامة وقاعدته، وهزيمة طالبان واحتلال بلادهم أفغانستان، وإزاحة وقتل صدام واحتلال العراق، وضرب مصنع الشفاء وحصار السودان اقتصادياً وسياسياً وتعليق رئيسه في حبائل محكمة الجنايات، سندرك اتساق ثارات الدول الكبرى.
وسيتذكر السودانيون من تاريخهم غير البعيد فداحة ما لحق بهم من ثأر بريطانيا العظمى من مقتل بطلها القومي غردون باشا على يد المهدويين بإلحاق الهزيمة بأنصار المهدي واحتلال السودان،،، في سلة واحدة تؤمّن تحقيق الهدف المعنوي للثأر إلى جانب أهداف التوسع الاستعماري للإمبراطورية البريطانية في سياق التنافس بين الدول الأوربية على "اقتناء" المستعمرات في القرن التاسع عشر.
يا لتشابه ثاراتهم!،،،،،،، حتى الثارات يجدلونها في نسيج الخطة الإستراتيجية العامة للدولة، وسياساتها الخارجية والداخلية، ويتم برمجتها وضبطها وتوقيتها لتخدم أهداف الخطط والسياسات، وتأمين المصالح القومية، ولإحداث التأثير المرغوب فيه على الرأي العام الداخلي والخارجي.
وقصة أسامة وقاعدته في مواجهة الغرب "الصليبي" بوجه آخر مهم من وجوهها، هي صفحة محدّثة من "توشكي" في تاريخنا السوداني القريب، حينما ينبري المؤدلجون السذج لغزو أقطار الدنيا، وقهر القوى الكبرى، وإخضاع العالمين ل"دين الحق" عزّلاً،،،، ليس في أيديهم سوى مدافع الحماسة الهوجاء.
A. Munim Moh. Ali [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.