مازالت أصداء الانتخابات الأخيرة تتردد وهي التي جرت على جميع المستويات »مجالس ولائية وولاة ومجالس قومية ورئاسة الجمهورية« كإستحقاق دستوري نصت عليه اتفاقية السلام الشامل الموقعة في ضاحية نيفاشا بكينيا في العام 2005م بين حكومة السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان »المتمردة« وقائدها د.جون قرنق الذي لم يجد الوقت الكافي لترتيب أوضاع حركته السياسية فوافته المنية ومات. وكان مطلوباً منه إعداد قواته للتحول بعد النقلة الكبيرة التي حدثت حينما وجد جنود الجيش الشعبي انفسهم فجأة وبلا مقدمات مطالبون بتغيير منهجهم في الحياة واستبدال »البزة« العسكرية والكلاشنكوف باللباس المدني ومعاول البناء والتحول للعيش في المدينة بعد عشرات السنين عاشوها في الغابات وسط المستنقعات وفوق الوهاد والجبال بلا عقيدة سوى لغة الموت والحرب والدمار، ولعله ما كان قادتهم يتوقعون يوماً انه مطلوب منهم العيش وسط مكونات المجتمع بآدمية فكانت التربية الغالبة وسط الجيش الشعبي للحركة هي غرس الحقد والغل تجاه كل ما هو سوداني بدعاوى وقصص إختلقها القادة لتعبئة الجنود وزرعوا في عقولهم نظرية المؤامرة من الحكومة والشمال والعروبة والاسلام منهم دمي يستخدمونها كيفما ومتى شاءوا وأرادوا. ثم عوداً على بدء فأصداء الانتخابات التي مازالت تتردد تحكي في كل الجهات وبألسنة مختلفة لكنها تتفق حول حقيقة واحدة وهي ان والي النيل الازرق السابق «بعد القرار الاخير» كما هو معلوم بالضرورة ما كان له ليفوز أو يتبوأ منصبه هذا لو لا صفقة سياسية عقدت بليل وأتت به والياً على الولاية ومركزها السياسي »الدمازين« .انها الحقيقة بلا رياء ولا كذب أو تجميل ناصعة كسطوع الشمس في رابعة النهار وهذا ما يعلمه »البرون والسمعة والأنقسنا والصبحة والفونج حتى الامبرارو« كما يعلمها كذلك سكان الدمازين والروصيرص وقنيص والكرمك وقيسان واولو وباو وبوط ورورو وحتى ودأبوك. اذاً فالوالي الفائز رغم ارادة الجماهير والتي منحت ثقتها في جميع دوائر المجلس الولائي سوى القليل وكذلك دوائر المجلس الوطنى وحتى رئاسة الجمهورية منحتها لمرشحي المؤتمر الوطني، كيف لهذه الجماهير ان تبخل على الرجل الهادئ والرزين ابن الولاية المتعلم الواعي د.فرح عقار »كيف هذا بربكم« لو لا مساومات السياسة وتقديرات آخر الليل. وليته كان يفهم لكن اتساءل لماذا رضى اصحاب الحق وتنازلوا له راضين ومنحوه حق الحكم عليهم ارتهانه للخارج ومخططات الدمار والحرب والتخريب حينما غرر به عصابة العلمانية وهو منهم وبهم يكون وقدموه قرباناً لأسيادهم وقادتهم الدوليين وباعوه بلا ثمن سوى الوعود السراب. لا يفهم عقار ومن معه ان شعب النيل الازرق مل الحرب وسئم الموت والإقتتال في لا شئ بعد ان ذاق حلاوة الاستقرار والسلام والأمن والأمان. وبمثلما كان عقار هنا، كان هناك الحلو وزمرته يدفعون بأهل جنوب كردفان والنوبة لحرب هي خاسرة لأنها بلا سبب أو اسباب فبادر الحلو بالخروج على الدولة والقانون وظن ان وعود الآخرين له بالنصرة ستأتيه بخير كثير فاستفاق وجنودنا البواسل يفعلون به وجنوده الأفاعيل وأضحى طريداً يلتمس الخروج ولا يستطيع بعد ان فقد كل شئ، وخسر تجار السلاح ومناضلو الفنادق دعاة الحرب خسروا كل شئ وكان لابد من بديل ليوقد شعلة الحرب بشرارة وتصبح نارا منها يوقدون وتروج سلعهم وتجارتهم فيتربحون بالمهمشين الغلابة المفترى عليهم وباسمهم يلعبون. والبديل عندهم كان العقار الذي لا يعي ما يصنعون لكنهم قد سلم الامر لهم ليفعوا به ما يشاءون وهم فيه راغبون وتحرك عسكرهم وظنوا انهم ملاقون الدمازين تستقبلهم كفاتحين ومنها للخرطوم يخرجون أو هكذا قد صورت لهم نفوسهم المريضة بعلة اللا وعي وتوسطوا الطريق فكان اللقاء وجندنا بواسل يعشقون الموت فداء الوطن ويتمنون اللحظة التي تجمعهم بالمارقين العملاء والمأجورين وما كانت معركة لكنها ساعتان وقضي الأمر الذي فيه يتشاورون وكانت ملاحم البطولات تحكي وجيش السودان يصد الأعداء يجرجرون الخيبة بأذيالها ولا يرحمون فهم بين طريد ومحاصر بين الدمازين والكرمك وعقار هرول مهلوعاً خائفاً مرعوباً وكل هذا من صنع يديه والآن يطلب الأيواء والإجارة ولا يجد من يستجيب فيعود ادراجه الى جوبا يلوم الاسياد وقد خذلوه وما كانوا له ناصرين. ظن عقار ان الكرمك حصينة وان قيسان ستأويه لكنه حينما وجدهما في ايدي الحكومة خر هو كخوار الثور المذبوح لو يستطيع وما كانتا تمنعانه من غضبة الاسود التي جاءها يقصد العرين في ليل بهيم فكان الدرس الذي اتمنى ان يفهمه لو يستطيع. وخرج عقار يتخبط الارض الى حيث لا يدري لكنه يعرف الخوف والجوع والوعيد، وعيد شعب صبر عليه وما كان له ليزيد. ثم وعيد جيش عاش للنصر من عند الله فكان يوم النصر عيداً فوق عيد. انتهى الدرس يا عقار لو تفهم ولا أراك تستطيع لأنك كنت حاضراً في درس الحلو ولم تستفد وكنت جلوساً في الصف فآثرت ان تكون الأخير بين الأقران . اخيراً سرني انك رجل لا يتعلم من أخطاء غيره فأهديتنا نصراً ومساحات للفرح والسرور ونحن نراك اليوم مذعوراً وطريداً.