جاء في اخبار الاسبوع المنصرم ان «56» من مشايخ الرزيقات قد خرجوا عن المؤتمر الوطني وانضموا للحركة الشعبية وذهبوا الى جوبا لمبايعة السيد سلفاكير شخصياً، وبعد هذا بيوم واحد جاء في الاخبار أيضاً ان «27» من مشايخ شرق السودان قد خرجوا من الحركة الشعبية وانضموا للمؤتمر الوطني وبايعوا الدكتور نافع الموجود وقتها في ولاية البحر الاحمر، الأمر المؤكد ان نشر الخبرين كان من الحركة ومن المؤتمر الوطني على التوالي، أي ان الحركة ترى في خطوة الرزيقات انتصاراً لها والمؤتمر الوطني يرى فيما حدث في البحر الأحمر انتصاراً له، ومثل هذه الاخبار يمكن ان تقرأ من عدة زوايا. دعونا نسأل كم عمر المؤتمر الوطني وكم عمر الحركة الشعبية حتى يتم الانضمام لهما والانسلاخ عنهما؟؟ وما هي مكانة هذين الحزبين الجديدين في هذا القطاع التقليدى؟؟ وأين كان المنضمون والمنسلخون قبل ظهور هذين الحزبين؟؟ وأين المشروع الحضارى وأين السودان الجديد من هذه الزعامات التقليدية؟؟ وهل يعني انضمام المشايخ انضمام عامة وغمار الناس؟ وما هو الضمان لاستمرار ولاء المنضمين الجدد؟ وأهم من كل هذا ما هي مآخذ المنسلخين على حزبهم القديم وما الذى سيجدونه في الحزب الجديد؟؟ أنا هنا لست بصدد الاجابة على هذه الاسئلة بقدر ما أردت طرح التساؤلات، ولكنني أجزم بأن الولاء للهلال والمريخ أعمق وأرسخ من ولاء هؤلاء المشايخ للأحزاب!! الانتقال من حزب الى حزب ظاهرة حضارية وتدل على المرونة السياسية ونبذ العصبية هذا اذا حدث في القطاع الحديث، اما اذا حدث هذا في القطاع التقليدى فان هذا يعني ان هناك مطالب شخصية خاصة بالزعيم قد تم عدم مراعاتها.. ولكن يبقى السؤال: هل انضمام الشيخ يعني ان أفراد قبيلته أو اتباعه قد انضموا لخيار الشيخ؟؟ هل ما زالت الأشياء هي الأشياء في ذلك القطاع التقليدى؟؟ كل هذه الحروب والمآسى والهجرات والمجاعات لم تفكك عرى الروابط التقليدية؟؟ كنا نتمنى ان يكون التغيير قد حدث نتيجة للتنمية الاقتصادية ودخول الخدمات من تعليم وكهرباء وطرق، ولكن للأسف ان التغيير قد حدث نتيجة لعوامل سلبية ولكن في النهاية انه تغيير. كنا نتمنى على الاحزاب التى تدعي انها حديثة وانها تريد اعادة صياغة الواقع السوداني بآخر جديد «لنج من الورقة» ان تتخذ وسائل حديثة لهذا التغيير، فالوسائل يجب ان تكون من جنس الغايات، فالتحديث يتوسل اليه بآليات حديثة ولكن يبدو ان الشغلانة كلها صراع على السلطة ولا فرق بين حديث وتقليدى إلا في الامكانات ويبدو ان قدر السودان ان يسعى الناس فيه بين قطبين كما الصفا والمروة.. فقديماً كان الانجليز والمصريون ثم السيدان عبدالرحمن المهدى وعلي الميرغنى والآن المؤتمر والحركة، ولا اظن ان فيهما غداً وعاش الهلال ثم الهلال ثم المريخ.