القائم بالأعمال الأمريكي يجوب السودان طولاً وعرضاً وهو يعلن ان بلاده لا تسعى للتدخل في شؤون السودان، ولكنه يبرر تدخله السافر بأنه لإنقاذ نيفاشا...! يجتمع بشيوخ القبائل وزعاماتها وحتى بالمواطنين، فالأمر صار أكثر من تدخل..! الأمر أصبح إدارة الشؤون الداخلية على أدنى مستوياتها.. «القبيلة»...! وهذا التدخل يهدف الى إنقاذ نيفاشا...! وما يحدث في أبيي هو من موروثات نيفاشا تلك الصنعة الأمريكية التي فُرضت فرضاً على السودان...! والضغوط التي مورست على وفد الحكومة جعلته يركز على الجنوب والحرب هناك وكان ذلك في حد ذاته هدفاً.. وقد نسى الوفد بقية السودان، بينما كان الطرف الآخر «امريكا والحركة» ينظر الى السودان كله شماله وجنوبه وشرقه وغربه..! وهكذا كان الحال لدى الوفدين.. احدهما يحمل أشواقاً ونوايا وتنازلات للطرف للآخر وهو يعامله على أساس انه حركة تمرد.. بينما الطرف الثاني يتلقف التنازلات، معتبراً تلك التنازلات تمثل رصيداً لحركة تحريره...! فالأول ظن انه يفاوض متمرداً.. بينما الثاني يفاوض مستعمراً يريد التحرر منه!! والطرف الأول لم يكن يحمل خططاً وأهدافاً، فهو في ذات الوقت يعاني من ضغوط أمريكا..! هذا الوضع حرم احد الأطراف من استصحاب تراكمات التاريخ وحقائق الجغرافيا الثابتة.. وبدلاً عن هذا حمل المفاوض أوهاماً في خياله اقتنع وحده بها ولكن عندما واجهه الطرف الآخر انعدمت الحلول وقبل الطرف الأول بالأمر الواقع...! والذي حدث ليس قبولاً بل استسلاماً للأمر الواقع...! وإهمال التاريخ يعرض حاضر الجغرافيا لخطر التغيير الأمر الذي حدث بالنسبة لأبيي.. وهذا من أخطر إفرازات نيفاشا...! وحتى لا يكثر السيد فرنانديز من المغالطات، فإن الذي حدث ويحدث لأبيي ما هو إلا إفراز لما يُسمى بنيفاشا...! إن التغييرات السياسية والجغرافية التي ستحدثها نيفاشا ان استمرت هو ما تطلبه الإدارة الأمريكية التي أرسلت فرنانديز للسودان..! وإنقاذ نيفاشا لا يعني إلا تفكيك السودان..! ولعل أكثر الحلول جاذبية لكل من الشمال والجنوب هو انتهاء نيفاشا الى قيام دولتين في كل من الشمال والجنوب...! والآن قامت دولة الجنوب المستقلة التي زالت عنها كل رموز السلطة الفيدرالية في الخرطوم بما في ذلك اكبر رموز السلطة التي يمثلها الجيش...! وليطمئن السيد فرنانديز ان الغالبية من أهل الشمال والجنوب لم يعودوا يأبهون لنيفاشا، ولا أعتقد ان امريكا تريد خيراً للسودان أو لبقية العالم الذي يبغضها...! وليذكر ان مسألة أبيي لم يعقِّدها إلا السفير الأمريكي السابق في الخرطوم الذي كان رئيساً للجنة التحكيم التي عقّدت المسألة وانفضت اللجنة التي اعتبر قرارها نهائياً..! ارجو أن يشرح السيد فرنانديز سبب الحرب على العراق أو الهدف منها، ذلك الهدف الذي لم يكن واضحاً لدى الجندي الأمريكي، هل إسقاط نظام صدام حسين كافٍ لإقناع هيئة الاركان لتحقيق الهدف...! من نتائج غياب الهدف المقنع ان ازدادت حالات الانتحار بدرجة مذهلة.. إنه الهدف الذي يقود منفذه نحو الانتحار...!!! السيد فرنانديز ليس من القبيلة الواسبية (Wasp) وهو وافد كما الكثيرين الى أمريكا ولكنه بمواقفه ملكى أكثر من الملك والمثل السوداني البلدي يقول: «التركي ولا المتورك»...! أما الادعاء بأن امريكا تسعى لاستقرار المنطقة، فهو حديث يبعث على الضحك والأمريكان ان دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون.. وقد كشف لنا السيد فرنانديز ان نيفاشا التي فرضت علينا من قبلهم تحتاج الى استقرار في المنطقة كي تنجح...!! وكنا نظن خطأًً انها هي التي ستجلب الاستقرار، وإذا كان السودان مستقراً فما الحاجة لنيفاشا يا ترى..؟!! وليفسر لي السيد فرنانديز لماذا تتحرش أمريكا بسوريا وإيران..؟ وحتى لا يجهد نفسه سأقوم بذلك نيابة عنه.. ان سوريا وإيران هما الدولتان الوحيدتان في المنطقة اللتان فيهما اكتفاء ذاتي من القمح، بل هما يصدران الفائض وهذا بالطبع لا يروق لأمريكا الواسبية التي أخذت تحول غذاء البشر الى وقود مما رفع سعر الخبز بصورة غير محتملة في كل العالم...! واخيراً أقول للسيد فرنانديز ان امريكا تستطيع ان تتبول على أقصى بلاد العالم بعداً عنها، ولكن عليها ان تتذكر أمراً مهماً وهو ان آخر نقاط بولها ستسقط بين قدميها...!