التأم الخميس سامر قيادات المؤتمر الوطني من كل ولايات السودان (الجديد ) لشهود المؤتمر التنشيطي لنصف الدورة الثالثة للحزب ،وقد سبق ذلك انعقاد المجلس والمكتب القياديين ومجلس الشورى القومي للحزب الحاكم ،وقد شهدنا الجلسة الافتتاحية ولمسنا تطوراً كبيراً من حيث المظهر ودقة في التنظيم تختلف عن سابقاتها ،بل حتى التجهيزات لمقر المؤتمر تميزت عن ذي قبل ،فهل مرد هذه التغييرات إلي توجهات جديدة في كل الاتجاهات في إطار الجمهورية الثانية التي أصبحت ربما شعاراً ملهماً جديداً للحزب الذي تفتق عن إطار فكري عقدي إسلامي ؟ أم أن الأمر يتوقف عند التجديد المظهري الخارجي فقط ؟ هذا ما نسعى لاستكشافه ،فالمستجدات الكثيرة والتحولات الكبيرة تقطع بحتمية التغيير ،وفي مقدمة هذه التحولات إنفصال الجنوب بحيث تحول المكون السكاني إلى مسلم مع معتقدات أخرى لا تتجاوز ال(2%) من العدد الكلي للسكان ،فهل يضفي ذلك مزيداً من الصبغة الإسلامية على الحزب الذي ظل أهله يرددون أنه كيان جامع جمع كل الملل والنحل قبل الانفصال ؟ هل تزيد الصبغة الإسلامية لدرجة احتمالية التماهي بين كيان الإسلاميين الخاص (الحركة الإسلامية ) وحزبهم الجامع المؤتمر الوطني ؟ وقد لمسنا إشارات في هذا الاتجاه من خلال الجلسة الافتتاحية تمثلت في التلاوة المطولة لآيات من الذكر الحكيم لنحو من ربع الساعة ،وأكدته هتافات المؤتمرين وكلمات نافع والبشير التي أجملت وفصلت في صلة الإنقاذ ونشوتها بما تم من تحولات في المحيط العربي ،وما كثر من إستشهادات وما ذكر من مرجعيات ؟. ثم هل سيستقبل الحزب تغييرات جوهرية على الصعيد البنيوي والنمط المؤسسي ويحدث تجديدات في آلياته السياسية وقد أفرد لجنة وورقة لتعديلات دستوره (النظام الأساسي) ؟ وهل سيحدث تغييرات جذرية في هياكله تبعا لذلك ،سيما وقد علا صوت تجديد الدماء وتشبيب القيادات ؟ أما عن قضايا الشعب وهموم (محمد أحمد ) فقد قرأنا ضمن الأوراق ورقة اقتصادية وسمعنا في كلمات رئيس الحزب ونائبه ما يفيد بأن هموم المعاش ومعالجة الأوضاع الاقتصادية ضمن أولويات نقاشات المؤتمر،وفي مجال التوجهات الكلية والرؤى الوطنية فقد تضمنت الأوراق وتحدث الرئيس عن حكومة القاعدة العريضة والتلاقي مع الأحزاب عند نقطة الثوابت الوطنية وهو ما يحتاج الكثير من التنازلات المتبادلة من الوطني والقوى السياسية . والمؤتمر هذا تبدو عليه ملامح المساءلة والمحاسبة في تقديم الأداء ،إذ يخضع أداء الحزب التنفيذي للمراجعة في تقرير يقدمه نائب رئيس الحزب علي عثمان ،ويراجع نائب رئيسه نافع عبر تقرير يقدمه عن الأداء التنظيمي ،كما يخضع أداء الهيئة التشريعية القومية للنقاش من خلال تقرير يقدمه غازي صلاح الدين رئيس الهيئة البرلمانية لنواب الوطني ،وفوق ذلك يراجع أداء مؤسساته الشورية بالمركز والولايات بتقرير لمقرر الشورى القومية . حاشية : إن مؤتمراً يَمثُل فيه قادة الحزب وعرابه الذين هم قادة الدولة وحكامها أمام قيادات حزبهم وكوادرهم القاعدية القادمة من المدن والأرياف والفرقان ليقيّموا أداءهم ويجرحوا ويصوبوا فيه لهو نهج جدير بالملاحظة ،لكنه ينتظر مخرجات جوهرية تعالج هموم الناس في المعاش وغيره وتجعل أعناقهم مشرئبة إلى المستقبل. بيد أن المهمة عسيرة ،إذ يريد الوطني أن يراجع أداء عامين مضيا،ويرسم مسار عامين مقبلين حافلين بالتحديات الوطنية الكبرى ،يريد أن يفعل كل ذلك في يومين ،فكيف يجيب على ما طرحناه من أسئلة في هذين اليومين ؟،ذلك ما ننتظره.