( صلاح شكوكو ) الحكمة ضالة المؤمن .. هي حكمة تقال في بواطن المعاركة والمخاصمة والدعوة والدعوى .. والحكمة أمر عام يستوعب شتى موقف الحياة .. ورغم أن الحكمة قرينة بالدعوة إلا أن لهذه العلاقة ما يبررها إذ أن الدعوة الى أي قضية تحتاج الى حجج وبراهين وأسانيد لإقناع الآخرين .. لذا فإن التصدي لأي قضية في الحياة يقتضي أن نحشد لها أدوات الحكمة والزمان والمكان . وإختيار الزمان والمكان جزء أصيل من مقتضيات الحكمة .. بل هي من أهم أدوات الحكمة حتى لا ندير معركة أو قضية في ميقات لا يلائمها .. حتى لا تموت القضية في مهدها أو تنتهى جذوتها وهي لم تشتعل بعد . هذا الحديث أسوقه وأنا أتابع السيد صلاح إدريس رئيس نادي الهلال وهو يشعل حربا في غير ميقاتها مع الإتحاد العام .. حيث جاءت المعركة في منعطف هام في مسيرة الهلال وهو يواجه الوداد المغربي .. هذه الواقعة التي كان يستوجب أن يكون الإتحاد العام هو رأس الرمح فيها . لكن السيد صلاح إدريس ( الذي إكتشف مساويء الإتحاد العام متأخرا ) قد فتح الباب على مصراعية عبر مؤتمرات صحفية ملاسنات ( شخصية ) ومعاركات تستخدم فيها كل الأسلحة المشروعة وغير المشروعة .. خاصة وأن من أسهل الأشياء في السودان أن تدعو الصحفيين الى حيث (( الشمار )) . والغريب أن السيد صلاح إدريس كان يعلم سلفا أن المعركة مع الإتحاد العام معركة ليست من المعارك القصيرة .. إذ أنها معركة تحتاج الى نفس طويل ومعاركات ممتدة .. وأن المؤتمرات لن تجدي فتيلا ذلك أن كل مؤتمر يفتح الباب أمام مؤتمر للجانب الآخر .. والصحفيون يتنقلون بين هذا وذاك .. والكل يود إستمالتهم إليه .. بينما لكل منهما (( جوقة خاصة )) تنشد الكورال الذي لقنه لهم تحسبا لمثل هذه الظروف والمعارك . هنا تأتي أسئلة محددة تفرض نفسها .. هل كان الهلال في حاجة الى هذه المعركة الجانبية ؟؟ وهل حتمت الظروف ضرورة أن تقام هذه المواجهة في هذه الظروف والهلال على أعتاب معركة بدأ العد التنازلي لها ؟؟ ألم تكن معاركة الوداد أولى من معاركة شداد ؟؟ ألم يكن في مقدوره التأني قليلا ريثما تنجلى المواقف ويستبان موقف الهلال ؟؟ لما أخرج السيد صلاح إدريس من جيب أيامه ورقة الإتحاد العام حيث لم يكن موفقا في ميعاد إخراجها ذلك أن الأوراق المخبئة كثيرة وكل ورقة تنتظر ميعاد إخراجها .. لكن ورقة الإتحاد جاءت في غير أوانها ولو من الناحية المعنوية .. صحيح أن المواجهة بين الهلال معركة .. ومن حق كل طرف أن يدافع عن قضيته ودعواه ويستميت دفاعا عن هذه القضية التي يؤمن بها .. لكن الحكمة تقتضي أن ننظر حولنا ونختار لمعركتنا زمانا ومكانا مناسبا .. حتى لو قلنا جدلا أن صلاح إدريس على حق فيما يقول .. ألم تكن مقتضيات الحكمة تقتضى أن يواجه المعركة بنوع من الكياسة وبعد النظر ؟؟ خاصة وأننا ظللنا نراهن دوما بأن القيادات الشابة في الهلال والمريخ تعتبر نمطا جديدا في شريان العمل الرياضي المعاصر .. لكن هنا وفي هذا الموطن فإن السيد صلاح أدريس لم يوفق في إختار أون حصاده . أن للمعرك قيادات .. وللأزمات حسن إدارة .. وأجمل مايميز القادة في أواننا هذا هو حسن قيادة المعارك والأزمات .. خاصة وأن القيادة قد تجعل عددا مقدرا من الناس يدفعون ثمنا غاليا بسبب بسيط يكمن في عدم تقدير القيادة للزمان والمكان المناسب للمعارك .. ولعل الشواهد كثيرة في زماننا هذا ولا تحتاج الى تبيان .. وقد دفعت فيها شعوب كثيرة ثمنا ووقتا غاليا لأخطاء قاداتها .. مهما تكن القضية .. وشكلها .. ومآلاتها .. فإنها معركة جاءت في غير أوانها وأن الهلال هو الذي سيدفع الثمن .. خاصة وأنه يلملم نفسه لمعركة تحتاج في أقل قليلها الى نوع من الإستقرار خاصة وأنه في مواجهة هي الأصعب بين أخواتها لأن معركة الترجي مازالت تعشعش في أرفف الذاكرة بكل مراراتها وأحزانها حيث تسرب الأمل من بين أيدينا في لويحظات أعقبت جزالة الصبر وحسن الثبات .. وحتى في تك الواقعة لم يسلم صلاح إدريس من القيل والقال وكثرة المقال حيث حُمل الرجل تبعات ذلك الإنهزام .. وفسر التحشيد الذي قام به بأنه نوع من المقعدات التي قادت لتلك النتيجة .. ورغم أننا لسنا في مقام عقد محاكمة للرجل إلا أن لدينا كلمة في دفتر الرجل .. ذلك أن السكوت في هذه الموطن يعتبر نوعا من الكتم المذموم . بهذه المعركة الأخيرة مع الإتحاد العام .. فتح السيد صلاح إدريس الباب على مصراعيه أمام تكهنات جديدة كثيرة تدور برمتها حول أنه فتح هذه الجبهة لصرف الأنظار عن واقعة الوداد التي يخاف أن تهز عرشه يعد معارك التسجيلات الخاسرة ... وهما كانت طبيعة هذه الفرضيات ومدى صحتها إلا أن الصواب الوحيد في الموضوع برمته أن الرجل أخطأ في ميقات هذه المعركة .. فهل فينا من يقوى رجل من المقربين على أن يقول كلمة الحق للرجل .. ؟؟ والحكمة ضالة المؤمن .. -------------------- ملء السنابل تنحني بتواضع ...... والفارغات رؤوسهن شوامخ ---------------------- صلاح محمد عبدالدائم ( شكوكو ) [email protected]