مدخل:- منذ ست سنوات لازمت العقبات والخلافات تحالف قوى الإجماع الوطني الذي يضم عددا من القوى السودانية المعارضة، وبالأمس أعلنت رسميا خمسة من الأحزاب الناشطة إنهاء علاقتها التنظيمية بتحالف قوى الإجماع الوطني بعد أن جمد التحالف عضويتها قبل أيام قليلة، بعد أن أتهمها بالخروج عن خطه من واقع عضويتها في تحالف قوى السودان وتواصلها معه بمشاركتها الراتبة في اجتماعاته الدورية.. كل هذه الصراعات والخلافات التي تنضح بمواعين المعارضة التي ظلت تنادي برفضها لنظام الحكم وترفض كل محاولات التقارب معه تحت مسمي الحوار الوطني، تشير إلى لفشل قوى الإجماع الوطني في المحافظة على الكيان الذي الذي كان يأمل في تحقيق أجندة سياسية غير واضحة المعالم. غياب الرؤى وكان التحالف تشكل في سبتمبر 2009 بجوبا حاملا إسم "تحالف جوبا" بعد مؤتمر شهير استضافته الحركة الشعبية لتحرير السودان شريك الحكم مع المؤتمر الوطني وقتها، حيث انعقد المؤتمر تحت لافتة (مؤتمر القضايا المصيرية) بمشاركة أحزاب المعارضة التي كان علي رأسها حزب الأمة القومي والمؤتمر الشعبي والحزب الشيوعي، رغم أن التحالف ضم أقوي التنظيمات السياسية لكن فشل في الساحة تحقيق التوافق حتى داخل مكوناته وكانت الخلافات بين تلك المكونات هي السمة البارزة لمسيرة التحالف وهذا ما قاده إلى النهايات المحبطة، إلا أن د. سهير أحمد صالح القيادية بحزب المؤتمر الشعبي في حديثها ل(smc) وصفت تحالف قوى الإجماع بأنه أصبح كيان غير واضح الرؤى ومجهول المصير في الوقت ذاته طالبته بضرورة الالتحاق بالحوار الوطني حتى لا تفوته الفرصة الأخيرة لتحقيق أهدافه الذي تكون من أجلها ولم يمضي خطوة في طريق حلها على حد تعبيرها. وتضيف سهير أن الحوار سيخرج بمخرجات قوية متفق عليها من قبل الجميع وليس به أي تضارب في المصالح بل سيؤسس لوثيقة قومية لحكم البلاد لا يختلف حولها خاصة وأن أكثر من 90% من الأحزاب والقوي السياسية والحركات المسلحة ستوقع عليها في العاشر من أكتوبر المقبل الذي يؤسس لمرحلة جديدة يسودها السلام والاستقرار والوفاق الوطني. نهاية طريق وتقول قوي الإجماع أن الأحزاب (أحزاب المؤتمر السوداني، البعث السوداني، حزب تجمع الوسط، الحزب القومي السوداني وحزب التحالف الوطني السوداني) التي انسلخت من التحالف بعد تجميد عضويتها قررت مفارقة طريقه، خاصة وأنها ظلت ومنذ يناير الماضي تشارك في اجتماعات نداء السودان وتتخذ جملة من القرارات بعيدا عن قوي الإجماع في شأن العلاقة مع المعارضة بالخارج، حيث وصل بها الأمر إلي تكتل تنظيمي صريح يقوم على هيكلة وبرنامج. المراقب للساحة السياسية يري إن التحالف اليوم يمضي في طريق الزوال، سِيما بعد أن تجمعت القوى المسلحة وبعض الأحزاب المعارضة تحت تحالف "نداء السودان" وهو التحالف الذي تختلف معه قوى الإجماع بسبب اتخاذه للحوار مع الحكومة طريقا لحل أزمات البلاد، وهذا ما يشير إلى أن الكثير من الممانعين سيلتحقون بركب العاشر من أكتوبر بعد اقتناعهم أن المعارضة الخارجية لا تخدم قضية الوطن. وبحسب البيان الذي أصدرته الأحزاب الخمسة الممهور بإسم محمد فاروق الناطق الرسمي باسمها فأن الأحزاب المنسلخة وأخرى داخل تحالف قوي الإجماع نظرت للعمل من داخل التحالف كأساس لتطوير عمل المعارضة وتوسيع جبهة المقاومة، وقد كان رأيها أن تفعيل عضويهم في نداء السودان والعمل المؤسسي داخل هياكله خطوة أساسية في هذا الاتجاه، وأشار البيان إلي أن الأحزاب الخمسة التي سماها بمجموعة نداء السودان بالداخل اجتمعت وبعد مداولات أتسمت بالشفافية والموضوعية ونائية بالعمل المعارض عن صراعات في غير محلها واحتراما للاختلافات والتباينات، قررت إنهاء علاقتها التنظيمية بالتحالف مع التواصل والتنسيق مع الإجماع الوطني في القضايا موضوع الاتفاق بين الكيانين على قاعدة الاحترام والمتبادل، وانصراف الطرفين للمعركة الأساسية في مواجهة الحكومة. انتفاضة جديدة والشاهد إن أبرز العقبات التي واجهت التحالف ولم يفلح في تجاوزها هي الدعوة لهيكلة التحالف الذي كان ينادي بها حزب الأمة برئاسة الصادق المهدي، حيث تعاملت معها قوي الإجماع بطريقة تكتيكية وليست إستراتيجية، فكان الشيوعيون الذين آلت الأمانة العامة لحليفهم فاروق أبو عيسى يتوجسون من أن تخرج القيادة من أيديهم في وجود الصادق المهدي، ومن جهة أخري تلكأ المؤتمر الشعبي الذي كان هو الآخر رافضا فكرة الهيكلة لأنها يمكن أن تأتي بالمهدي الذي بينه وبين الراحل د. حسنالترابي تنافس وسباق معلوم، وقد قادت هذه المماحكة إلي خروج حزب الأمة، ومع هذا لم يقف التحالف مع نفسه ويقيم خروج حزب كبير مثل الأمة منه. ومضي التحالف في طريقة الذي أرجعه إلى نقطة البداية التي ربما تكون ايضا نقطة النهاية. وقال ميرغني مساعد القيادي بالحزب الإتحادي الأصل أن قوى التحالف بما فيها الأحزاب المنشقة عليها أن تحدد موقفها من القضية الوطنية التي من أجلها تجردت غالبية القوي السياسية والحركات المسلحة من أجنداتها السياسة وقدمت التنازلات بشأن تحقيق السلام والاستقرار بالبلاد التي ظلت تعاني من ويلات الحروب لسنوات طويلة، قائلاً إنه آن الأوان لحسم أمرها. ويعتبر مساعد إن مخرجات الحوار الوطني انتفاضة جديدة تمهد لوفاق وطني واستقرار سياسي غير مسبوق، داعيا الممانعين أن يشاركوا في مؤتمر العاشر من أكتوبر والقبول بمخرجات الحوار واستقلال الفرصة للمشاركة في حل القضايا الوطنية، خاصة وان أعداد المؤيدين لتحالفهم والمعرضين عنه قليل جدا ولا يؤثر علي مسيرة الحوار، مما يفوت عليهم الفرصة الذهبية لتحقيق مطالبهم السياسية بعيدا عن الأجندات الخارجية التي لا تخدم قضية للسودان. ويرى مراقبون أن مصير تحالف قوى الإجماع الوطني حددته الخلافات والصراعات التي صاحبت تأسيسه منذ البداية وحكمت عليه بالزوال خاصة وأن الوقت الراهن جمع القوي السياسة بما فيها الحركات المسلحة للتحالف والوفاق الوطني وإعلاء القيم العليا للوطن على الحزبية الضيقة والتوسع في مسارات الاستقرار والتنمية التي تنظم البلاد، في الوقت الذي يؤسس فيه المتحاورون لصياغة وثيقة وطنية يتراضى عليها الجميع تمهد لدستور دائم يشارك فيه الجميع في العاشر من أكتوبر المقبل.