العلاقات بين السودان والولاياتالمتحدة لم تكن كغيرها من العلاقات حيث ظلت مثاراً للجدل علي المستويين الدولي والإقليمي ، ومرت بحالات من الشد والجذب منذ التسعينات وحتى نهاية حكم الرئيس بوش الأبن ، وصاحب ذلك صراع خفي ومعلن اثر سلباً على اوضاع السودان الداخلية نتيجة الحصار الإقتصادي ودعم حركات التمرد ، وتمحورت حينها العلاقات السودانيه الأمريكية حول كيفية تعامل الحكومة مع مشكلة الجنوب ودارفور، حيث اتخذت الولاياتالمتحدة موقفاً ضبابي ما بين دعم جهود الحكومة وفرض عقوبات عليها في آن واحد ، لتقوم الولاياتالمتحدة بخطوة لم تكن في الحسبان حيث ادرجت اسم السودان ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب في العام 1993م ولم يزل السودان مدرجا في القائمة السوداء حتى الآن ،المركز السوداني للخدمات الصحفية اصدر سلسلة تقارير تتبع فيها تاريخ العلاقات بين السودان والولاياتالمتحدة مع رؤية لمستقبل هذه العلاقات في ظل الأدارة الأمريكية القادمة خلال حقبة ما بعد اوباما. في خطوة تعتبر ايجابية اتبعت الولاياتالمتحدة فكرة ابتعاث المبعوثين الدولييين للسودان بدءاً بالسيناتور( هاري جونسون) في عهد الرئيس بيل كلينتون وشهدت فترة بوش (الابن) ابتعاث ثلاثة مبعوثين وهم السيناتور( جون دانفورث) منذ 2001م ، وقد كان له دور واضح وكبير في اتفاقية نيفاشا وخلفه المبعوث اندرو ناتسيوس) في العام 2006م ، وذلك عقب توقيع اتفاقية نيفاشا مباشرة وجاء تعينة بهدف إنهاء ازمة دارفور لكنة لم ينجح في احداث اختراق وفي عهد الحالي باراك أوباما قام بتعيين الجنرال (اسكود غريشن) مبعوثاً خاصاً للسودان واعقبه تعيين المبعوث (ليمان) وآخرهم مبعوث للسودان تم تعيينه في العام 2013م (دونالد بوث) وهو الوحيد من بين المبعوثين الذي ظل يلوح بإمكانية برفع العقوبات القسرية جزئياً. بدأت الفترة الرئاسية للرئيس باراك اوباما عند وصولة الى البيت الأبيض بنبرة تصالحية تجاه السودان وقد حاول تغير الأساليب السابقة في سياسية الولاياتالمتحدة تجاه السودان بإيجاد نوع من الدبلوماسية مع الإبقاء على رؤية ماسبقة من الرؤساء خلال الإدرات السابقة. ووجد وباما العقوبات الإقتصادية المفروضة على السودان على طاولة البيت الأبيض بعد مغادرة الرئيس جورج بوش الابن، وماكان له الأ ان قا بتجديدها، مسببًا ذلك استمرار الأزمة في دارفور لكن الأمر الذي يعتبر خطير في ولاية اوباما أنه استخدم عبارات خطرة في في تبرير التمديد ، حملت نذرًا مقلقة لأنها وصفت تصرفات الحكومة السودانية في دارفور بأنها معادية لمصالح الولاياتالمتحدة وتشكل تهديدًا استثنائيًا وغير عادي للمصالح القومية الأمريكية وللسياسة الخارجية الأمريكية ،كما أنه ظل يصف تصرفات السودان بأنها لا زالت تشكل خطرا على الأمن القومي والسياسة الخارجية لبلاده وذلك خلال الايام الماضية في اخر تمديد له قبل أن يحزم امتعته مغادرة البيت الأبيض حيث قال في رسالته الروتينية للكونغرس عند تجديد العقوبات إن سياسات وتصرفات الحكومة السودانية التي أدت للعقوبات لم يتم تسويتها وتشكل خطراً خطيراً وغير عادي على الأمن القومي وللسياسة الخارجية للولايات المتحدةالأمريكية. لكن رغم ذلك نجد أن اوباما درج على وضع الشروط للسودان مقابل تطبيع العلاقات بدءاً بمحاربة الإرهاب واحلال الأمن والإستقرار في مناطق النزاع ، و لكن ما يلبث السودان أن يبذل جهودة في مجال مكافحة الإرهاب على المستوي المحلي والدولي والإقليمي حتي تنكث إدارة اوباما عن وعودها وتقوم بتجديد العقوبات في كل عام ، وعلى الرغم من ان ادارة اوباما انتهجت نهج الأسلوب المباشر والحوار مع الحكومة بخلاف الإدارات الأمريكية السابقة ، إلا أنه التزم بالمبدأ الثابت للإدارة الأمريكية وهو مبدأ المصلحة الاحادية . ويوضح مدير مركز العلاقات الدولية دكتور عادل حسن محمد أن الحديث عن الولاياتالمتحدةالأمريكية يعني التحدث عن مجموعة صانعي القرار في الإدارة الأمريكية تجاه السودان منهم من في الكونغرس ووزارة الخارجية واللوبيات الأخرى ، وهذه المؤسسات تقوم بوضع السياسة والتي بدورها في أحيان كثيرة يمنع السودان في القيام بدورها الخارجي لقيام علاقة طبيعية مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، وأن السياسة الأمريكية يتحكم فيها بعض اللوبيات ومجموعات المصالح والناشطين التي تضر بالسودان لمصالح شخصية. لاشك أن الطريق إلى تطبيع كامل في العلاقات بين السودان والولاياتالمتحدة امراً ليس بالسهل خاصة اذا نظرنا الي القرارات الصادرة عن الأممالمتحدة التي من بينها قرار مجلس الأمن رقم 1591 بجانب العقوبات الصادرة عن الكونغرس الأمريكي والتي سميت بقانون السودان للسلام والأمن والمحاسبة لعام 2012م والتي تتصل بقضية المحكمة الجنائية الدولية وملاحقة المسؤولين السودانيين. يبدو ان اوباما سيغادر البيت الأبيض دون ان يحقق أي إنجاز على صعيد في إحلال السلام في السودان، الذي شهدت فترتة انفصال جنوب السودان الأمر الذي يمثل فشلاً ذريعاً للإستراتيجية التي أعلنها في العام2008م بإسم(سياسة الولاياتالمتحدة لإنهاء النزاع في السودان) بخلاف الأدارات السابقة التي تعاملت مع السودان دون أن تكشف عن إستراتيجية معينة حملت ، وكان مضمون تلك الإستراتيجية هو إنهاء النزاعات في السودان كافة بما في ذلك حرب دارفور، وضمان أن تؤدي اتفاقية السلام الشامل في نهاية الأمر إما إلى ميلاد سودان متحدٍ في سلام واستقرار مع نفسه ومحيطه، أو إلى تقسيم البلاد بشكل منتظم إلى دولتين منفصلتين قابلتين للعيش في سلام داخلهما ومع بعضهما.