الصراعات القبلية في دارفور تعد من المهددات الأساسية لفرص السلام والاستقرار والتي تعتبر بمثابة الشرارة التي تنطلق منها الحروب والتي لاتبحث هذه الشرارة عن وميض نار لتنطلق فى بلاد بها تتربص الدوائر. النزاع الدائر بين الرزيقات والمسيرية يعد من اخطر النزاعات الموجودة فى الوقت الراهن وذلك بحكم ان النزاع يأخذ طابع قبلى بين قبيلتين تتقاسمان الحدود فى ولايتين مختلفين الا وهى جنوب دارفور وشمال كردفان وبما ان النزاع فى دارفور بدا يأخذ طابع العد التنازلى إلا أن بعض الدوائر تبحث فى إمكانية نقله من دارفور الى كردفان لتكون شرارة جديدة تشتعل فى اخطر منطقة يعول عليها الجميع من أبناء الشعب وهذه المحاولات عبر النزاعات القبلية تضع ثمة تساؤلات تبحث لها عن إجابة . لماذا نقل الحرب الى كردفان بعد ان فشل الجميع فى دارفور؟ وماهى الدوافع من ذلك وماهى الجهة التى تقف وراء هذه النزاعات وكيف تحصل قبائل مثل الرزيقات والمسيرية على اسلحة تقود بها الحرب.؟ ومن اين تاتى القبائل بأسلحة ثقيلة ؟ (الشيطان خنس فى دارفور) عبارة استخدمها الاستاذ على عثمان محمد طه فى مخاطبته ختام فعاليات مؤتمر صلح الرزيقات والمسيرية الذى انهى أعماله بالخرطوم الأسبوع الماضي ومن خلال ما حققه مؤتمر الصلح بين القبيلتين اللتين تعتبران من اكبر قبائل دارفور وكردفان ويعد النزاع من اكبر النزعات القبلية الموجودة فى البلاد بحكم حجم القبيلتين وقيمة المنطقة التى هى محل النزاع ,يبدوا بالفعل ان ماقاله طه فى عبارة الشيطان خنس اى بمعنى ان الشيطان خرج من دارفور بلاء عودة. عبارة اجتهدت الحكومة كثيرا فى تحقيقها اى طرد الشيطان . وعندما سألنا زعيم قبيلة الرزيقات عن أسباب نجاح المؤتمر وأسباب خنوس الشيطان بعد فشل العشرات من المصالحات القبلية قال ان الشيطان خرج ببركات الأستاذ على عثمان محمد طه وذلك بفضل الجهود الكبيرة التى بذلها من اجل عودة المنطقة للامن والاستقرار. ويرى العديد من المراقبون ان ما حققه مؤتمر صلح الرزيقات والمسيرية يعتبر نجاح كبير للحكومة التى أرادت ان تقطع الطريق عن من يسعى الى تحويل الحرب من دارفور وكردفان وبما ان ازمة درافور من باب النزاعات بين الرعاة والمزارعين على حول المياه والراعي اذا ليس من المستحيل ان تدخل الحرب الى كردفان من نفس الباب ويتوقع المراقبون ان يكون مؤتمر الصلح الذى جمع ابناء رزيق ومسيرى الذين ينتمون الى (عطية) بمثابة اخر الصراعات بين القبيلتين وذلك من خلال التوصيات التى خرج بها المؤتمر والترحيب الكبير الذى وجده من زعماء وابناء القبيلتين ومباركته من قبل رئيس الجمهورية ونائبه على عثمان محمد. الى جانب الثقة الكبيرة التى وضعها الطرفان فى ثلاثين رجلا ممثلى الاجاويد والذين اتسموا بالحياد وقال العمدة عمر خالد ل (smc) ان ابناء دارفور قادرون على حلحلة مشاكلهم ولكن شياطين الانس والجن تحول بينهم وبين السلام والاستقرار فداعيا ان تعم حالة الصلح كل ابناء وقبائل دارفور من الهبانية والتعايشة والزغاوة والفور .الخ. ولكن ما خرج به المؤتمر من جدولة زمنية لدفع الديات ونشر قوة من الشرطة والأمن على الحدود بين القبيلتين هى الخطوة الأساسية الداعمة لتحقيق السلام وضمان عودة الناس الى المربع الأول. ويقول دكتور عبدالقادر الجيلانى فى حديث سابق له ان الحكومة تعمل على مبدأ اطفاء النار كلما أوقدها المتربصون ويعنى الجيلانى بذلك ان البلاد مسحورة او مسكونة بالشيطان الذى اخنسه على عثمان فى عبارته واكد الجيلانى فى اكثر من مناسبة ان دارفور ليست ازمة ولاتعد مشكلة ولكن ما قام به الطامعون فى ارضها وخيراتها وثرواتها من شانه ان يقيم الحرب العالمية الثالثة لو لا حكمة الدولة فى التعامل مع ملف دارفور الشائك المتعقد واعترف الن ماكدونالد مسؤل فى منظمة اوكسفام البريطانية فى حديث له من قبل ، بأن ما تملكه دارفور من معادن وموقع استراتيجي يجعلها ان تقوم منها الحرب العالمية الثالثة وقال ماكدونالد ان العالم الآن تتجاذبه تيارات تقودها شركات متعددة الجنسيات يسعى كل منها للحصول على اكبر قدر من الثروات وأشار ماكدونالد الى ان الدول الكبرى تقودها الآن هذه الشركات وان منطقة دارفور من سوء حظها وقعت نقطة تقاطع لأكبر الدول والشركات التى تتهافت على هذه المنطقة ولفت الى ان ليس دارفور فقط وإنما دارفور مدخل الى مناطق أخرى فى إفريقيا . ولكن ماكدونالد اكد ان النزاعات القبلية هى من أسهل الطرق التى يستخدمها هؤلاء لإشعال الحروب ومن ثم الترويج للسلاح ( وقودا للحرب) وعندما حملت الانباء انتهاء الصراع بين الرزيقات والمسيرية حملت الاخبار من جهة اخرى وفى نفس اليوم حدوث قتال بين البرقد والزغاوة فى شمال دارفور الأمر الذى يؤكد حديث الجيلانى عندما قال ان فى دارفور دوائر تتربص بأهلها . بروفسور ادم الزين خبير فض النزاعات محاضر بجامعة الخرطوم يقول ان النزاعات القبلية فى دارفور تحتاج الى آليات جديدة لإدارة الأزمات تتكون من الحكومة وزعماء القبائل وتخصص لهذه الآليات ميزانية لمتابعة اجراءات الصلح وذلك حتى لاتعود النزاعات من جديد ويرى الزين فى حديثه ل (smc) الوضع يحتاج الى جهاز إنذار مبكر الى جانب لجان مراقبة أمنية وعسكرية حتى تكون الدولة على علم بصغائر الأمور قبل انفجارها وعزا فشل العديد من المصالحات لعدم توفر آليات التنفيذ والمتابعة قبل فترة كافية . ومهما يكن من أمر ستكون النزاعات القبلية فى دارفور وقودا للحرب إذا لم تحكم الدولة سيطرتها علي عملية المصالحات التي هى بمثابة (خنس للشيطان)