البعض قلل منها والبعض الآخر يرى غير ذلك، وأول ما يتبادر إلى الذهن أهي عقوبات اقتصادية أم سياسية، وماهو تأثيرها على شركات النفط والاستثمار ، وأوجه الحياة الاقتصادية في السودان، وهل هناك تداعيات للعقوبات الأمريكية ، وماهو السبيل ، وما هي البدائل للخروج من الأزمة؟، بهذه الأسئلة المفتاحية استهل علي الياس بابكر ، نائب مدير المركز العالمي للدراسات الأفريقية ، الندوة التي نظمها المركز مساء أمس الأول بعنوان »العقوبات الأمريكية على السودان .. الآثار والمعالجات«، وتحدث فيها لفيف من العلماء والمختصين، تقدم »الصحافة« فيما يلي جزءاً أول من حديثهم. خطوة أولى البروفيسور الخبير الاقتصادي محمد هاشم عوض ، قال إن العقوبات لا تخص السودان وحده وإنما هي خطوة أولى لإخضاع المنطقة بأثرها، مؤكداً أنه استعمار جديد تقوده أمريكا التي هي نفسها مستعمرة إسرائيلية، مستشهداً بحادثة مقتل أول رئيس كاثوليكي لأمريكا على يد يهودي ، مؤشراً إلى أن الرابطة القوية بين اليهود والبروتستانت وضعت حداً لحياة جون كنيدي الذي اتجه لتحسين علاقات أمريكا مع العرب، مبدياً عدم استغرابه من العقوبات التي تلوح ، وكأن مصدرها أمريكا، ولكنها في الحقيقة غير ذلك ،مؤكداً أن أمريكا لا تتدخل حرصاً على أهل دارفور ولا حرصاً على استقرار العالم فهي تصور دارفور كمجزرة ارتكبتها الحكومة السودانية بينما تدعم مجازر إسرائيل ضد العرب ، مشدداً في ذات الوقت على ضرورة التعامل مع قضية دارفور بالصراحة والوضوح »فالأولى بنا معالجة المشكلات ولا أفضل من الحوار الذي قاد إلى حل مشاكل الجنوب والشرق وحتى الغرب« ، ويمضي البروف هاشم إلى أن العقوبات محاولة لإضعاف السودان كي لا يستغل موارده الضخمة »فموارد السودان تجعله دولة كبرى منافسة لأمريكا« ، داعياً إلى حكومة قومية من كل الأحزاب تنشئ محكمة محلية لمحاكمة المتهمين بالتورط في جرائم في دارفور ، وتدعو لها شهوداً من كل الدول، مبدياً سعادته بلجنة سوار الدهب التي تبنت الدعوة إلى حكومة قومية ، داعياً الجميع للتوافق على هذا الحل. تعويض السلع المفقودة البروفيسورابوالقاسم ابوالنور،أشار إلى عدم وجود أدبيات كثيرة في مسائل المقاطعة باستثناء ما حدث لألمانيا في الحرب العالمية الثانية ، وإيران في عام 1952م بعد تأميم البترول ، والعراق في السنوات الأخيرة من (90- 2003م) ، مبيناً أن ما يحدث الآن تهديد أكثر من كونه حظر »والتهديد أخطر من الحظر« ، ذاكراً أن التجارة مع أمريكا لاتتجاوز ال 10% ، وفي السنوات الخمس الأخيرة لم تتجاوز ال 3% ، مشيراً إلى أن أثر المقاطعة يعتمد على مصادر مدخلات الإنتاج »التقنية، المواد الخام، الخبرات الفنية والتقنية« ، وعلى اتجاه منتجات الشركات المحظورة ما إذا كانت تسوق في السوق المحلي أو الخارجي، إضافة إلى مدى مشاركة رأس المال الأجنبي، طارحاً أسئلة حول الشركات المنتقاة : إن كانت تعمل في أسواق احتكارية أو تنافسية ، وهل تنتج سلعاً ضرورية أم كمالية ، وما هي الإجراءات الوقائية المتبعة في هذه الشركات لمواجهة مثل هذه المخاطر، وهل هي شركات مساهمة عامة أم خاصة أو قطاع عام، مؤكداً أن الآثار الجزئية للمقاطعة تعتمد على الإجابة على هذه الأسئلة ، حتى يتم استقراء الأثر الكلي لمثل هذا الحظر، ليطرح بعدها البروف ابوالنور مزيداً من الأسئلة حول ما هو تحديد المقصود بالحظر، هل هو حظر للشركات الأمريكية التي تعمل داخل أمريكا من التعامل مع شركاتنا ، أم حظر للشركات متعددة الجنسيات ودولتها الأم أمريكا، وهل هو حظر للشركات التي يمتلك فيها الأمريكيون أسهما أم غير ذلك، خاتماً بسؤال حول هل للدول المجاورة دور في الحظر أم لا. محذراً من مغبة عدم الانتباه للإحساس العام الذي دائماً ما يكون سلبياً في هذه الأحوال، مطالباً بتوفير المعلومات للمواطنين، والبحث عن سبل لتعويض السلع المفقودة حتى لا يتأثر التجار ويخرجون إشاعات تعود بالسوق الأسود من جديد. غير قاتل البروفيسور حسن الساعوري ، تحدث عن البيئة التي صدر فيها القرار داخلياً وإقليميا ودولياً، فداخلياً ساد هدوء نسبي وحركة دائبة للحصول على حل وفاقي في قضية دارفور، وبوادر تعاون بين شريكي الحكم، ومبادرة سلفا كير لجمع الحركات المسلحة في جوبا ، وتنازل الحركات عن إسقاط النظام إلى الحديث عن التفاوض، إضافة إلى بوادر انفراج في مسألة النظام السياسي، وإقليميا كان هناك شبه اتفاق بين الحكومة والاتحاد الإفريقي على حزم الدعم الأولى والثانية، وتطور مشهود في العلاقات السودانية المصرية والسعودية ، وانعقاد قمة (س.ص) ، ودولياً أوشكت الأممالمتحدة على الاتفاق مع الاتحاد الإفريقي على حزمة الدعم الثالثة ، وتكرر إعلان بان كي مون رفضه للتصعيد الذي لا يخدم الحل ، وصدرت تصريحات من داخل أمريكا تعلن عدم وجود إبادة جماعية في دارفور، وأعلنت الصين صراحة لأول مرة رغبتها في مساعدة السودان لحل الأزمة ، وعينت مبعوثاً خاصاً لها في القضية، وبعد توصيفه لأجواء صدور القرار، يقول الساعوري إن القرار صدر في ظروف غير مواتية، خصوصاً وان السودانيين أوشكوا على الإقرار أن العلاقات مع أمريكا في طريقها إلى التطبيع الكامل، متسائلاً »لماذا صدر القرار؟« ، طارحاً إجابتين، الأولى انه للاستهلاك الداخلي ، والثانية انه تهديد لحكومة السودان، وفي الأولى يقول إن دارفور أصبحت قضية تهم الرأي العام الأمريكي بعد الطرق المتواصل على الموضوع من بعض المنظمات ، وبالتحديد منظمة »أنقذوا دارفور« المنظمة اليهودية التي لا يزيد عمرها عن ثلاث سنوات ويفوق رصيدها ال 15 مليون دولار ، ويستند الساعوري على تصريح د.مصطفى عثمان إسماعيل مستشار الرئيس في أن رغبة أمريكا هي التطبيع مع إسرائيل ، مؤكداً أن المنظمات اليهودية تسعى لهذا الهدف ، ولا يهمها إنسان دارفور ، مشيراً إلى أن المنظمات نشطة أيضا بسبب اقتراب موعد الانتخابات ، وتسعى لدعم اقرب المرشحين لتحقيق أهداف إسرائيل. ويمضي الساعوري إلى التأكيد إن القرار تهديد للحكومة السودانية لقبول الحزمة الثالثة من الدعم الثقيل ، منبهاً إلى أن أمريكا استبقت اجتماعات الدول الثماني الكبار ، وتنازلت في قضية البيئة مما يشي إن القرار قد يمرر ليصدر من مجلس الأمن، مستدركاً »ولكن أمريكا حاصرتنا منذ العام 1991م ولم تؤثر« ، مبدياً خشيته من تأثر مشاريع التنمية الكبرى كسد مروي ، منادياً بتوحد الصف الداخلي لمواجهة القرار الذي قد يصبح دولياً ، ويصدر عن مجلس الأمن والدول الثماني، مؤكداً أنه »لن يصيبنا في مقتل ولكنه سيعيقنا«. نقلا عن صحيفة الصحافة