مقاطعات.. متقاطعة بحملتها لمقاطعة اللحوم اختطفت جمعية حماية المستهلك زمام المبادرة من جهات كثيرة كان يمكن ان يكون لها قصب السبق فى قضية ارتفاع الاسعار التى تبدو الأجهزة الرسمية حتى الآن حائرة فى كيفية التعامل معها، بينما تقف ولاية الخرطوم عاجزة عن تقديم اية حلول مرضية للمواطن فى مواجهة الغلاء الطاحن الذى يرزح تحته مواطنو الولاية، ونجاح حملة المقاطعة اغرى الجمعية ومن خلفها المواطنون باضافة سلع اخرى إلى قائمة المقاطعة التى قد تطول لتشمل سلعا اخرى، فى بادرة مشجعة تجعل المواطن يشعر بأنه عاد لامتلاك زمام المبادرة فى مواجهة طمع التجار ومغالاة الوسطاء الذين حولوا الاسواق الى جحيم متقد، ويبقى البحث عن الدور الذى لعبه نواب الشعب المنتخبون فى البرلمان لصالح معالجة قضايا المواطنين الملحة سؤالا ملحا يجعل من حق الناخبين ان يوجهوه لنواب دوائرهم الذين تذكروا السؤال عن مستحقاتهم على الحكومة دون المرور بمستحقات الناخبين عليهم، ترى ألا تستحق موجة الغلاء انعقاد المجلس الوطنى الاتحادى والولائى لمناقشة تداعياته واقتراح الحلول البديلة، ام أن للبرلمانات اولويات اخرى نحن لا نعلمها؟! توقيعات سياسية ليس الصادق عمارة فى السابعة صباحا عندما يخرج طلاب جامعة الجزيرة من داخلياتهم «بالنشيشيبة»، كان من المعتاد عندهم رؤية البروف عمارة قادماً من داخل المزارع التجريبية لكلية الزراعة ملطخا بالطين والطمى، ولم يكن الطلاب وقتها يتهاونون فى الحصول على احتياجاتهم من الطماطم والخضروات الاخرى من داخل تلك المزارع، واحيانا بيع جزء منها للحصول على بعض النقود ان انتهى المصروف!! وكل من عرف الرجل حتى من قبل أن يستوزر يعرف أنه عاشق حد الوله للزراعة، وعلى يديه تم استنباط أشهر أنواع الصادرات البستانية من مختلف المحاصيل الزراعية «الشمام القاليا، الموز، المانجو، البصل وغيرها»، وذلك لأن الدكتور عمارة أحد أعظم مربي النبات فى السودان، ويأتى ليتتلمذ على يديه الطلاب من مختلف البلدان، ومن قبل أن يعمل فى الوزارة ظل يحلم بسودان أخضر، ويجتهد بكل ما أوتي من علم وطاقة فى زراعة أية مساحات يستطيعها للانتاج الزراعى، واحزننى جدا ان تتبارى صحف امس الاول فى ابراز خبر صدور حكم قضائى فى حق البروف عمارة، على خلفية خلاف حول اراضى زراعية مع المزارعين فى منطقة حلفا، أساسها أن الرجل قد تعدى على زراعتها وهو ليس من ابناء المنطقة! لأنى وكثيرين عرفوا الرجل عن قرب، نعرف أن السجن ليس مكاناً لعالم فى قامة البروف عمارة أفنى عمره فى خدمة السودان أكاديمياً متميزاً باذلاً كل ما يستطيع من جهد من أجل النهوض بالإنتاج الزراعى فى البلد. بريء يا بيه! بعض الصحف المصرية لم تترك عادتها فى انتهاز الفرص للتعريض بالسودان حكومة وشعبا، كلما سنحت لها الفرصة بذلك بداعٍ او بدونه، وآخر الحكي الذى خرجت به الاجهزة الاعلامية المصرية يقول إن السودان قد تآمر على الثورة المصرية، فى حديث لا يقبله عاقل يعلم أن النظام المصرى المخلوع ظل يتآمر على السودان لعقود، ولا يعقل معها أن يساند السودان حكومةً وشعباً موقفاً سوى «إسقاط نظام مبارك» الذى ذهب غير مأسوفٍ عليه من أحد فى المنطقة العربية، الا الدموع التى ذرفها عليه الكيان العبرى الغاصب حليفه الوحيد!! خلوها مستورة.. والله لولا الملامة لخرج الكثيرون فى السودان في تظاهرة فرحاً بسقوط نظام مبارك وزبانيته. الدولة الفلسطينية ان كان الجدل الكثيف وإعادة تسليط ضوء الإعلام العالمى هو ما خرجت به السلطة الفلسطينية من خلال حملتها الاخيرة للتقدم بعضوية المنظمة الاممية كدولة معترف بها وكفى به مكسبا، فقد نجحت حكومة عباس فى وضع امريكا وصويحباتها امام محكمة الضمير العالمى على ضوء عدسات الكاميرات، وهى تنقل سعى الولاياتالمتحدةالامريكية وحليفاتها لاثناء الفلسطينيين عن التوجه للامم المتحدة والمطالبة باعلان دولتهم المستقلة، والا فإن الفيتو الامريكى فى انتظارهم بمجلس الامن فى محاباة غير مستغربة منها لدولة الكيان الصهيونى الغاصب. وقد عادت القضية الفلسطينية بهذه الخطوة الاخيرة مجددا الى واجهة الاحداث العالمية، بعد ان تراجعت لسنوات ضمن اخبار المفاوضات المتطاولة بلا طائل اوعائد. كل سنة مرة فى كل عام ما ان تبدأ اجراءات العمرة والحج حتى تعاود الاسطوانة الدائمة معزوفة شكاوى ضيوف الرحمن من مافيا الحج والعمرة بشبكتها الممتدة من السودان وحتى الاراضى المقدسة، ففى العام الماضى على إثر احتجاجات الحجاج تمت إثارة القضية على مستوى واسع انتهى بالمطالبة بإقالة مدير هيئة الحج والعمرة، وخرج البرلمان بعدد من المطالبات لا نعلم الى اين انتهت.. حيث مازالت نفس الوجوه هنا وهناك وذات الجهات هنا وهناك هى من يسيطر على المتاجرة فى شغف السودانيين بالعمرة والحج الذى لا ينتهى، ويبقى السؤال مع هذا الموسم الجديد: هل مازال الوضع على ما كان عليه، ام أن فى الأمر جديداً؟ لن يطول الوقت قبل أن يجيب الحجاج العائدون بعد شهر وعدة أيام. الجنوب الأمريكى احدى الصحف البريطانية نشرت امس الاول مسحا هو الاول من نوعه عن حزام الفقر فى الولاياتالمتحدةالامريكية، نشرت فيه ان ما يزيد على الاربعين فى المائة من سكان امريكا يعيشون ضمن خط الفقر، ويتوزع معظمهم فى الولاياتالجنوبية لامريكا. الدراسة الاولى من نوعها كشفت عن وجه آخر لامريكا، قيادة العالم التى لا تكف عن البحث عن ذرائع مختلفة للتدخل فى كل مناطق العالم، ولا ترى بأساً فى دعم اى جنوب يتمرد على شماله !!. ترى هل ينقلب سحر أمريكا عليها فنرى جنوبها ثائرا عليها، وتتسابق الدول الأخرى على دعمهم ضد ها!! استيراد الفراخ والطماطم الحقيقة التى لم يقلها السيد والى الخرطوم هى متى توقفنا عن استيراد الفراخ او الطماطم التى نستوردها من اثيوبيا، فى مفارقة خير من التعليق عليها ان نصمت عنها، والى الخرطوم أعلن أمس الاول حزمة من الترتيبات لإنهاء ومحاصرة الغلاء بخطة لا جديد فيها بعد أن اقرَّ بوجود ازمة اسعار «أخيراً» وطالب المواطنين بمد حبال الصبر!! لكن الوالى لم يتطرق إلى وجود شركات ومؤسسات تدخل بعملها ضمن الاستثمار فى قوت المواطنين كعامل رئيسى إلى جانب التجار والسماسرة فى زيادة حمى الغلاء، ولم يكشف عن اية اجراءات فى مواجهة ما تقوم به، ولم يحدثنا السيد الوالى عن اية اجراءات تشجع الانتاج الزراعى والحيوانى فى الولاية لصالح اكتفائها من الخضروات الاساسية باسعار مقبولة ومعقولة، وما الذى منع السكر الذى تنتجه شركات سودانية من ان يكون فى متناول الجميع باسعار غير التى يعرض بها الآن؟ ولم يكشف عن ترتيبات لمنع ارتفاع أسعار اللحوم مرة اخرى «غير المستوردة». ما لم يدركه الوالى واعضاء حكومته الموقرة، هو ان المواطن قد وجد طريقا ثالثا للتعامل بطريقته الخاصة مع ارتفاع الأسعار فى الحملة التى ابتدرتها جمعية حماية المستهلك مع اللحوم الحمراء، وستتواصل الحملة مع سلع اخرى لترغم انف الاسعار على الهبوط بالرغم عن أساطين الاسواق وسماسرة الغذاء، وان كان للولاية من تعاونيات تتجه لاقامتها فعليها الاسراع بذلك، فهى تبدو الحل الأكثر موضوعية للتعامل مع كثير من السلع . قطر ومصر فى حملة مدروسة تنشط الآلة المصرية الضخمة منذ أسبوع ضد الحكومة القطرية وتحركاتها لقيادة دفة السياسة العربية، قناة النيل الاخبارية المصرية اذاعت امس الاول تقريرا مطولا انتقد اوضاع حقوق الانسان فى القطر وواقع العمالة الاجنبية فيها، مثلما انتقد نظام الحكم الاميرى. وكشف التقرير كذلك عن تقدم كبير أحرزته قطر فى احتواء عدد كبير من المواقف والقضايا العربية، من بينها قضية دارفور ودعم بعض الثورات العربية خاصة فى ليبيا، وهو ما لا يعجب مصر الرسمية والشعبية التى ترى فى قطر منافساً خطراً على موقعها فى قيادة الأمة العربية. وكان عدد من قيادات الأحزاب السياسية المصرية قد انتقد مسعى قطر لترشيح منافس قطرى لمنصب أمين عام جامعة الدول العربية «لم يتردد بعضهم فى المساءلة عن تاريخ قطر السياسى الذى يؤهلها لهذا المقعد». ومن المتوقع أن ترتفع حدة المواجهات الإعلامية بين البلدين، حيث تشحذ كل منهما آلتها الاعلامية شديدة الفاعلية لمعركة قادمة لاحت نذرها فى الأفق القريب. نتنياهو عطا الله ها هو التلفزيون الاسرائيلى نفسه يؤكد سودانية نتنياهو، لكنه يردف فى ثنايا الخبر بأن الرئيس الاسرائيلى ظل يخفى أصوله السودانية بعد وصوله الى دولة الكيان الغاصب، وكأن السودان يحتفى او يتشرف بمعتدٍ مثله أن ينتسب اليه .!!ترى ما الفرق فى ان يكون نتنياهو سودانيا او سواه؟! الجدير بالذكر أن عدداً من الإصدارات السودانية منذ بداية التسعينيات ظلت تؤكد وتنشر معلومات مختلفة وتفصيلية عن أصل نتنياهو السودانى وجذور اسرته التى اختلف حول انتمائها لاكثر من مكان بالولاية الشمالية، وهناك أكثر من مرجع يؤرخ للعديد من الأسر اليهودية التى عاشت فى السودان وهاجرت منه مطلع ستينيات القرن الماضى، بينما بقيت بعض الأسر «ثلاث» التي أعلنت إسلامها في بعض المناطق من بينها الأبيض وأم درمان. يا هو الفضل! رحم الله زمانا كان فيه السودان مصدرا اساسيا للمعلمين والمدرسين، واهم الخبرات فى مختلف المجالات الهندسية والطبية والصناعية الى دول الخليج كافة فى بواكير نهضتها البترولية، قبل ان تدخل مصاف الدول المتقدمة وتصبح ثرواتها تريليونات. ورحم الله زمناً أصبحت فيه بعض تلك الدول لا تستنكف طلب عمالة من سودانيات للعمل خادمات منازل !! فى الوقت الذى يستقدم فيه السودان عمالة من دول كثيرة أخرى يمثل لها ارض الاحلام ان تصل لتعمل فى خدمة منازل اهله. الحمد لله أن الجهات الرسمية سارعت الى رفض الفكرة جملةً وتفصيلاً، ونفت نفيا قاطعا أن يسمح السودان بذلك. لكن دعونا نترحم على بلادنا التى لم تستطع حكوماتها المختلفة أن تنهض بها من حافة الكفاف الى مصاف الدول المتعافية، فهي دولة أغناها الله بجميع انواع الموارد المتنوعة وثروة موارد بشرية هائلة، لكن جميع الحكومات فشلت فى أن تجعل من هذا الواقع شيئاً مشرقاً يُضرب به المثل حضارةً وتنميةً، ولازلنا عند ذات النقطة أو اقرب الى درب البداية.