رفض كبير أطلقته القيادات السياسية والتنفيذية والأهلية للوثيقة التي خرج بها المؤتمر الاستثنائي لمتمردى «الحركة الشعبية قطاع الشمال»، بقيادة عبد العزيز الحلو، الذي عقد في منطقة هيبان بجنوب كردفان ، والخاصة بحق تقرير مصير منطقة جبال النوبة. وتساؤلات عديدة، لماذا ينادي قطاع الشمال بتقرير المصير لجبال النوبة وأمامه تجربة سابقة أثبتت فشلها وأدخلت دولة جنوب السودان التي انفصلت في متاهات الحروب والجوع والنزاعات القبلية ونزوح ولجوء مواطنيه ومقتل الآلاف منهم بسبب التسابق على السلطة. ويبدو أن قطاع الشمال بعد أن فشل في تحقيق أجندته وطي خلافاته الداخلية أتجه إلى مسار آخر يحاول من خلال كسب المزيد من الوقت والدفع بأوراق يعرف أنها مستحيلة التنفيذ ومرفوضة من المجتمع الدولي قبل أصحاب المصلحة الحقيقية بالمنطقة. إعادة تجربة إزدادت وتيرة المطالبات بتقرير المصير لجبال النوبة عقب الخلافات الأخيرة لقطاع الشمال والتي تم فيها عزل كل من مالك عقار من رئاسة الحركة وياسر عرمان من أمانتها وذلك في إجتماعات خاصة بما يسمى مجلس تحرير جبال النوبة. وأكدت قيادات بارزة بمنطقة جبال النوبة حينها رفضها القاطع لمطالبات ما يسمى بمجلس التحرير التابع لقطاع الشمال حول حق تقرير المصير ، وقطعت بأنه لا مساومة في قضاياهم وشؤونهم الداخلية، وقالت أن أبناء جبال النوبة لا يريدون إعادة تجربة انفصال الجنوب. فيما أكدت الحكومة عقب صدور بيان المؤتمر الإستثنائي للحركة، مواقفها الثابتة تجاه التفاوض حول المنطقتين، و قالت أن مرجعيتها للتفاوض هي اتفاقية نيفاشا التي لم تقرر حق تقرير المصير لمنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان. وقال دكتور أحمد بلال عثمان الناطق الرسمي بإسم الحكومة إن الرؤية حول التفاوض أصبحت واضحة، وشدد على أن الحكومة لم ولن تقبل بأي شروط مسبقة أو مزايدات حول التفاوض، وزاد "نحن جاهزون للتفاوض ولن نقبل برفع أي سقوفات حول المنطقتين". وفي السياق إنتقد رئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي تضمين الحركة الشعبية بقيادة الحلو لمطلب تقرير المصير خلال مؤتمرها الإستثنائي لجبال النوبة ووصف الأمر بالمؤسف. ومن جانبه قال عبد الرحمن أبو مدين عضو وفد التفاوض إن مرجعية التفاوض حول المنطقتين هي نيفاشا وهي لم تقرر حق تقرير المصير سوي لجنوب السودان. شعارات وأجندة ويقول عضو وفد التفاوض د. حسين كرشوم إن تقرير المصير شعار ظل يتمسك به الحلو منذ طرحه لأول مرة في مفوضات كرن 2003 وتم استبعاده من قبل الوسيط الكيني سمبويا من اجندة التفاوض، بإعتبار ان تقرير المصير تم حسمه في مشاكوس من العام 1993 كمطلب خاص بالجنوبيين ولم تتم الإشارة فيه للمنطقتين. وأشار كرشوم إلى أن تقرير المصير شعار ظل يرفعه الحلو للكسب السياسي دون ان يضمن في اجندة التفاوض الأخيرة منذ العام 2013 . وفي وقت سابق قال الفريق دانيال كودي انجلو رئيس حزب الحركة الشعبية جناح السلام إن الحلو لا يمثل قضايا جبال النوبة ولم يتم تفويضه للحديث باسمهم، مشيراً إلى التجربة السابقة والخاصة بانفصال جنوب السودان جاءت بنتائج سالبة ولم تحقق أي مكاسب لمواطني الجنوب. فيما حمّل اسماعيل زكريا القيادي البارز بمنطقة جبال النوبة الحلو مسؤولية تدهور الأوضاع بولاية جنوب كردفان ومقتل المواطنين وتشريدهم، وأشار إلى أن مساعي المتمردين حول قضايا المنطقة الغرض منها إطالة أمد الحرب وإعلاء سقوفات التفاوض لقطاع الشمال، ولفت إلى ضرورة الوصول إلى اتفاق عادل يفضي إلى معالجة كل القضايا المسببة للاحتراب، وأكد رفضهم لهذه المطالبات التي تضر بإنسان المنطقة. عرقلة تفاوض ويرى مراقبون إن خلافات الحركة الشعبية قطاع الشمال أصبحت عقبة أمام إنعقاد جولة التفاوض المقبلة وأن الرؤية حول مستقبل جولة التفاوض المقبلة مع قطاع الشمال غير واضحة، وقالوا إن قيادات الحركة تريد الزج بتقرير المصير لجبال النوبة بهدف عرقلة عملية التفاوض التي قطعت شوطاً كبيراً . ومابين خلافات قطاع الشمال ومطالباته الأخيرة بحق تقرير المصير لجبال النوبة، يصبح المتضرر الوحيد هم أبناء المنطقتين فبعد ما كانت هناك بريق أمل بأن المفاوضات المرتقبة ستكون الفاصلة لحل القضية تحاول الحركة بلورة قضايا جديدة ومن المؤكد أنها ستؤدي إلى وضع المزيد من العراقيل امام المفاوضات.