(( صلاح شكوكو )) الحكم هو إمبراطور الملعب .. وهو سيد الموقف .. والذي من المفترض أن نكون واثقين من قراراته طالما نحن الذين قمنا بتأهيله وإعداده من خلال الأطر المتخصصة للتأهيل .. والتي تصنع لنا قضاة للملاعب مؤهلين ولأن الحكم قاض كان لابد لهذا القاضي من هيبة وإحترام .. بل لابد له حماية مادية وقانونية . لكن الواقع يقول غير ذلك فإذا فما إنتهينا من مسابقة من مسابقاتنا الا وقد إنهالت عبارات التشكيك والهمز واللمز و التجريح والهجوم المسموم وهي موجهةً للحكام .. حتى كاد هذا الهجوم المحموم أن يهز عرش القضاء الرياضي ويجعل من شخصية الحكام مطية للسخرية والتجريح والتشكيك .. و الغريب في الأمر ان هذه الظاهرة عامة في كل البلدان العربية رغم أن بعض حكامنا قد نجحوا في إدارة اكثر المباريات حساسية في نهائيات كرة القدم العالمية ... إذن أين تكمن العلة في الحكام ؟؟ أم في أسس إختيارنا لهم ؟؟ أم في برامجنا .. أم أنها في تصوراتنا المحكومة بالحمية والعاطفة والتجزب لناد معين ؟؟ و التي ما باتت ترى الأشياء الا من خلال إنتماءاتها الضيقة .. فالحكم سيء طالما لم يحكم بنا نريد .. والحكم مرتش إن لم ننتصر !! وعبارات كثيرة نشنها تجاههم بلا هوادة ... فهل يستحقون كل هذا ؟؟ والحكم كما نعلم هو العمود الفقري لإنجاح المنافسات الرياضية وهو أهم عناصر اللعبة .. وهو يؤدي دوره هذا وفق قانون خاص يحقق أهداف اللعبة في المتعة والإثارة والتحدي .. والحكم في ذلك عنصر محايد يسعى بكل ما أوتي من جهد للنجاح في مهمته ... ولا يعقل أن نتخيل أن حكما ما .. يريد يكون سيئاً في أداءه .. او أن يقال عنه متحيز . والتحكيم في حد ذاته ليس أمرا سهلا كما يتخيل الكثيرون .. ذلك أن الحكم قاض فوري يصدر أحكامه بصورة مباشرة بعد الحدث ولو تأخر لوصف بالإهتزاز .. بل يصدر أحكامه دونما ( تداول أو مشورة ( الا ما كانت معاونة من المساعدين حتى هذه إختيارية ومقيدة بالخطوط الجانبية ونحوها . وتصدر تلك الأحكام في ملعب مليء بالجمهور الذي يمثل مختلف فئات المجتمع بدءاً بالعلماء والقضاة وإنتهاءً بالعوام ... وكل قرار يصدره يجد معارضة فلسفية هنا أو هناك .. حتى أصبح الإعتراض في حد ذاته هواية يمارسها الكثيرون حباً في الظهور أو وسيلة من وسائل التعبير عن الذات طالما كان ذلك لا يشكل مخالفة يعاقب عليها القانون . قد يتخذ الإحتجاج من قبل الجمهور أحيانا شكلا آخر وهو الشغب .. وهذا يخرج عن إطار الخلق الرياضي القويم ومن أشكاله القذف والحصب و السب وإلقاء الحجارة ونحوها .. وهذا بالطبع سلوك لا يمت للرياضة بصلة . وهناك نوع آخر من الإحتجاج يمارسه اللاعبون داخل الملعب بالاحتجاج على قرارات الحكام في كل شاردة وواردة بينما يقابل ذلك أحيانا بخطأ آخر من قبل الحكام حيث يقوم بعضهم بمحاولة تبرير قراراتهم للاعبين حتى أضحى الإحتجاج هواية يمارسها اللاعبون دونما حرج ليدخل الإحتجاج دائرة الفعل المألوف في غياب الردع والحسم من جانب الحكام . والغريب أن إدارات الأندية نفسها لاتجد حرجا في الدخول في هذه المتاهة .. فبدلاً من أن تدرك هذه الإدارات أن هذا الصراع لا طائل منه وأن الإحتجاج سبيله القانون وأن يكون الإحتجاج على تطبيق القانون وليس شخصية الحكم نجدهم قد أعانوا وشجعوا اللاعبين على هذا النهج حتى أصبح سنة شائعة بين الجميع . والحكم رغم هذه الأحوال التي يدركها مسبقاً إلا انه يسعد بدوره الذي يؤديه ولا يعبأ بتدعياته .. لأنه يزاول دوره بدافع من الحب والمتعة والتجرد حيث يسعى دوما للنجاح والظهور بمظهر الحكم العادل من خلال سعيه الدائم للإبتعاد عن الخطأ بقدر الإمكان ... فنجده لذلك يمارس جملة من التمارين الرياضية التي تمده باللياقة البدنية و الذهنية التي تتيح له أكبر قدر من التركيز والإنتباه والتواجد حيثما تكون الكرة . والحكم كغيره من الناس فرد عادي يتفاعل في المجتمع كسائر الناس يعايش ضغوطات الحياة ومغالباتها وتأثيراتها النفسية والعصبية من خلال تقلبه مع أوجه الحياة المختلفة . وهذا الإمبراطور ترصد أداءه لجنة فنية خاصة تراقبه باستمرار وترصد أخطاءه المؤثرة وترفعها الى الجهات المختصة لإتخاذ ما يلزم تجاهه .. وهو بذلك محاط بالسنة الناس واقلام النقاد والمراقبين ... لكن الخطأ الذي تقع فيه بعض الإتحادات دائما هو عدم إختيار الحكم المناسب لكل مباراة .. ولكي يحقق الحكم النجاح المنشود كان لزاماً عليه أن يهتم ببعض الإمور الأساسية وهي :- * المحافظة على اللياقة البدنية . * الإستعداد للمباريات التي يديرها قبل وقت كاف . * عدم تعاطي المواد التي تؤثر على الأ داء والإنتباه . * مراجعة القانون بصورة دورية ومتابعة التعديلات التي ترد فيه وتطبيقها في تمارينه . * الإشتراك في المناقشات القانونية التي تحلل أداء الحكام في إطار لجان التحكيم . * متابعة أداء الحكام الآخرين من خلال التسجيلات الخاصة بالمباريات الدولية . * الثقة في النفس . وكل بني آدم خطاء .... * صلاح محمد عبد الدائم ( شكوكو )