الخرطوم (smc) التكلفة العالية للمشروع تثير الأسئلة واحتجاجات بين وزراء حكومة الجنوب الشركة المنفذة تمنح الأفضلية للعمالة الأجنبية والكوادر الكينية تمنح الأفضلية ! في عام 2001, في جنوب السودان تم تطعيم 20.000 طفل عمرهم أقل من خمس سنوات من مجموع ما يقرب من 34.000 طفل كما جرى تطعيم 8.172 طفلاً ضد شلل الأطفال من خلال حملة قومية للقضاء على هذا المرض وإعطاء 7.150 استشارة لنساء حوامل من مجموع 34.000 سيدة كانت تلك أرقام مبشرة بعهد صحي في الجنوب مع تباشير مرحلة السلام خاصة أن تحدى أوضاع الخدمات الصحية كان تحديا كبيرة يواجه طرفي الاتفاقية إجمالا وحكومة جنوب السودان على وجه التحديد وزارة الخدمات الصحية فى الحكومة الوليدة فى منطقة عانت لسنوات وعقود من الحرب وعانت لفترات مضاعفة من أثارها الجانبية خاصة فى الشق المتعلق بالخدمات المصوبة نحو المواطنين فى مجالات الصحة . الجنوب أوضاع صحية مأساوية : قبل عدة أشهر وفى مطلع هذا العام نبه تقرير أعده خبراء من السودان بمعاونة نظراء من وكالات الأممالمتحدة إلى خطورة أوضاع السكان الجنوبيين في مخيمات اللجوء في الدول المجاورة وفي معسكرات النزوح الداخلية وعلى وجه التحديد في المناطق التي تقع تحت سيطرة الحركة الشعبية لتحرير السودان أبان الحرب ، وحذر التقرير من استمرار بؤس "الأوضاع الحياتية والمعيشية" لسكان تلك المناطق "رغم توقف دوي المدافع"، وأورد التقرير الذي سُلم للحكومة وللمانحين أرقاماً "مرعبة" عن حالة البسطاء الذين شردتهم الحرب، وعن معدلات الفقر المتصاعدة وتدني مستويات التعليم وتكاثف الأمراض المستوطنة، ويتفق ما جاء في التقرير مع ما تنادي به الحكومة المركزية والحكومة الإقليمية في الجنوب من ربط لمستحقات السلام بإيفاء المانحين بتعهداتهم التي بلغت 4.5 مليار دولار ، حيث أرجع التقرير انتشار الفقر وتفاقمه وتراجع المستويات الحياتية للسكان في الجنوب والأقاليم المجاورة له إلى الحرب الأهلية التي امتدت لخمسة عقود، وعن مستويات سوء التغذية قال التقرير إن نسبة الأطفال دون الوزن " أطفال أقل من 5 سنوات" بلغت 48% " ونسبة الأطفال "تحت الوزن" بلغت 21% "تصنف علميا أنها ظاهرة حادة ومثيرة للقلق الشديد" ، أما تفشي ظاهرة توقف النمو " الطول في مقابلة العمر لدي أطفال أعمارهم تقل من 5 سنوات" فبلغت نسبتها 45%، ونسبة الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات ويعانون من سوء التغذية " wasting " فبلغت % 21.5 .وحسب الإحصائيات الواردة في التقرير يقدر أن 1.76 مليون من السكان في جنوب السودان سيكونون في حاجة إلى مساعدات غذائية هذا العام ، وذكر انه تم تسجيل أسوأ معدلات لسوء التغذية العالمية للذين تقل أعمارهم عن خمس سنوات بنسبة 30% في بحر الغزال وأعالي النيل وبقيمة غذائية قطعية تصل إلى 39% أما مقاييس سوء التغذية في جنوب البلاد فقد تدرجت ما بين 8% و6% وحسب التقرير فان النسبة العالية للوفيات للرضع والأطفال تعزى في الغالب لعدم مواكبه الرعاية الصحية الأولية في نطاق التغطية أو التأهيل الضعيف للكوادر الصحية ونقص المعرفة لدي مقدمي الرعاية الصحية التقرير بشكله ذلك فتح بوابات الأسئلة أمام ضرورات اطلاع حكومة جنوب السودان بترتيب أمر إنشاء خدمات صحية ومستشفيات بالجنوب مع دخول اتفاقية السلام حيز التنفيذ والشروع في إنفاذها عمليا على الأرض عبر تكوين المؤسسات المختلفة وفى مقدمتها حكومة جنوب السودان . شرعت حكومة جنوب السودان بالفعل في طرح مشروع لإنشاء مستشفيات بالجنوب حددت له مدة عامين كحد أقصى ليكون التسليم قد اكتمل لتسليم مستشفيات جديدة إضافة إلى إدارة تلك المستشفيات والعيادات لفترة الثلاث أو الخمس سنوات لكن سير التنفيذ حالياً في ذلك المشروع يؤكد عدم الإيفاء بذلك وان وراء الأكمة ما ورائها . شركة نور ميكة (Normeca تعود بداية قصة مشروع المستشفيات إلى مذكرة تفاهم (MOU) التي مهدت لقيام المشروع في يونيو 2006م ، وكانت مصاحبة لزيارة ومشاركة وزير الصحة في حكومة الجنوب في مؤتمر ناقش إستراتيجيات درء الكوارث والتدخل السريع نظمته شركة نورميكة في مدينة أوسلو ، وفي سبتمبر من العام نفسه وقع عقد المشروع في جنوب السودان ما بين الوزارة والشركة . كان محفل التوقيع بمثابة المرة الأولى التي يتم فيها الإشهار والإعلان عن المشروع داخل الوزارة وخارجها والمشروع لمستشفيات الذي تعتزم شركة نور ميكة (Normeca) النرويجية إقامته في جنوب السودان فيما تملك المشروع وزارة الصحة (MOH) لحكومة جنوب السودان (GOSS) وبعد مرور نحو العام من التوقيع برزت عدة ملاحظات أكدت مصادر ان أخطرها الكلفة الباهظة للمشروع ، إذ يكلف مبلغ 150 مليون دولار تقريباً ، وهو مبلغ لا يتناسب وطبيعة ونوعية التصنيع فالجزء الأكبر من المشروع يبنى على أساس شبه ثابت مكون من (الكونتينرات والبريفاب) ، ومن ناحية أخرى فالبناء المؤقت ليس ما تحتاجه الولاياتالجنوبية معضلة أخرى تواجه المشروع وفجرت خلافات بشأنه وتتعلق باعتراض وتحفظ كثير من الوزراء في حكومة جنوب السودان على المشروع الذين اتهموا متخذي قرار إنشائه بالانفرادية في القرار ، وعدم أخذهم في الإعتبار للسياسيات الموضوعة من قبل الوزارة وقائمة أولويتها ، فميزانية المشروع وكلفته من ميزانية الوزارة مباشرة ولم ينفذ المشروع بالسرعة التي عرض نفسه بها في أول الأمر ، فالمستشفى الأول والذي كان من المقرر له أن يفتتح في منتصف فبراير لا تشير الأمور إلى ان سيكتمل هذا بالإضافة لصعوبات الطريق والتنقل في البلاد خاصة في فصل الخريف. خاص للكوادر الكينية : من أهم ركائز ايجابيات المشروع حال قيامه على حال إسهامه في تدريب الكادر المحلي ، واستقطاب الأطباء السودانيين من خارج البلاد لتشغيل المستشفيات ، ولكن ما تم غير ذلك اليوم فالغالبية العظمي من العاملين الذين تم اختيارهم للمستشفيات من الكينيين والإثيوبيين وغيرهم ورفضت الشركة العرض التي تقدمت به وزارة الصحة الإتحادية بالدعم بالكوادر الصحية من الشمال وادعت خوفها من عدم قبول الوزارة الجنوبية لأي مساعدات من الشمال ، وفضلت الشركة العمالة الكينية وغيرها بدعوى تأهيلها الأعلى من السودانيين خاصة في المهن دون الأطباء هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى قلة مصاريف الأطباء غير السودانيين ! إجراءات خاطئة وشهادة نرويجية : سبق أن وجه السفير النرويجي في الخرطوم السيد (فيتشوف) انتقادات لتوقيع الشركة النرويجية للعقد مع حكومة جنوب السودان ، والعقد سيتم بموجبه توفير مستشفيات متحركة وبناء أخرى ثابتة في جنوب السودان ، وأشار السفير في انتقاداته إلى أن العقد الموقع بين الشركة وحكومة جنوب السودان اكتنفه الغموض ، ولم يتم من خلال تقديم عطاءات ، وانفردت الشركة في مصداقية الحكومة النرويجية أمام حكومة السودان بشأن المشروعات الشبيهة ، وبشأن الالتزامات الأخرى . أن كثير ما يثير القلق ألان حول مشروع المستشفيات الثابتة أو المتحركة التي تعتزم الشركة تنفيذها وهو اعتزام فيما يبدو وحده يحتاج إلى أعوام ناهيك عن الشروع العملي في التنفيذ أكثر ما يثير الجنوبيين ألان أن يكون المستشفى جزءا من صراع سوء الإدارة إن لم نقل الفساد الذي فشي في الأوساط المختلفة