* مايكل غيرسون * عن "الشرق الأوسط" السعودية أصبح الأمريكيون يشعرون بالبرد والضعف, بعد مشاعر التعاطف التي كسبوها على المستوى العالمي إثر هجمات 11 (أيلول) الإرهابية وما أعقبها. فالمشاعر المعادية للأمريكيين ارتفعت منذ عام 2002 في أكثر أنحاء العالم حسب منظمة مشروع بو للتصرفات العالمية, وهذه الزيادة تتركز بشكل خاص في المجتمعات ذات الأغلبية المسلمة في الشرق الأوسط وآسيا, على الرغم من بقاء شعبية أمريكا قوية إلى حد ما في بلدان مثل الهند واليابان وأمريكا اللاتينية وأفريقيا. ولا بد لأمة كان مؤسسوها يحثون على احترام وجهات نظر البشرية أن تشعر بالقلق حينما تصبح الآراء ضدها قوية. وهذا الضرر جاء بشكل جزئي من فضيحة سجن أبو غريب والوضع المزري في سجن غوانتنامو. كذلك يأتي الدعم الأمريكي لإسرائيل مصدرا للغضب العالمي, خصوصا في المجتمعات التي ترى أن مكان إسرائيل هو قاع البحر المتوسط. ويمكن القول إن نفاد صبر المجتمع الدولي لا يطالب بتخلي أمريكا عن العراق, بل بمغادرة أمريكا والناتو لأفغانستان. وبعض من هذه المشاعر الحانقة تعكس لحظة مختلفة عما كانت عليه في عام 2002 . إنه من السهل كسب التعاطف باعتبارك ضحية, لكن من الصعب كسبه حينما يكون تحركك على أساس مصالحك الخاصة. وبغض النظر عن إعاقة المعاداة لأمريكا لتجميع الدعم لمجموعة من السياسات ابتداء من معارضة انتشار أسلحة الدمار الشامل, إلى حماية المدنيين في دارفور, فإن هناك حاجة لمبادرات أمريكية تهدف إلى كسب الثقة والاحترام في العالم. مع ذلك اختار الكونغرس هذه اللحظة لنسف أكثر الجهود الأمريكية الهادفة إلى بناء الجسور مع العالم منذ تأسيس فيلق السلام. فتعاونية تحدي الألفية مخصصة لتشخيص الدول التي من المرجح أن تستخدم المساعدة المالية بشكل عقلاني, مثل الدول الملتزمة بالديمقراطية وإصلاح الأسواق الحرة ومحاربة الفساد, والعمل معها كشركاء في المشاريع لمحاربة الفقر وتشجيع النمو الاقتصادي. أما البلدان التي تراجعت عن الإصلاح والإدارة السليمة فإن المساعدات تقطع عنها, وهذا يكون مصحوبا عادة بقدر من الإذلال وأحيانا إعلان التوبة. بعد بداية بطيئة تمكنت تعاونية تحدي الألفية من عقد اتفاقات مع 13 دولة. لكن أثناء جلسة فطور جرت معه, كان السفير جون دانيلوفيتش الذي يرأس هذا المشروع في حالة حيرة عميقة. إذ كشفت لجنة الاعتماد في مجلس الشيوخ, والتي تضم الحزبين الحاكمين, عن قصر نظر حينما خفضت ميزانية هذه المؤسسة من 3 مليارات دولار إلى 1.2 مليار دولار, وبذلك وضعت كل المشاريع المستقبلية موضع الشك. تساءل دانيلوفيتش: لماذا؟ هل يريدون أن يقوضوا سياسة خارجية فعالة؟. كان دانيلوفيتش خاليا من التحفظات كي يلتقي بشخصيات محسوبة على خصوم الولاياتالمتحدة, مثل الرئيس دانييل أورتيغا وديكتاتور فنزويلا هوغو تشافيز, وتمكن من جذب رئيس نيكاراغوا أورتيغا من خلال وعود بارعة في تقديم المساعدة لدولته. ووفر هذا البرنامج مكافآت ملموسة للإصلاح في العالم المسلم, فالرزمة المخصصة للمغرب على وشك أن يعلن عنها خلال هذا الشهر. والأردن يعمل من أجل الوصول إلى اتفاق مع تعاونية تحدي الألفية. وحينما علقت المساعدات عن اليمن من قبل هذه الوكالة عام 2005 قامت الحكومة اليمنية بسلسلة من الإصلاحات لمكافحة الفساد, سعيا لكسب المساعدة من جديد. ويسمي دانيلوفيتش هذه المسألة أثر الإم. إم. سي. ففي ليسوتو منح البرلمان النساء المتزوجات الحق في الحصول على أراض كانوا سابقا من صغار ملاكها, لتأهيلهن للحصول على إعانة الإم إم سي, فيما سرحت جورجيا 15 ألفا من رجال الشرطة ممن مارسوا الفساد. وعندما كنت أعمل في البيت الأبيض, قال لي وزير مالية إحدى الدول الأفريقية الباحثة عن موارد للإم. إم. سي مرة: ظللت أخبر الآخرين في حكومتي أن علينا القيام بما هو أفضل لمحاربة الفساد, وعلينا أن ننافس. والى ذلك, فقد كشف نفس استطلاع بيو عن تنامي العداء لأمريكا, عن أمر أكثر أملا, حيث تقع ثمان من عشر دول أفريقية مفضلة لدى أمريكا في العالم في أفريقيا جنوب الصحراء, وهنا, فليس من قبيل المصادفة أن مساعدات أمريكا الثنائية لدول أفريقية لمحاربة الإيدز والملاريا والفقر قد تضاعفت خلال السنوات الست الماضية إلى أربعة أضعاف. وقد جرت العادة أن لا يكرهك الناس حينما تنقذ أطفالهم. والى ذلك فالتخفيضات التي أجراها الكونغرس على تمويل الإم. إم. سي ستلقي بأثرها على الاتفاقيات مع الدول الأفريقية أولا, فقد تقلل تنزانيا وربما تلغي بوركينا فاسو كليا, وتفقد أمريكا قدرا كبيرا من حسن نواياها, فيما تحتاج أمريكا إلى أدوات تأثير غير أدوات الحرب هذه, وحينما نمتلكها, علينا ألا نلقي بها كأوراق اللعبة وبإهمال.