الخرطوم(smc) في يناير من العام 2006 ارسل الرئيس الليبي معمر القذافي طائرة خاصة حطت بمطار ابوجا دون سابق أي رصد لها من قبل رادار المفاوضين من الحركات المسلحة بفندق شيدا مقر المفاوضات، وبدأت حركة نشطة في الفندق عكس الروح التي كانت تسود فيه بسبب جمود مواقف الاطراف التفاوضية المختلفة، ونشطت الاتصالات بعدها عبر أجهزة الثريا، التي لم تكلف زمنا كثيرا مع قادة الحركات المسلحة حتى فكرت الاطراف المعنية بالصعود على الطائرة للتوجه لطرابلس. نزل مناوي من جناحه بالفندق باكرا يمشي مسرعا كعادته ومن خلفه عدد من مستشاريه وقادة وفده التفاوضي، وتبعهم من بعد ذلك وفد حركة العدل والمساواة التي كان رئيسها آنذاك خليل ابراهيم متواجدا بتشاد.. إلا إنه استطاع ان يحل بطرابلس قبل أن يأتي مناوي ومجموعته من أبوجا. اسئلة كثيرة دارت في أذهان الكثيرين من قادة الحركات المسلحة أنفسهم، ماذا يريد القذافي، دعماً ام تحريضاً ام ضغطاً؟ هل.. هل... عبد الواحد محمد نور المنشق عن مناوي ظل يراقب كل ذلك السيناريو من خلال جهاز (اللاب توب) وكأن الأمر لا يعنيه، حينما سألته عن عدم السفر الى ليبيا مع قادة الحركات الاخرى رد من غير ان يتردد وبلا مبالاة ان حركة تحرير السودان لم تصلها اية دعوة للذهاب الى طرابلس ولم يزد!!. استدركت من خلال حديثه أن هناك غبناً من ناحيته تجاه القذافي وسرعان ما استدركت الدور الذي لعبته طرابلس في اقامة مؤتمر حسكنيتة في اكتوبر 2004 الذي تم فيه عزل عبد الواحد عن رئاسة الحركة وانتخاب مني اركو مناوي. من هنا يتضح الدور الكبير الذي لعبته ويمكن أن تلعبه طرابلس في قضية دارفور رغم محاولات كثير من الذين يريدون للعلاقات بين السودان وليبيا ان تتوتر من خلال إقحامها في الصراع بدعم طرف دون الآخر. كما هو في الأزمة التي وقعت أخيرا حينما تدخلت السعودية ووقعت اتفاق الجنادرية بين الرئيس البشير وادريس ديبي. اذاً هناك دور يجب على القذافي لعبه من خلال علاقاته الممتدة مع الحركات المسلحة، لكن الى أي مدى يتمدد ذلك الدور وما مدى إمكانية أن تنجح طرابلس في إيجاد تسوية لقضية دارفور في ظل التدافع الاقليمي والدولي من ناحية، وقبول الحركات المسلحة ورفضها من ناحية اخرى لطرابلس كمقر للتفاوض كل بحسب مصالحه الخاصة..؟ اللواء (م) عبد الله علي صافي النور القيادي بالمؤتمر الوطني وعضو وفد مفاوضات ابوجا أكد أن ليبيا مؤهلة تماما لإستضافة مفاوضات دارفور وقال إنها لم تغب قط عن ملف دارفور منذ إندلاع الازمة، وأضاف إنها كانت حاضرة في انجمينا وأبوجا كشريك او وسيط واضاف إن حركات عديدة لديها اليوم اتصالات مع طرابلس. وعزا صافي النور رفض عبد الواحد وبعض الحركات الأخرى استضافة طرابلس للمفاوضات بأن الحركات المسلحة للخلافات الكبيرة بين الحركات وقال لا يمكن في يوم من الأيام ان تتفق مكتملة على قضية، وانتقد صافي النورعبد الواحد ووصفه بأنه ليست له ارادة وانه مسيّر من قبل جهات عديدة -لم يشر اليها-وزاد ليس لديه رأي واصابه شئ من الغرور ويتحدث عن اهل دارفور كأنه وصي عليهم، وختم صافي النور حديثه باليأس عن أي دور ايجابي لعبد الواحد حتى وان كان حاضرا للمفاوضات. رؤية صافي النور التي امتدح فيها ليبيا خالفتها رؤية كبير مفاوضي حركة تحرير السودان ووزير الدولة بمجلس الوزراء عبدالرحمن موسى الذي اعرب عن اسفه لعدم مشاورة مكونات حكومة الوحدة الوطنية سواء من الحكومة او الأممالمتحدة للاتفاق على مقر المفاوضات. ورحب عبد الرحمن موسى في نفس الوقت بالفكرة باعتبارها السبيل الوحيد لتسوية وانهاء النزاع في دارفور، الا انه عاد وقال ان طرابلس ليست المكان الامثل للمفاوضات باعتبار ان كثيراً من الحركات المسلحة لديها تحفظات تجاه ليبيا، وقال إن قضية المكان في أي مفاوضات تعتبر واحدة من اهم القضايا التي يجب الاتفاق عليها من الاطراف كافة. الاتحاد الافريقي الذي كان راعيا لكافة جولات التفاوض السابقة تحفظ عن الخوض في تفاصيل مكان وزمان المفاوضات. وقال نور الدين المازني المتحدث باسمه ان مشاورات اروشا التي شاركت فيها معظم الحركات المسلحة ومن خلال استبيان اتضح ان الجميع هناك يوافقون على عقد جولة المفاوضات باحدى دول الجوار. وقال نعتقد ان الفرصة مواتية اكثر من اي وقت مضى لتحقيق السلام في دارفور، الا انه استدرك قائلاً: نقدر حجم التحديات التي يمكن تجاوزها بالتعاون مع اطراف القضية خاصة وان المجتمع الدولي وضع ثقله في القضية وهو المطلب الذي كانت تنادي به الحركات المسلحة من قبل بأن تُولي الاممالمتحدة الملف رعاية تامة. وقال ان الاطراف اذا ما تعاونت ستتمكن من التقدم لان كل تأخير يزيد المعاناة واضاف لابد من اغتنام الفرصة. ودعا المازني عبد الواحد للتجاوب مع المعطيات الحالية للحاق بالعملية السلمية.اما احمد ابراهيم دريج قائد تنظيم التحالف الفيدرالى الذي انضم بنفسه الى المفاوضات أخيرا فقد اتفق مع صافي النور بأن ليبيا لها دور كبير في حل الازمة الا انه اشار الى ان هناك تحديات كبيرة تواجهها من بينها الارادة الحقيقية من كل الاطراف للوصول للسلام. اذا يبقى على القذافي ان يستخدم كل كروت اللعبة الاساسية دون ان يستهلك زمناً كبيراً لحسم القضية التي كان حاضراً في كافة ميادينها السياسية والميدانية الى ان اوصلها في خاتمة المطاف الى منطقته فأصبح حاضراً فيها من اي وقت مضى.