تناولت وسائل الإعلام انباءًا حول أقرار الحزب الشيوعي بفشل تحالف قوى نداء السودان في إيجاد موطئ قدم له في مجالات العمل النقابي، مؤكداً حدوث تراجع كبير في عمل التحالفات في مجال النقابات، في وقت وجهت فيه قيادات بالحزب الشيوعي انتقادات عن عدم وجود قطاعات نقابية فاعلة للحزب في مختلف الولايات وأقرت بضعف البناء التنظيمي للحزب في مجالات العمل النقابي. وتجىء الخطوة عقب تبرؤ الشيوعي عن دعوات أطلقت بإسمه عبر مواقع التواصل الإجتماعي للتظاهر، ولم يستبعد بعض النشطاء خلال وسائل التواصل الإجتماعي أن تكون الدعوة للتظاهر التي إنتشرت عبر الوسائط الإعلامية صادرة عن الحزب الشيوعي ولكن آثر التراجع والإنسحاب خوفاً من عدم التجاوب الجماهيري مع دعوته كما حدث في العديد من المرات السابقة، إضافة لإدراكه أن التوقيت الحالي سيكون سيئاً لإطلاق مثل هذه الدعوات مع إرتفاع سقف تطلعات المواطنين بإمكانية إحداث الحكومة الجديدة التي تم تشكيلها مؤخراً لتغييرات حقيقية في الإقتصاد والأوضاع المعيشية، خاصة في ظل الجدية التي أبدتها الدولة في إيجاد حلول حقيقية لهذه القضايا. في منتصف يناير الماضي تقدم الحزب بطلب للسلطات بولاية الخرطوم للسماح له بتقديم مذكرة إحتجاج ضد القرارات الإقتصادية التي طبقتها الدولة، وتسليمها للسيد والي ولاية الخرطوم ، وهو الطلب الذي تعمد الشيوعي تسريبه لوسائل الإعلام قبل الوصول للسلطات المعنية، لإحداث الزخم اللازم حوله لكن الدعوة للخروج لم تجد الإستجابة المنشودة، وبذلك مثلت الخطوة غير المحسوبة فشلاً بائناً للرفاق بالحزب، حيث علق البعض ساخراً من الموكب الهزيل الذي سيره حينها بالقول:” هل أخطأ الرفاق الموعد أم إستعصت عليهم جغرافية وتضاريس العاصمة الخرطوم ومقر أمانة الحكومة الولائية ؟”. لم تكن الدعوة الأخيرة للخروج للتظاهر والتي تنصل عنها الحزب لاحقاً المحاولة الأولي التي يغرد فيها الرفاق بعيداً عن حلفائهم في بقية فصائل المعارضة بالداخل والخارج وقوي الإجماع الوطني، حيث تختزن الذاكرة السياسية بالسودان أحداث الإحتجاجات التي دعا لها الشيوعي بصورة منفردة بعيداً عن حلفائه في قوي الإجماع الوطني، ولكن لم يحضر في الموعد المضروب والمكان المتفق عليه إلا زعيم الحزب، الراحل محمد إبراهيم نقد، والذي كتب عبارته المشهورة “حضرنا ولم نجدكم”. ودائماً مايبرر النشطاء الملتزمون بالخط السياسي والتنظيمي للحزب الشيوعي لجؤهم للعمل المنفرد بعيداً عن كيانات المعارضة الأخري بالخلافات والملاسنات والمهاترات التي تتسم بها الإجتماعات التنسيقية لأحزاب المعارضة وتباين المواقف وتباعد الأفكار والرؤي، فضلاً عن سيطرة الأطماع الذاتية والأجندة الحزبية علي مجمل العمل المعارض، وهو ما يؤثر بصورة كبيرة حسب هؤلاء النشطاء علي الخط السياسي والأوضاع عموماً وسط قوي الإجماع الوطني وقوي نداء السودان، كما نبه هؤلاء النشطاء أن جميع الكيانات الحزبية والحركات المسلحة المتحالفة معها في نداء السودان أو قوي الإجماع الوطني، تعيش حالة من الإنقسامات والضعف السياسي البائن، مما جعلها عاجزة عن تطوير آلياتها للتعامل مع المتغيرات المتسارعة في المشهد السياسي السوداني. فيما يري آخرون من خارج دائرة الإلتزام التنظيمي للحزب الشيوعي أن الحزب نفسه يعيش حالة من الإنقسامات والتنافس الحاد بين الجيل القديم والأجيال الجديدة التي دائماً ما تصطدم تطلعاتها للقيادة ب “هيمنة القيادات التأريخية”، ووصلت حالة الإنقسامات بالمطالبة بتنحي كل الجيل القديم من الرفاق. لذلك يبرر العارفون بخبايا الحزب حالة التخبط التي يعيشها حالياً بأنه أصبح عبارة عن “جزر معزولة” تسيطر علي بعضها ما أطلقوا عليه أوهام القيادات التأريخية بتطبيق المشروع الإشتراكي الذي لفظه مؤسسوه ببلاد المنشأ، فيما تسيطر علي البعض الآخر تطلعات الإندماج مع الليبرالية الغربية في نسختها الحديثة والخروج عن كل الثوابت والأدبيات الإشتراكية التي سيطرت علي مجمل الحراك الحزبي في الفترات والحقب السياسية السابقة.