يبدو أن المشكلات داخل حركة العدل والمساواة المتمردة لن تنتهي بسهولة، بدأت بتواجد الحركة في ليبيا بالمشاركة في القتال بحماس منقطع النظير إلي جانب “كتائب القذافي” أثناء الثورة الليبية، بالتنسيق مع بعض القبائل وذلك فيما وصف بالصفقة بين القذافي وقائد العدل والمساواة حينها خليل إبراهيم، للمساعدة في إيقاف زحف الثوار علي المدن الليبية، مقابل الحصول علي الأموال والأسلحة، ومشاركة الحركة أيضاً في الإضطرابات والفوضي عقب الفراغ الأمني الذي شهدته ليبيا بعد الثورة، مستفيدة من الأموال التي حصلت عليها نتيجة هذا الإرتزاق، ثم مشاركتها حينها في الصراع الدائر في مدينة الكفرة جنوب شرق ليبيا إلي جانب مكون “التبو” في محاربة قبيلة الزوي التي تستوطن مدينة الكفرة. إلا أنهم إنطبق عليهم المثل الشائع “دوام الحال من المحال” فبعد إنتشار عمليات الخطف والنهب وظواهر السلب والإعتداء علي المواطنين الآمنين بجنوب ليبيا، في الآونة الأخيرة، سارعت مجموعات قبائل “التبو” بالجنوب الليبي الممتدة علي الحدود مع تشاد والنيجر وشمال غربي السودان، بتوجيه الإتهامات المباشرة لحلفائهم السابقين مرتزقة العدل والمساواة المتمردة بالضلوع في تلك الجرائم بالتعاون مع العديد من الجماعات المتفلتة، التي حولت الجنوب الليبي إلي ساحات مفتوحة للصراعات المسلحة التي تتحكم فيها منطق القوة والنفوذ القبلي. وأكدت مصادر ليبية كثيرة، أبرزهم رئيس الكونغرس التباوي عيسي عبد المجيد، إنتشار تلك العصابات علي مسافات واسعة علي شريط الحدود الجنوبية لدولة ليبيا، مما إستدعي قيام التحالف القبلي الجديد بالجنوب الليبي، المكون من قبائل التبو والقبائل الأخري في المنطقة لمواجهة إنتشار الجريمة في المنطقة، خاصة من الجماعات التي إستفادت من الفوضي التي ضربت ليبيا بعد زوال حكم القذافي. وأوضح ممثل قبائل التبو بأن كل المكونات القبلية بالجنوب الليبي أصبح أفرادها ضحايا لهذه الجماعات الإجرامية، التي تعمل بالتربح من تهريب البشر والسلاح والمخدرات والوقود. ولم يكن التحالف الأخير لقبائل الجنوب هو التحذير الأول من هذه الجماعات، ولكن تقارير لمنظمات إنسانية ومنظمات الأممالمتحدة كلها أشارت بصورة واضحة للأعمال الإجرامية والإنتهاكات الجسيمة التي تمارسها هذه الجماعات المتفلتة خاصة بعد طردهم من إقليم دارفور بفضل الجهود العسكرية والأمنية للجيش السوداني التي أضعفت من القدرات العسكرية للحركات المتمردة في المنطقة، مما دعا عناصر هذه الحركات للإتجاه لممارسة عمليات النهب المسلح والسلب بجانب المشاركة في الجريمة المنظمة عبر الحدود السودانية الليبية فضلاً عن الممارسات والخروقات التي أدخلت الرعب في نفوس المواطنين بمناطق النزاع طوال السنوات الماضية. ونبه عيسي عبد المجيد إلي أن هذه المجموعات لديها عتاد وعربات وأسلحة وهو مايشير إلي أنها لاتعتمد علي التهريب فقط، وإنما تنشط هذه القوات أيضاً في إرتكاب العديد من الفظائع والإنتهاكات ضد المدنيين العزل، فضلاً عن مشاركتها في أنشطة المرتزقة وأنشطة النهب والإختطاف من أجل الفدية والإتجار بالبشر في ليبيا، وناشد عبد المجيد كل القبائل بالجنوب الليبي لدعم الكتائب التي تحارب تلك العصابات التي تمارس ما أسماه بالجرم والحرابة في جنوب ليبيا. وفي اوقات سابقة أكدت مصادر ليبية متطابقة أن عناصر الحركات الدارفورية التى تنتشر في الآراضي الليبية وتتحالف مع بعض الأطراف المتتصارعة في ليبيا، قد تورطت فى العديد من التجاوزات الخطيرة، حيث قامت بالمشاركة بنبش القبور والتصفيات الميدانية، كما إتهمت منظمات حقوقية بعض الأطراف اليبية والجماعات الدارفورية المقاتلة بإرتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وكان الامين العام للأم المتحدة أنطونيو غوتيريش قد أكد أكثر من مرة أن مسألة الجماعات المسلحة الأجنبية في ليبيا تشكل عاملاً مزعزعاً للإستقرار في ليبيا، خاصة بعد الإشتباكات بين أفراد من قبيلة التبو الليبية والجماعات المتمردة الدارفورية. بالرغم من أن التحالف القبلي الجديد في الجنوب الليبي يسيطر بشكل فعال علي جزء كبير من المناطق الحدودية التي تمتد من واحة الكفرة إلي جنوب سبها، إلا أن المراقبين يخشون من تأثير الخلافات الليبية بين حفتر في بنغازي والحكومة الليبية في طرابلس علي تماسك هذا التحالف القبلي نسبة لتنازع الولاءات لقبائل الجنوب، حيث يوصف التبو بأنهم أقرب للمشير خليفة حفتر، في حين تعتبر القبائل الأخري في الجنوب كالطوارق وفزان والكفرة أكثر قرباً من حكومة طرابلس.