درجت جامعة الخرطوم على إقامة مؤتمرات علمية لمناقشة القضايا الوطنية سواءً كانت سياسية او اقتصادية وذلك من منطلقات تاربخية في استطصحاب المتغيرات في الساحة ووضع حلول علمية من قبل المفكرين والمثقفين بالبلاد. واستكمالاً لهذا الدور عقدت الجامعة مؤخراً ما اطلق عليه مؤتمر اركويت والذي خصص هذا العام لمناقشة المشاكل الاقتصادية التى صاحبت البلاد منذ مطلع العام وجاء المؤتمر الذي تم فيه تقديم اثني عشر ورقة عمل تحت عنوان(المشكل الاقتصادي السوداني الراهن). وتقدمت خلال المؤتمر ورقة عمل بعنوان “تكلفة الضعف المؤسسي على الأداء الإقتصادى فى السودان” والتى دعا خلالها بروفسيور اونور احمد اونور الى استهداف عدد من المؤشرات عند تنفيذ خطة أو إستراتيجية إصلاح مؤسسى للدولة على رأسها ضعف فعالية الحكومة الذى يتطلب تقوية اجهزتها الرقابية لتنفيذ ومتابعة قرارات الدولة، مشيراً الى ان الامر قد يتطلب إنشاء مفوضية، بجانب مؤشر بسط العدالة وإعلاء سيادة القانون فى الدولة وذلك من خلال تقوية الأجهزة القانونية. فضلاً عن محاربة الفساد المتمثل فى إستخدام السلطة للأغراض الشخصية والعشائرية للنافذين من أصحاب السلطة. خلص مقدم الورقة الى ان الفساد الإدارى يؤثر على الأداء الإقتصادى بصورة سلبية تتراوح بنسبة 6% ، مبيناً ان مؤشر الفساد الإدارى بنسبة 1% يؤدى إلى إنخفاض الأداء الإقتصادى المتمثل فى الإنتاج الزراعى بنسبة 6%، و هذه النسبة تقدر بحوالى 4 بليون دولار سنوياً، معتبراً ان ضعف فعالية الحكومة يساهم في خفض الأداء الإقتصادى متمثلا فى الإنتاج الزراعى بنسبة حوالى 13 % والتى تعادل حوالى 8 بليون دولار سنوياً . واشار الى ان تأثير ضعف فعالية الحكومة أكبر من تأثير الفساد الإدارى لأن مؤشر ضعف فعالية الحكومة يحمل مجموعة مؤشرات أخرى مثل غياب العدالة فى تطبيق القانون أو غياب سيادة القانون وضعف الدور الرقابى للدولة متمثلا فى ضعف تخطيط وتنفيذ سيسات تطوير القطاع الخاص. واعتبر ان عدم الإستقرار السياسى يؤثر على أداء الإنتاج الزراعى حوالى 0.1 % و يعتبر غير مؤثر إحصائياً بإعتبار ان القيمة الإحتمالية أكبر من 10 % (الحد الأدنى المقبول للدلالة الإحصائية). ودعا اونور الى تنفيذ عدد من التوصيات لترسيخ مبادئ الشفافية والمحاسبة فى كافة اجهزة الدولة داعياً الى تطبيق نظام الحكومة الإلكترونية فى جميع المعاملات وتوفير وإتاحة البيانات والمعلومات عن أعمال الجهاز الإدارى فى الدولة فيما لا يضر الأمن القومى وسرية البيانات الشخصية للمواطنين. بجانب إتاحة تقارير الجهات الرقابية لأجهزة الدولة وتصميم مواقع إلكترونية لها و نشر الموازنة العامة للدولة فى شكل مبسط ومفهوم للإعلاميين. فضلاً عن إصدار قانون جديد ” أو تفعيل القانون ان وجد”لمنع تضارب المصالح للموظفين فى مؤسسات الدولة وتثبيت مبدأ إقرار الذمة، وتطوير القوانين واللوائح المنظمة لعمل الجهات الحكومية، وضبط الإنفاق الحكومى وترشيده ، والتوعية الجماهرية بشأن خطورة الفساد وتعزيز دور المواطنين فى ممارسة الرقابة الشعبية لمواجهة الفساد والإطلاع على أفضل التجارب الدولية فى محاربة الظاهرة وتطوير التشريعات والأطر الحاكمة. لم تكن ورقة “تكلفة الضعف المؤسسي على الأداء الإقتصادى فى السودان” هي الوحيدة بل انها كانت بجانب احدي عشر ورقة ناقشت جميها الوضع الإقتصادي باستفاضة و توصل المؤتمر إلى نتائج من شأنها أن تحقق فائدة كبيرة لمتخذي القرار، غير التوصية الرئيسية التي خلص إليها هي أهمية تعزيز فعالية الحكومة، ومحاربة الفساد الإداري، وترسيخ سيادة حكم القانون والإصلاح الإداري للحكم الاتحادي والولائي، مع ضبط الإنفاق العام ومراجعته وترشيده. اجمع عدد من المهتمين بالوضع الاقتصادي على ان الحلول والتوصيات التي خروج بها المؤتمر من شأنها ان تمثل بوصلة لحل قضايا البلاد الإقتصادية للبلاد، سيما اذا ما تم ايداعها على منضدة مجلس الوزراء القومي ورئيس الجمهورية والجهات المختصة.